غزة – كشفت شركة الاتصالات الفلسطينية “جوال”، عن إيراداتها المالية المجمعة للربع الأول من عام 2025، إذ سجلت إيرادات إجمالية بلغت 62.9 مليون دينار أردني (88.8 مليون دولار) بزيادة قدرها 9.5% مقارنة مع إيرادات الفترة ذاتها من عام 2024 التي بلغت 57.5 مليون دينار أردني (81.1 مليون دولار). كما ارتفع صافي الأرباح ليسجل 7.9 ملايين دينار أردني (11.1 مليون دولار)، مقابل 6.2 ملايين دينار أردني (8.7 ملايين دولار) خلال العام الماضي.

أرباح عالية رغم الصعوبات

ويُعزى هذا التحسن أساسا إلى ارتفاع حجم الإيرادات مع المحافظة على مستويات الكفاءة التشغيلية، رغم الظروف الاستثنائية التي يشهدها قطاع غزة. إذ عملت الشركة على ضمان استمرارية خدماتها بحلول تقنية بديلة للتحديات الناتجة عن تدمير البنية التحتية، منها إطلاق خدمة النطاق العريض اللاسلكي الثابت وخدمة الواي فاي التجاري بالتعاون مع شركاء محليين، مما أتاح تغطية اتصال لأكثر من 200 شبكة يستفيد منها يوميا ما يزيد على 180 ألف مستخدم، بانتظار إعادة تأهيل الشبكات الأرضية بالكامل.

أما على صعيد نتائج النصف الأول من عام 2025، فقد أظهرت البيانات أن صافي الأرباح بعد الضريبة بلغ 21.475 مليون دينار أردني (30.3 مليون دولار)، مقارنةً مع 18.935 مليون دينار أردني (نحو 26.7 مليون دولار) في الفترة نفسها من عام 2024، أي بزيادة قدرها 13.41%. كما ارتفع إجمالي الموجودات إلى 546.252 مليون دينار أردني (770.2 مليون دولار) مقابل 509.850 ملايين دينار أردني (719.9 مليون دولار) نهاية 2024 بنسبة نمو بلغت 7.14%.

وارتفع إجمالي المطلوبات إلى 345.359 مليون دينار أردني (487.9 مليون دولار) بعد أن كان 294.152 مليون دينار أردني (414.8 مليون دولار) في نهاية 2024 بزيادة نسبتها 17.40%.

الطواقم الفنية في شركة الاتصالات يعملون في غزة رغم القصف والدمار (الصحافة الفلسطينية)

وفي المقابل تراجعت حقوق الملكية إلى 200.893 مليون دينار أردني (283.2 مليون دولار) (منها 411 ألف دينار أردني (579 ألف دولار) لحقوق غير مسيطرة، أي تمتلك فيها الشركة أقل من 50% من الأسهم المتداولة، مقارنةً مع 215.698 مليون دينار أردني (304.1 ملايين دولار) (منها 317 ألف دينار أردني (447 ألف دولار) لحقوق غير مسيطرة) في نهاية 2024، أي بانخفاض نسبته 6.86%.

وأقرت الهيئة العامة لشركة الاتصالات الفلسطينية، في اجتماعها في السادس من مايو/أيار الماضي، توزيع 30% أرباحا نقدية عن العام 2024، لتسجل نسبة التوزيع المقرّة 7.21% من سعر السهم عند الاستحقاق.

ومن الجدير بالذكر أن شركة الاتصالات الفلسطينية-بالتل/جوال، تأسست عام 1995/1999 كشركة مساهمة عامة، لتكون أول مزوّد فلسطيني يربط البلاد بشبكات الاتصالات الثابتة والخلوية وخدمات الإنترنت وحلول التكنولوجيا الحديثة، وتخدم اليوم أكثر من 3 ملايين مشترك من مختلف الشرائح.

خدمات أساسية لا غنى عنها

لكن خلف هذه الأرقام تقف قصة اجتماعية عميقة، ويرى العديد من المواطنين الذين التقتهم الجزيرة نت، أن خدمة الاتصالات والإنترنت خلال فترة الحرب تُعتبر حاجة أساسية وضرورية في تنظيم الحياة اليومية، وتساعد المواطنين على البقاء على تواصل مع عائلاتهم وأقاربهم للاطمئنان على أوضاعهم، خاصة في ظل النزوح والتهجير.

دمر الاحتلال مئات الأبراج السكنية وشبكات الكهرباء والاتصالات والبنية التحتية وأعاد غزة عقوداً طويلة للوراء-رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
دمر الاحتلال مئات الأبراج السكنية وشبكات الكهرباء والاتصالات والبنية التحتية وأعاد غزة عقودا للوراء (الجزيرة)

كما تسهم في توفير الأمان الشخصي وإنقاذ الأرواح والإبلاغ عن أماكن الخطر أو التحذير من القصف أو الاشتباكات، وتتيح للمدنيين والمحاصرين طلب المساعدة الطبية أو الإنسانية بسرعة من المنظمات المحلية أو الدولية، وتساعد على التواصل بين أفراد المجتمع والجمعيات الخيرية والمؤسسات الداعمة للحصول على المعونات، وتبقي المواطنين على تواصل مع الإعلام ومتابعة الأخبار والتعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية أو منظمات الإغاثة لتوجيه الناس بكيفية التصرف أثناء الأزمات.

ومع قلة السيولة النقدية وصعوبة التنقل بين المناطق، اعتمد كثير من المواطنين والتجار على البيع والشراء عبر التطبيقات البنكية وخدمة “جوال كاش”، والتحويل عبر المحافظ الإلكترونية مثل “بال باي” و”جوال باي”، الأمر الذي زاد من الطلب على الإنترنت بشكل ملحوظ.

الخدمات بين الثناء والاستياء

وفي حديثه للجزيرة نت، قال معتز حمدان: “لم يعد الإنترنت مجرد وسيلة للتواصل الاجتماعي، بل أصبح في الحرب حاجة أساسية لإتمام المعاملات المالية، وتحويل الأموال، ودفع الفواتير، وحتى شراء الاحتياجات الأساسية”. وأضاف أن الانقطاعات المتكررة زادت من معاناة الناس، “لكن الشركة كانت لديها استجابات سريعة لإعادة الخدمة”.

الظروف في الحرب قاهرة جدًا، فالاستهداف المتكرر للأبراج وخطوط الكهرباء يضعف قدرة أي شركة. ومع ذلك، لم تُعدم شركة الاتصالات الوسائل لإيجاد الحلول والبدائل، وهو أمر يُحسب لها، خصوصًا أن طواقمها كانت تعمل ضمن ظروف استثنائية وفي بيئة أمنية خطرة ومعقدة.

لكن الشاب محمد عدنان كان له رأي مغاير، إذ أوضح للجزيرة نت العديد من النقاط السلبية التي تثير استياء المستخدمين، على اعتبار أنها شركة احتكارية هدفها الجباية والربح على حساب المواطن، معتبرًا أن الخدمة التي تقدمها لا تتناسب مع الأسعار التي تحصلها. وقال: “هناك بطء في سرعة الإنترنت مقارنةً بالأسعار المرتفعة، إضافة إلى الانقطاعات المتكررة في الخدمة، سواء في الإنترنت المنزلي أم شبكة الجوال، دون وجود آلية تعويض واضحة أو استجابة سريعة من خدمة العملاء”، منوهًا إلى أن احتكارها شبه الكامل للسوق حدّ من فرص تحسين وتطوير خدماتها، في ظل غياب المنافسة الحقيقية.

لقد شكّل انقطاع الكهرباء والقصف الذي استهدف بعض البنى التحتية في غزة، إضافة إلى الطلب الكبير من المستخدمين، ضغوطًا كبيرة على استمرار العمل وجودة الخدمات. ومع ذلك، حاولت الشركة توفير الحد الأدنى من الخدمة لضمان استمرار الحياة الرقمية والمالية للناس، في وقت توقفت فيه أغلب الوسائل التقليدية، الأمر الذي ساهم كثيرا في تضاعف أرباح الشركة. بمعنى أن ظروف الحرب وطبيعة العمل في بيئة خطِرة وزيادة الطلب على الخدمة شكّلت عوامل رئيسية في ارتفاع حجم الإيرادات.

نضوج اقتصادي واستقرار مالي

وأشار الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر للجزيرة نت، إلى أن شركة الاتصالات الفلسطينية تمثل نموذجًا ناجحًا، وتتمتع بالنضوج الاقتصادي، ولديها استقرار مالي واقتصادي يتيح لها تحقيق الربح حتى في أصعب الظروف، إضافة إلى نمو مستدام في الأرباح، وهو ما أثبتته ظروف الحرب.

أحد مقرات شركة جوال خدمات الجمهور في غزة قبل الحرب (شركة جوال)

وأضاف: “لديها قاعدة مشتركين كبيرة استطاعت المحافظة عليهم رغم دخول شركة أوريدو على خط المنافسة، كما تتمتع بمرونة تشغيلية في وقت الأزمات رغم تدمير أكثر من 80% من بنيتها التحتية ومعداتها، واستطاعت السيطرة على السوق الفلسطينية وتحقيق أرباح مستدامة بخدماتها التقنية والتكنولوجية والرقمية المختلفة”.

وتابع: “لقد ساهمت أعمالها الكبيرة وخدماتها في الاتصالات وتوفير الإنترنت، واستثماراتها التقنية والبحثية، وإرضاء عملائها من خلال الإعفاءات المالية وإلغاء الديون على الفواتير المستحقة خلال فترة الحرب، وتقديم شرائح ودقائق مجانية للمواطنين، وسرعة الاستجابة لإصلاح الأعطال، في تعزيز وتحقيق الرضا التام لدى المواطنين على الشركة وخدماتها، وبالتالي تحقيق أرباح عالية”.

الحقيقة المؤكدة أن الاتصالات وخدمات الإنترنت لا يمكن الاستغناء عنها، ويزداد الطلب عليها كثيرا في أوقات الحرب والأزمات، وهذا ما ينطبق على شركة الاتصالات الفلسطينية/جوال، التي استطاعت الحفاظ على عوامل تحسين وزيادة الإيرادات وتحقيق الأهداف والأرباح المالية خلال فترة الحرب على غزة.

شاركها.
Exit mobile version