شمال سوريا- “هربنا من القصف الإسرائيلي على صور في لبنان، فاستقبلنا القصف الروسي في إدلب”، بهذه العبارة يصف اللاجئ السوري العائد حديثا إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، سليمان فارس، حالته وأسرته في خضم التصعيد العسكري الذي يعصف بالمنطقة.

ويقول إنه واجه مع أفراد عائلته الخمسة مخاطر وصعوبات كبيرة خلال رحلة العودة، إذ أنفق نحو 800 دولار مقابل الوصول إلى وجهته، دفعها كإتاوات وأجور تهريب للحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير فارس إلى أن أسرته لم تكد تلتقط أنفاسها من عناء السفر الطويل ومخاطر الطريق إلى ريف إدلب، حتى وجدت نفسها في مواجهة القصف الروسي المتصاعد على الشمال السوري، لتبحث لها عن مكان آمن نسبيا بين المخيمات.

عناصر من الدفاع المدني ينتشلون طفلا من أنقاض مبنى دمر بقصف الطيران الروسي (مواقع التواصل)

احتياجات وحسابات

ولفت فارس إلى أن المفارقة هي أن القصف الروسي لمحيط المخيم الذي يقيم فيه، تزامن مع زيارة وفد من الأمم المتحدة للاطلاع على أوضاع السوريين الوافدين من لبنان إلى شمال غربي سوريا، مؤكدا أن الوفد عايش لحظات خوف يمر بها النازحون منذ سنوات طويلة.

وعائلة فارس واحدة من بين أكثر من 4 آلاف أسرة عائدة من لبنان إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، وفق تقدير السلطات المحلية وأخرى تابعة للأمم المتحدة، في وقت تعاني فيه تلك المناطق من أزمات إنسانية مركبة بفعل الحرب التي تدخل عامها الـ14.

ولا تبدو الاحتياجات الإنسانية من غذاء ومياه وسكن، ما تفتقر إليه مناطق شمال غربي سوريا فحسب، إذ تدفع حسابات وتجاذبات سياسية تلك المناطق إلى التصعيد العسكري بين الحين والآخر.

وأسفرت هجمات شنها الطيران الحربي الروسي وقصف مدفعي وصاروخي لقوات النظام على ريف إدلب عن مقتل 10 أشخاص، وإصابة 32 آخرين وفق الدفاع المدني السوري، خلال موجة تصعيد عسكري غير مسبوقة أعقب تحضيرات عسكرية للمعارضة لشن هجوم محتمل على مواقع النظام في حلب.

من الصفر

ويحذر الدفاع المدني من أن التصعيد العسكري على شمال غربي سوريا ينذر بكارثة إنسانية جديدة، داعيا المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة المنظمات الحقوقية إلى الوقوف “بحزم” إلى جانب المدنيين والعمال الإنسانيين.

بدوره، يؤكد اللاجئ السوري العائد مؤخرا إلى إدلب عبد العزيز الخطيب، أنه خرج من منزله في البقاع اللبناني مع عائلته وهو يحمل حقيبة تحتوي على بعض الملابس والأوراق الثبوتية الرسمية، تاركا وراءه كل شي هربا من القصف الإسرائيلي.

وقال الخطيب -للجزيرة نت- إنه أمضى نحو أسبوع على الطريق من لبنان إلى شمالي سوريا، واجه خلاله صعوبات ومخاطر حيث أصيب أطفاله بالإعياء والمرض الشديد، واضطروا إلى النوم على الطرقات وفي العراء أكثر من مرة.

ولفت إلى أنه يقيم عند شقيقه منذ عودته ريثما يستطيع الحصول على منزل، موضحا أنه سوف يبدأ من الصفر ويعيد بناء حياة جديدة بعد أن عاش حالة شبه استقرار في لبنان استمرت نحو 11 عاما. ويبدي مخاوف مما شهده مؤخرا من تصاعد القصف الجوي والمدفعي الذي استهدف عدة مناطق في إدلب وريف حلب، بعد أن اعتقد أنه في مكان آمن نسبيا، مما يخلق تحديا جديدا له ولأقرانه العائدين من لبنان.

استجابة محدودة

وتشكل فرص العمل المحدودة أكبر العوائق التي تقف في طريق العائدين من لبنان إلى شمال غربي سوريا، حيث وصلت معدلات البطالة بين السكان المدنيين إلى ما يزيد على 88%، وفق آخر إحصائية صدرت عن فريق “منسقو استجابة سوريا” الإنساني.

ويصف الناشط في المجال الإغاثي بالشمال السوري هيثم الحمود، الاستجابة الإنسانية من المنظمات نحو العائدين من لبنان، بأنها محدودة، مشيرا إلى أن غالبيتهم توجهوا إلى منازل أقاربهم وأهليهم.

وأوضح الحمود -للجزيرة نت- أن ما تم تقديمه هو “بعض السلال الغذائية وتوجيه المعدمين من العائدين نحو مخيمات النازحين التي تعاني أصلا من اكتظاظ كبير وشح في الخدمات الأساسية”.

شاركها.
Exit mobile version