مراسلو الجزيرة نت
غزة- رفعت فصائل المقاومة الفلسطينية درجة التأهب في صفوف مقاتليها، لمواجهة تهديدات الحكومة الإسرائيلية بتوسيع عمليات الجيش البرية داخل قطاع غزة، التي أعقبت اجتماع المجلس الوزاري المصغر “الكابينت” مساء الأحد.
وأعلنت قيادات ميدانية في الأجنحة المسلحة جهوزيتها للتعامل مع جميع السيناريوهات المحتملة، بما فيها محاولة إعادة احتلال قطاع غزة، بناء على الخطة التي تمت المصادقة عليها، وفق ما نقلته القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر بمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتأخذ فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، رغم ما تقرر في الاجتماع ذاته من بذل جهود للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى بحلول موعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة.
وكشفت قيادات عسكرية ميدانية للجزيرة نت عن ملامح المواجهة المقبلة، لو أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ تهديداته.
الاستعداد للمواجهة
رأت قيادات ميدانية أن القرار الإسرائيلي بتوسيع العملية العسكرية لم يكن مفاجئا، بل يأتي امتدادا لعودة جيش الاحتلال للتصعيد منذ 18 مارس/آذار الماضي، ومواصلته القصف والحصار والتجويع والتطهير العرقي.
وأكدت القيادات العسكرية في أحاديث منفصلة للجزيرة نت أن المقاومة لا تنتظر قرارات الاحتلال كي تتحرك، بل تقرأ الوقائع وتتعامل معها بمنطق الاستباق والاستنزاف.
وشددت على أن الاستعدادات للمواجهة قائمة منذ اليوم الأول الذي قرر فيه الاحتلال العودة للحرب، و”التجهز لتلك اللحظة التي يتوهم فيها العدو أنه قادر على تكرار احتلال غزة”.
وأوضحت أن إعادة ترتيب الأولويات العسكرية، وتأهيل المقدرات الميدانية لم تتوقف طوال أيام العدوان وفي أحلك الظروف، واستمرت خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بالاعتماد على التقييمات الميدانية، واستخلاص العبر من المواجهات المباشرة وغير المباشرة التي جرت في جميع محافظات قطاع غزة.
وحسب القيادات العسكرية فإن الرد سيكون ميدانيًا، بكل ما تملكه فصائل المقاومة من إمكانيات، وقالت “لدينا الإنسان، والعقيدة، والجغرافيا، ومن دخل غزة سابقًا لم يخرج منها إلا مثقلًا بجراحه وجنوده”.
ولفتوا إلى أن الجيش الإسرائيلي يدرك أن اليمين المتطرف سيوقعهم في شرك غزة، ولن يتمكنوا من الخروج منه، وأن كل مبررات انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 حاضرة وبشكل أقوى من ذي قبل.
وبعثت القيادات الميدانية للفصائل برسالة مفادها، أن “غزة ليست مساحة جغرافية يمكن احتلالها، بل هي فكرة، وهوية، وبوصلة مقاومة، وكل محاولة لإعادة احتلالها ستُكلف الاحتلال أكثر مما يحتمل”، وقالوا “نحن باقون هنا وسنقاتل حتى النهاية”.
ملامح المعركة
ويشير حديث القيادات العسكرية الميدانية إلى أن ملامح المعركة المقبلة ستعتمد على:
- إعادة رسم الخطط العسكرية بما يضمن إيقاع أكبر خسائر ممكنة في صفوف جنود الاحتلال “الذين يلقي بهم نتنياهو إلى الموت” حسب قولهم، حيث بدا ذلك واضحا من الكمائن الأخيرة التي وقعت في المناطق الشرقية لكل من بيت حانون وحي التفاح ورفح، والتي جاءت بعد عمليات طويلة من الرصد والمتابعة وترقب الأهداف العسكرية بدقة، للتأكد من وقوعها في مقتلة محققة، دون أن يكون هناك فرصة لنجاتهم.
- توزيع الفرق القتالية بشكل مركز وبعدد قليل من العناصر، على المناطق التي يحتمل أن يدخل إليها الجيش الإسرائيلي، بما يسهل حركة المقاتلين على الأرض، ويضمن إلحاق الأذى بالجنود بأكثر من مكان.
- تسخير جميع أنواع الأسلحة لصد عدوان الجيش الإسرائيلي، بما يشمل قذائف الياسين 105 المخصصة للمدرعات، والعبوات المضادة للأفراد، والتفخيخ المسبق لأماكن يتوقع أن يدخلها الجيش، وبنادق القنص المحلية، وإعادة استخدام الصواريخ والقذائف الإسرائيلية التي لم تنفجر في تجهيز كمائن مسبقة.
- تأهيل أعين الأنفاق التي تعرضت للضرر، لاستخدامها مرة أخرى في مهاجمة قوات الجيش، وهو ما اتضح من العملية التي بثتها كتائب القسام مؤخرا والتي استهدفت فيها جيبا عسكريا في المناطق الشرقية لبلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، حيث خرج المقاتلون من عين نفق في منطقة قريبة من السياج الأمني، كانت تعرضت لعمليات تجريف وتدمير واسعة منذ بداية الحرب على غزة.
- ترك الجنود الأسرى لدى المقاومة يواجهون مصيرهم في المناطق التي يتوغل بها جيش الاحتلال، دون نقلهم لأماكن بعيدة أو “آمنة”، وكان هذا واضحا من خلال تغريدة سابقة أعلن فيها أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام أن نصف الأسرى الأحياء يوجدون في مناطق طلب جيش الاحتلال إخلاءها في الأيام الأخيرة، واتخذت القسام قرارا بعدم نقلهم وإبقائهم ضمن إجراءات تأمين مشددة، لكنها خطيرة للغاية على حياتهم.
- العمل على استدراج القوات الإسرائيلية إلى عمق المناطق التي توجد بها كمائن محكمة معدة مسبقا، لإيقاعهم بها وزيادة خسائرهم.
- تضع المقاومة الفلسطينية نصب أعينها هدفا كبيرا، يكمن بالعمل على أسر جنود إضافيين من داخل قطاع غزة، وهو ما سيوجه ضربة مؤلمة للجيش وقيادة الحكومة الإسرائيلية، التي أعلنت أن هدف عملياتها العسكرية تحرير أسراها.
ومن الجدير ذكره أن المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هرئيل قال “نحن نسير إلى كارثة جديدة في قطاع غزة بعد قرار توسيع العملية الإسرائيلية، ومن المرجح أن نفقد جنودا وأسرى، إضافة لتفاقم الكارثة الإنسانية للفلسطينيين، ومن المشكوك فيه أن تحقق هذه العملية إخضاعا حقيقيا لحركة حماس”.
في حين قال مراسل القناة 12 العبرية إن “الضجّة أكبر من الخطة، لأنها لا تحمل أي تغيير جوهري حقيقي في غزة، لا سيما أن الجيش يحتل أكثر من 30% من إجمالي القطاع ولم يسهم ذلك بالقضاء على حماس أو إطلاق سراح أسرى إسرائيليين”.