تجوب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أنحاء البلاد (الولايات المتحدة) وخاصة الولايات المتأرجحة الرئيسية قبل انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ورافقتها في عدة مناسبات مشجعة غير متوقعة، إنها ليز تشيني، عضو الكونغرس الجمهورية السابقة من وايومنغ، وابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني.

وتعرض تشيني الأب طويلا لانتقادات شديدة من جانب الديمقراطيين بسبب دوره المركزي في الدفع نحو غزو العراق عام 2003 وتنفيذه على أسس تبين فيما بعد أنها زائفة، أما الابنة ليز فقد تبنت إرث والدها المحافظ الجديد طيلة حياتها المهنية.

لكن العداء المشترك لدونالد ترامب، الرئيس السابق والمرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري، دفع تشيني الابنة إلى معسكر هاريس، وانضم إليها أيضا العديد من الجمهوريين البارزين في انتقاد ترامب وتأييد هاريس.

في تقرير له بموقع الجزيرة الإنجليزية يتساءل دواين أكسفورد عن الفائدة التي قد تعود على هاريس من هذا؟ هل يمكن أن يساعدها الدعم الحماسي الذي تحظى به ليز تشيني في الفوز بأصوات الناخبين الجمهوريين في هذا السباق الرئاسي المتقارب؟ أم قد ينتهي الأمر إلى الإضرار بهاريس؟

ما وزن أصوات العرب والمسلمين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

كيف تدعم تشيني هاريس؟

في الأسابيع الأخيرة، عقدت هاريس وتشيني سلسلة من الجلسات العامة في ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، تحت شعار “الوطن قبل الحزب”، والفارق بين هاريس وترامب أقل من نقطة مئوية واحدة في كل من الولايات الثلاث.

كانت تشيني من أشد المنتقدين لترامب وداعمي محاكمة الرئيس السابق للمرة الثانية بعد هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي.

وفي تجمع حاشد أقيم مؤخرا، قالت تشيني “أعلم أن أكثر المبادئ المحافظة على الإطلاق هي الإخلاص للدستور. ويتعين عليك أن تختار في هذا السباق بين شخص كان مخلصا للدستور، وسوف يظل مخلصا له، ودونالد ترامب، الذي لا نستطيع أن نتوقع منه حتى تصرفاته. لقد شاهدنا ما فعله بعد الانتخابات الأخيرة (2020). وشاهدنا ما فعله في السادس من يناير/كانون الثاني”.

وفي فعالية أقيمت في ولاية ويسكونسن، قالت “أنا أتابع كيف يعمل رؤساؤنا، وحتى عندما كان هناك رؤساء قد نختلف معهم بشأن قضايا معينة، فقد احترموا الدستور”.

بدورها، وصفت هاريس ترامب بأنه شخص غير لائق لمنصب الرئيس، وأضافت “دونالد ترامب رجل غير جاد، لكن عواقب كونه رئيسا للولايات المتحدة خطيرة للغاية”.

في استطلاع للرأي أجرته صحيفة “واشنطن بوست” ومدرسة شار في الفترة من 30 سبتمبر/أيلول إلى 15 أكتوبر/تشرين الأول، تبين أن 74% من الناخبين في الولايات المتأرجحة قرروا بالفعل من سيصوتون له، ولكن النسبة المتبقية (26%) من الناخبين ما زالت غير متأكدة من هوية من سيصوتون له.

ومن المتوقع أن تحدد سبع ولايات متأرجحة نتيجة الانتخابات، وهي نيفادا وأريزونا وويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا وكارولينا الشمالية، حيث تتنافس هاريس وترامب بكثافة، وتشكل هذه الولايات ما مجموعه 93 صوتًا في المجمع الانتخابي، أي ثلث الأصوات الـ270 اللازمة للفوز بالمجمع الانتخابي الذي يضم 538 صوتًا، وبالتالي الفوز بالانتخابات.

ويقول المحللون إن هاريس تأمل في استغلال الناخبين الجمهوريين الذين لم يحسموا أمرهم، مستعينة بمساعدة تشيني.

وقال أدولفوس بيلك، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الأفريقية الأميركية في جامعة وينثروب، للجزيرة “إذا كنت من  الحزب الديمقراطي، فأنت ستواصل اتباع إستراتيجية تعظيم الأصوات، وهذا يعني توسيع مساراتك نحو النصر، وخاصة في أماكن مثل بنسلفانيا وأوهايو وويسكونسن وميشيغان، حيث يوجد بعض الناخبين الجمهوريين الذين دعموا ترامب في عام 2016، لكنهم الآن يفكرون بجدية في التصويت للديمقراطيين”.

ويعتبر محللون أن أعمال الشغب في الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 التي قام بها أنصار ترامب، ومواقفه المربكة في كثير من الأحيان تجاه الإجهاض والحقوق الإنجابية، كانت من بين القضايا التي تركت بعض الناخبين الجمهوريين حذرين من ولاية ترامب الثانية.

هل يمكن أن تساعد تشيني هاريس على الفوز؟

هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن إستراتيجية هاريس في بناء تحالف ثنائي مع الجمهوريين المناهضين لترامب من الممكن أن تساعد حملتها.

وبحسب استطلاع رأي حديث أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” بالتعاون مع كلية سيينا، فإن 9% من الناخبين الجمهوريين على مستوى البلاد قالوا إنهم سيصوتون لصالح هاريس. والأمر الأكثر أهمية هو أن استطلاع رأي منفصلا أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول وجد أن 8% من الجمهوريين في ولاية أريزونا، حيث يتعادل ترامب وهاريس، سيصوتون لصالح هاريس.

ويرى بيلك أن الديمقراطيين يعتقدون أن الاعتدال هو الطريق إلى الأمام، وأنه يمكنك الحصول على أقصى قدر من الأصوات من خلال التحرك أكثر نحو المركز، في القضايا نفسها التي استخدمها الجمهوريون لمعاقبتك في الانتخابات الرئاسية السابقة.

ويقول “أعتقد أن فريق هاريس-تشيني يدور حول دفع بعض الجمهوريين، بما في ذلك الأعضاء السابقون في إدارة ترامب، إلى إرسال إشارة إلى الناخبين الجمهوريين الذين يفكرون في التصويت لصالح هاريس”.

ورغم هزيمة ترامب لمنافسيه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، فإن أعدادا كبيرة من الناخبين الجمهوريين دعموا السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي وحاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي، وكان هؤلاء الناخبون من ذوي التعليم العالي، وعادة ما يكونون من خريجي الجامعات الذين يميلون إلى الاعتدال السياسي.

وعندما تكون الفوارق بين ترامب وهاريس ضئيلة كما هي في الوقت الحالي -أقل من نقطة مئوية واحدة تفصل بينهما في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن ونيفادا- فإن بضعة آلاف من أصوات الجمهوريين قد تحدث فرقا كبيرا بالنسبة لهاريس.

يقول بيلك عن الديمقراطيين “إنهم يستهدفون ناخبي هيلي. ولهذا السبب يذهبون إلى فوكس”، في إشارة إلى مقابلة كامالا هاريس على قناة فوكس نيوز في 16 أكتوبر/تشرين الأول، معتبرا أن فوكس هي المفضلة بين الناخبين المحافظين.

ولكن هل يحتمل أن تلحق تشيني الضرر بهاريس؟

لقد ظل اسم تشيني لسنوات طويلة سامًّا تقريبا بالنسبة لليبراليين في أميركا، حيث ارتبط بالفشل الذريع في السياسة الخارجية لإدارة جورج بوش الابن.

وينطبق هذا بشكل خاص على الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين، الذين تأثرت مجتمعاتهم بشكل مباشر بالحرب في العراق وتصاعد مشاعر الإسلاموفوبيا في وطنهم الولايات المتحدة.

ويعتقد محللون أن هاريس تخاطر بخسارة هؤلاء الناخبين -الذين يشعر الكثير منهم بالفعل بالاستياء الشديد منها بسبب دعم إدارة بايدن الهائل لحرب إسرائيل على غزة- من خلال الترويج بفخر لتأييد تشيني لها. ويقول بيلك إن هناك عددا من الديمقراطيين الليبراليين والتقدميين يشعرون بالانزعاج إزاء هذا الأمر.

في الشهر الماضي، أظهر استطلاع رأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) عن ولاية ميشيغان، موطن جالية عربية أميركية كبيرة وولاية رئيسية في ساحة المعركة، تأييد 40% من الناخبين المسلمين لجيل شتاين من الحزب الأخضر، فيما حصل دونالد ترامب على 18% من الدعم بينما أيد 12% من الناخبين هاريس.

وبرأي بيلك فإن حملة هاريس تواجه خيارات صعبة، ويقول “إن الأمر يتلخص في تقديم المساعدات لغزة بيد، والقنابل باليد الأخرى. وقد حاولت الإدارة الأميركية ممارسة بعض الضغوط على (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، ولكن نتنياهو لم يستسلم لهذه الضغوط”.

ويضيف “لقد استمر هذا الصراع لأكثر من عام، ويبدو أنه امتد إلى دول أخرى في المنطقة. لذا فإن هذه كانت مشكلة كبيرة بالنسبة لهذه الإدارة”.

شاركها.
Exit mobile version