المشهد الأخير من المسلسل الكروي القاري الطويل والماتع والمثير في آن يعرض غدا السبت بملعب لوسيل الذي يستضيف نهائي كأس آسيا بين منتخب قطر حامل اللقب وصاحب الأرض والضيافة، الساعي للحفاظ عليه، ومنتخب الأردن الطامح لكتابة قصة خيالية قارية وتدوين اسمه بين الأبطال.

ضغوط كبيرة ستكون على كاهل اللاعبين الذين يخوضون المواجهة العربية الثالثة في هذه البطولة بعد الإمارات والسعودية نسخة 1996 ونهائي 2007 الذي جمع العراق مع السعودية.

وحاول مدربا المنتخبين الاسباني ماركيز لوبيز والمغربي حسين عموتة التخفيف من الضغوطات على كاهلهم.

وقال لوبيز: “إنها مجرد مباراة في كرة القدم يجب أن نستمتع بها”. أما عموتة الذي قد يصبح ثاني مدرب عربي يتوج باللقب بعد السعودي خليل الزياني عام 1984، فقال: “إنها مباراة نهائية ولا تحتاج إلى مقدمات. نقف على بعد خطوة من تحقيق لقب تاريخي”.

وأضاف: “نستعد بشكل عادي من دون زيادة الضغوطات ونريد أن نقدم مستوى يليق بمنتخبنا. سنخوض المباراة من دون عقدة نقص”.

طريق النهائي

وطريق المنتخبين إلى النهائي لم يكن متشابها، فمنتخب قطر تصدر المجموعة الأولى بالعلامة الكاملة، إذ هزم لبنان وطاجيكستان والصين وخرج من الدور الأول بـ3 انتصارات وعدم تلقي مرماه أي هدف.

ولعب لوبيز في دور المجموعات بـ3 رسوم تكتيكية هي 4-4-2 و4-3-3 و4-5-1.

أما في الأدوار الإقصائية، فلعب بخطة 3-5-2 مع الاعتماد على سرعة وفعالية أكرم عفيف والمعز علي، واعتمادا على هذه الخطة هزم “العنابي” منتخب فلسطين 2-1، بعد أن كان متأخرا بالنتيجة بهدف نظيف، وتفوق على أوزبكستان بركلات الترجيح في مباراة كان بطلها الحارس مشعل برشم، وفاز على إيران بشكل مثير ودرماتيكي في نصف النهائي 3-2.

أما مسار “النشامى” في دور المجموعات فواجه مطبات، وأداؤه كان متذبذبا، بدأ البطولة بقوة في المجموعة الخامسة وهزم ماليزيا برباعية نظيفة، ثم فرط في الفوز أمام كوريا الجنوبية وتعادل بهدف عكسي في الوقت القاتل 2-2، وبعدها خسر أمام البحرين ليحتل المركز الثالث في المجموعة.

المغربي عموتة لعب جميع مباريات البطولة برسم تكتيكي واحد، هو 4-3-2-1 وبرأس حربة صريح هو يزن النعيمات وخلفه موسى التعمري وعلي علوان أو محمود مرضي.

وفي هذه الخطة وعبر التمريرات الطويلة للثلاثي السريع والفعال والهداف، النعيمات والتعمري وعلوان، هزم العراق في الوقت القاتل وبسيناريو هيتشكوكي في ثمن النهائي 3-2، ثم تفوق على طاجيكستان بعد أن لعب المدرب المغربي بنفس طريق الكرواتي سيغارت مدرب طاجيكستان وتفوق عليه بهدف نظيف. وبعدها كانت مواجهة كوريا الجنوبية في نصف النهائي التي لقن فيها عموتة درسا تكتيكيا للألماني يورغن كلينسمان مدرب “الشمشوم” وهزمه فنيا وفي النتيجة بهدفين بدون رد.

أبرز اللاعبين

المنتخب القطري حقق رقما قياسيا في البطولة القارية بوصوله إلى الفوز الـ13 على التوالي في نهائيات كأس آسيا، ولم يتلق مرماه في نسخة 2019 سوى هدف واحد، وفي هذه البطولة اهتزت شباكه 4 مرات، في حين سجل في هذه البطولة 10 أهداف ووقع عليها 4 لاعبين (أكرم عفيف، المعز علي، وحسن الهيدوس وجاسم جابر).

عفيف، أبرز لاعب ليس فقط في منتخب “الأدعم”؛ بل في البطولة كلها، وهو من المرشح الأبرز للفوز بجائزة الأفضل. فهو ثاني هدافي البطولة بـ5 أهداف (بفارق هدف عن أيمن حسين) وأكثر اللاعبين مساهمة بالأهداف (8 مساهمات)، كما صنع أيضا 3 أهداف لزملائه يتصدر فيها قائمة أفضل الممررين الحاسمين في البطولة.

ولديه أعلى تقييم في البطولة من أكثر من موقع إحصاءات وأعلاها حصوله على تقييم 9.8 من 10، في مباراة لبنان الافتتاحية، في حين معدله في البطولة يصل إلى 8.4، وبصمته تقريبا في كل مباراة تسجيلا وتمريرا وصناعة فهو صنع 15 فرصة كاملة، كما أنه يسجل هدفا من كل 3.4 تسديدات، كل هذه الأرقام وعمره لا يزال 27 عاما.

وسبق أن خاض عفيف، 3 تجارب في القارة الأوروبية مع فياريال وسبورتينغ خيخون الإسبانيين وأويبن البلجيكي، قبل أن ينضم إلى صفوف السد القطري في 2018.

ومن ثم يأتي المعز علي (27 عاما) هداف النسخة الماضية وصاحب 11 هدفا قاريا والذي يحتل فيها المركز الثاني في قائمة هدافي البطولة التاريخيين بعد النجم الإيراني علي دائي، حيث لم يقدم المستوى المأمول منه في هذه البطولة، فهو سجل هدفين وصنع مثلهما وقد يستطيع في المستقبل انتزاع المركز الأول من أسطورة منتخب إيران ويصبح الهداف التاريخي للقارة.

أما الحارس الأخطبوط مشعل برشم، والمرشح لجائزة أفضل حارس في البطولة، ليس بسبب أدائه أمام أوزبكستان وتصديه لـ3 ركلات ترجيح؛ بل لمجمل أدائه في البطولة وخاصة تصدياته الاستثنائية أمام إيران.

وعن إشراك لوبيز، لـ26 لاعبا في هذه البطولة حتى الآن، يقول مدرب منتخب قطر، إن “الجميع كان يستحق المشاركة وبالتالي قررنا توزيع الدقائق. بطبيعة الحال منهم من حصل على دقائق أكثر، لكن الجميع قام بدور من أجل بلوغنا المباراة النهائية”.

النشامى يطرقون باب التاريخ

في المقابل، القصة الخيالية لمنتخب الأردن مستمرة بفضل مجموعة متكاملة من اللاعبين يقودها مدرب مغربي محنك. وصحيح أن نجومية التعمري طاغية، ولكن هذا لا يقلل من جودة النعيمات ومهارة علوان والحس التهديفي العالي لمحمود مرضي.

وسجل المنتخب الأردني 12 هدفا، تناوب عليها 6 لاعبين، في مقدمتهم: التعمري سجل 3 وصنع هدفا، والنعيمات سجل 3 أيضا وصنع هدفين وسجل المرضي هدفين أيضا.

وتخبرنا هذه الأرقام أن عموتة يقدم مجموعة متجانسة يلعب فيها الجميع بروح الفريق، وليس فريق النجم الواحد، الجميع يستطيع أن يهز الشباك حتى قلبي الدفاع يزن العرب وعبد الله نصيب.

ويقول جمال محمود، المدرّب الذي منح التعمري فرصته الأولى: إن الدولي الأردني “يُعتبر مزيجا من النجمين الأرجنتينيين دييغو مارادونا وليونيل ميسي والهولندي أريين روبن، ويتمتّع بسرعة فائقة وبنية جسدية قوية، لكن الأهم من ذلك كله قدرته على الاحتفاظ بالكرة خلال السير بها بسرعة”.

ودفعت سرعة ومهارة وفعالية التعمري لاعب مونبلييه الفرنسي المرشح هو الآخر للفوز بجائزة أفضل لاعب في البطولة، والنعيمات مهاجم الأهلي القطري وعلوان مهاجم فريق الشمال القطري؛ عموتة للاعتماد على الكرات الساقطة خلف دفاع المنافسين، واعتمد على هؤلاء الثلاثة لتدمير حصون المدافعين بالتمريرات القصيرة بينهم وشن الهجمات المباغتة وهز الشباك بسرعة.

وقد نشهد منازلة تكتيكية من على دكة البدلاء بين منتخبين يعتمدان على نفس الخطة تقريبا وأسلوب اللعب عينه.

شاركها.
Exit mobile version