مراسلو الجزيرة نت
القاهرةـ لا يزال وسم “أغلقوا مركز تكوين” يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب الإعلان عن المركز مؤخرا وبشكل باذخ في المتحف المصري الجديد، واتفقت مجمل الآراء المنتشرة بمواقع التواصل الاجتماعي على أن الأزمة الحقيقية في المركز تكمن في تكوينه لا في أهدافه، إذ يتشكل مجلس أمنائه من أسماء مثيرة للجدل، وهو ما يشكل معضلة ونفورا بالنسبة للمنتقدين.
ويضم المركز 6 أعضاء يشكلون مجلس أمناء المؤسسة وهم: الإعلامي إبراهيم عيسى، وإسلام بحيري، والدكتور يوسف زيدان، والكاتبة التونسية ألفة يوسف، والباحث السوري فراس السواح، والباحثة اللبنانية نايلة أبي نادر.
وقد اشتهرت هذه الأسماء مؤخرا بمواقف مثيرة للجدل، فأحدهم سخر من قراءة صيدلي للقرآن في محل عمله، وأخرى سخرت من شعيرة الأضحية باعتبارها عملا غير إنساني، فيما اعتبر آخر نفسه أهم من عميد الأدب العربي طه حسين، كما سبق أن أبدى أحدهم عدم فهمه للغة العربية.
ويتبنى المركز أهدافًا معلنة تتمثل في تعزيز الفكر الحر، والنقاش المفتوح في المجتمع العربي، وتشجيع البحث العلمي والتفكير النقدي في القضايا الدينية والفكرية.
اعتراضات حادة
جاءت أكثر الاعتراضات حدة من قبل شخصيات فاجأت المتابعين بموقفها، على رأسهم علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، الذي أعرب عن اعتراضه على بعض مواقف أعضاء المركز وأساليبهم في التعبير عن الرأي، متسائلا في تغريدته عن سبب وجود زجاجة خمر أمام صورة الأعضاء.
وتقدم عضو مجلس النواب هشام الجاهل، بطلب إحاطة موجه لمجلس الوزراء ومشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، مؤكدا أن الأمر وصل إلى حد قيام مجموعة معروف عنها التشكيك الدائم فى الثوابت الدينية وإنكار بعضها، بتدشين كيان لها، ليكون إضفاءً لمشروعيتها، دون رادع من الدولة ومؤسساتها الدينية، حسب وصفه.
كما قدم محام بلاغًا للنيابة العامة ضد مجلس أمناء المركز، باعتباره مركزا مشبوها يستهدف “ثوابت الإسلام” بشكل خاص.
وتساءل متابعون عن سر البذخ المصاحب لحملة الافتتاح، والتي اعتبروا أنها لا تتناسب أبدا مع ادعاءات أعضائه بأن تمويل المركز ذاتي ومفتوح للمساهمات من الداعمين للفكر، بيد أن الإعلامي إبراهيم عيسى أعلن خلال الافتتاح أن “المركز يحظى برعاية الدولة المصرية” دون تحديد لاسم المؤسسة الداعمة.
“شخصيات مكشوفة”
يرى الكاتب والأديب أشرف الخمايسي في الأهداف المعلنة لمركز تكوين “نبلا”، لكنه اعتبر أن من أعلنوها ليسوا على مستوى الثقة التي يوليها المرء للجادين المخلصين.
وقال الكاتب -الذي سبق وانتقد بحدة يوسف زيدان في كتاب عنوانه “زيتونة زيدان”- في حديثه للجزيرة نت “لحسن الحظ أن الشخصيات الرئيسة في تكوين، هم شخصيات مكشوفة لنا من فترة طويلة”، واعتبر أن جميعهم “شخصيات لم تعد تستطيع العيش خارج وهج التريندات”.
وأكد الخمايسي أن جميعهم “إقصائيون لدرجة مريعة”، معتبرا أنهم يمثلون “الوجه المدني المتطرف المقابل للمتطرفين دينيا، فأولئك يمكنهم أن يقتلوك بالسلاح، وهؤلاء يمكنهم أن يقتلوك بالقلم وشحذ الشائعات”.
لكنه في الوقت نفسه، يرفض ردة الفعل على مواقع التواصل والوسم المطالب بإغلاق المركز، وأوضح “أنا مع رفض تدخل السلطة ضد من يعبرون عن آراء مهما كانت، بل أدعو إلى تمكينهم في تقديم طرحهم، وعلى الجهات التي تملك القدرة على مواجهة الفكرة بالفكرة أن تعمل”.
موقف الأزهر
تداولت تقارير صحفية نبأ اعتزام الأزهر تدشين وحدة للرد على إطلاق مركز تكوين، وأعلن وكيل الأزهر السابق والمشرف على الفتوى عباس شومان في حسابه على منصة “فيسبوك” أن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تتابع ما ينشر عن مركز تكوين، وستتخذ ما يلزم “بعد الوقوف على الحقيقة”.
ونفت مصادر بالأزهر للجزيرة نت اعتزام المؤسسة التوجه لإنشاء كيان مضاد، باعتبار أن “الأزهر أكبر من أن يدخل في تراشقات ومهاترات”، لكن مغردين حثوا الأزهر على اتخاذ خطوة تجاه المركز، حيث أبدى شيوخ وقيادات بالأزهر اعتراضات حادة عليه، حيث وصف أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر عبد المنعم فؤاد المركز بـ”التكوين والتحالف الشيطاني”، مؤكدا انتظار نتائج التحقيق.
رأي “تكوين”
في المقابل، قالت مصادر قريبة من مركز “تكوين” للجزيرة نت إن أعضاءه عبروا عن سعادة بالغة بالجدل الدائر حول المركز، مؤكدين أنهم “لو كانوا قد قصدوا الدعاية له بإثارة الجدل لما حصلوا على ربع تلك الدعاية”، معتبرين أن الهجوم عليه في صالحه تماما.
ورد عضو مجلس الأمناء والكاتب الروائي يوسف زيدان على الجدل المثار بالتأكيد على أن هدف المركز تحريك الوضع الثقافي الراكد، ورفع مستوى التثقيف والفن في مصر والعالم العربي.
ووصف زيدان في بث مباشر له على “فيسبوك” المركز بأنه “بداية التنوير الثقافي”، وأن الهدف هو مخاطبة الشباب مع تجديد الخطاب الديني، ونفى وجود مشكلات بين المؤسسة والأزهر، معتبرا أن “من يعادي المؤسسة يريد أن يبقى في ظلام”.
وبخصوص التمويل قال زيدان إن أغلب الاجتماعات تجري في منازل الأعضاء، ونفى حصولهم على دعم، معتبرا أنهم ليسوا بحاجة للمال.