“كان هذا الأسبوع هو الأسبوع الذي حقق فيه الصينيون مكاسب مذهلة في مجال الذكاء الاصطناعي، وحقق الأميركيون مكاسب مذهلة بمجال الغباء البشري”، على حد تعبير كاتب في صحيفة نيويورك تايمز بمقال له حدد فيه ما اعتبرها 6 مبادئ للغباء.

وفي بداية مقاله عرّف ديفيد بروكس -وهو كاتب عمود بالصحيفة- الغباء بأنه “التصرف بطريقة تتجاهل السؤال التالي: ماذا سيحدث بعد ذلك؟ إذا جاءك شخص ما وقال لك “أعتقد أنني سأذهب في نزهة في عاصفة رعدية وأنا أحمل هوائيا نحاسيا على رأسي” فإن الغباء يرد “تبدو هذه فكرة رائعة حقا!”، فالغباء إذن هو الميل إلى اتخاذ إجراءات تؤذيك أنت وتؤذي الأشخاص من حولك”، على حد تعبيره.

وفي هذا السياق، اتهم الكاتب الإدارة الأميركية الحالية بأنها اتخذت “وابلا من الحماقة هذا الأسبوع”، مثل تجديدها التهديد بفرض تعريفات جمركية مدمرة على كندا والمكسيك من شأنها أن ترفع التضخم في أميركا.

يضاف إلى ذلك محاولتها تنفيذ تطهير واسع النطاق يشمل كل القوى العاملة على المستوى الفدرالي، دون أن تفكر جديا في تأثير ذلك على عمليات الحكومة، ناهيك عن محاولتها تجميد الإنفاق الفدرالي على برامج المساعدة، وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اللاحق بعكس هذا المسار الأخير وإلغاء ذلك التجميد.

وهذا ما يدفعنا -يقول بروكس- إلى الاعتقاد بأننا “سوف نضطر إلى تعلم الكثير عن الغباء على مدى السنوات الأربع المقبلة”، موضحا أنه لخص ما تعلمه حتى الآن في 6 مبادئ رئيسية:

  • المبدأ الأول: الأيديولوجية يتمخض عنها الخلاف، لكن الغباء ينتج الحيرة

هذا الأسبوع -يقول الكاتب- قضى الناس في المؤسسات بمختلف أنحاء أميركا بضعة أيام محاولين فهم ما يجري، وهذا ما يحدث عندما تجمد الحكومة نحو 3 تريليونات دولار من الإنفاق بمذكرة من صفحتين تبدو وكأنها من تأليف متدرب، وفقا لبروكس الذي أورد في هذا الصدد قول أستاذ الأدب الكندي باتريك مورو إن الغباء إذا كان هو المسيطر فإن الكلمات تصبح “منفصلة عن الواقع”.

  • المبدأ الثاني: الغباء غالبا ما يكون متأصلا في المنظمات، وليس الأفراد

فمن ينشئ منظمة -يقول الكاتب- يتمتع فيها رجل واحد بكل السلطة سيضطر كل الآخرين إلى تقمص أفكاره المسبقة، وسيكون الغباء هو النتيجة الحتمية، وينقل بروكس هنا قول عالم اللاهوت الألماني ديتريش بونهوفر “هذا عمليا قانون اجتماعي نفسي، فقوة أحدهما تحتاج إلى غباء الآخر”.

  • المبدأ الثالث: الأشخاص الذين يتصرفون بغباء أخطر من الأشخاص الذين يتصرفون بمكر

فالأشخاص الماكرون -وفقا للكاتب- “لديهم على الأقل بعض الإحساس الدقيق بمصالحهم الذاتية، وهو ما قد يكبح جماحهم، في حين يتجاسر الغبي على فعل الكثير، فالغباء لديه بالفعل كل الإجابات!”.

  • المبدأ الرابع: الأشخاص الذين يتصرفون بغباء لا يدركون أن أفعالهم غبية

وينطبق عليهم -وفقا لبروكس- ما يسمى تأثير دانينغ كروجر، وهو أن الأشخاص غير الأكفاء لا يمتلكون المهارات اللازمة للاعتراف بعدم كفاءتهم.

وهنا يضرب بروكس مثالا بمحاولة بعض مسؤولي إدارة ترامب إقالة الموظفين الحكوميين الذين قد لا يكونون موالين لهم ولكن لديهم معرفة هائلة في مجال تخصصهم وتوظيف مقربين من حركة “أميركا أولا” الذين غالبا ما يفتقرون إلى المعرفة أو الخبرة في المجال.

  • المبدأ الخامس: مقاومة الغباء أمر شبه مستحيل

وهنا يورد الكاتب قول بونهوفر “إننا في مواجهة الغباء لا نملك أي وسيلة للدفاع عن أنفسنا”، ولأن الأفعال الغبية لا معنى لها فإنها تأتي على نحو مفاجئ في أغلب الأحيان، والحجج المعقولة لا تلقى آذانا صاغية، كما يتم تجاهل الأدلة المضادة، ويحكم على الحقائق بأنها غير ذات صلة بالموضوع.

  • المبدأ السادس: نقيض الغباء ليس الذكاء، بل العقلانية

يورد بروكس هنا تعريف عالم النفس الأميركي كيث ستانوفيتش العقلانية بأنها القدرة على اتخاذ القرارات التي تساعد الناس على تحقيق أهدافهم.

ويقول بروكس إن الناس الواقعين تحت قبضة العقلية الشعبوية يميلون إلى احتقار الخبرة والحكمة والتجربة، وهي المكونات المفيدة للعقلانية.

وقد اتضح أن هذا من شأنه أن يجعل بعض الشعبويين على استعداد لتصديق أي شيء- نظريات المؤامرة وأساطير الإنترنت، وأن اللقاحات ضارة بالأطفال “فهم لا يعيشون في إطار فكري منظم، بل في إطار فوضى الحفلات الصاخبة التي تسودها الأحكام المسبقة”، على حد تعبير الكاتب.

شاركها.
Exit mobile version