ترينتو، شمال إيطاليا- أطلق المشاركون في افتتاح مؤتمر التغير المناخي بمدينة ترينتو شمال إيطاليا، أمس الخميس، صيحة فزع بضرورة التحرك على الفور لمجابهة آثار التغير المناخي قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة، ودعا إلى تغيير جذري في الآليات والمقاربات الفكرية المستخدمة للتحكم في المشاكل التي يعاني منها العالم والمتراكمة على مدى عقود.

وفي هذا الإطار، قالت لاتيزيا دابوندنزا، الرئيسة التنفيذية لشؤون العملاء والاتصال الخارجي في مؤسسة “آكسا” الإيطالية، إن “وقت الكلام قد انتهى، ولا بد من المرور إلى الأفعال لإيجاد حلول فورية لمشاكل التغير المناخي”، مشيرة إلى أنه يأتي في سلم ترتيب التحديات التي يواجهها العالم، قبل حتى الاضطرابات السياسية.

وأضافت أن التغير المناخي له آثار مباشرة تشمل عدة مجالات كالصحة، والتشغيل، والسياحة، إضافة إلى الآثار غير المباشرة، خاصة على مستوى ما وصفتها بـ “ظاهرة تدفق المهاجرين” التي تتسبب في كثير من التوترات الاجتماعية، حسب قولها.

ظاهرة حقيقية

وأيّد كلامها موريزيو روسيني، رئيس مؤسسة ترينتيو ماركتينغ، الذي أكد أن ظاهرة التغير المناخي “حقيقية ولا وقت أمام العالم لتضييعه في نقاشات عقيمة”، ودعا إلى مشاركة عالمية لمعالجة هذه المشاكل قائلا: “علينا أن نعمل معا لإيجاد حلول، لا يمكن أن يكون الجهد فرديا”.

ولفت روسيني إلى أن الجبال في منطقة ترينتو التي يعيش فيها من المناطق التي تتأثر بالتغير المناخي أكثر من أي مكان آخر بسبب خصوصية تركيبتها الجيولوجية، داعيا إلى إيجاد حلول مستدامة لتوفير حياة أفضل لمواطني المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي في إيطاليا.

وخلال الجلسة الأولى لأعمال المؤتمر، الذي ينعقد هذه السنة تحت عنوان “الحوكمة العالمية وتغير المناخ” والذي يستمر حتى غدا السبت، أكد فرانسيسكو غريلو مدير مركز الأبحاث “فيجن” -الجهة المنظمة للمؤتمر- أن استفحال ظاهرة التغير المناخي لم تعد مسألة علمية فحسب، مبينا أن دور العلوم هو استشراف آثار الأزمة، لكن على “العلماء ورجال الأعمال وصناع القرار والمواطنين إيجاد الحلول”.

خط أحمر

وأضاف غريلو أن حقيقة التغير المناخي لا تحتاج إلى علماء لإثبات وجودها، “فكل ما تحتاجه هو مقياس الحرارة، وهي شيء يشعر به الجميع في حياتهم اليومية”.

وحذر من أن العالم بدأ يقترب شيئا فشيئا من الخط الأحمر الذي حددته اتفاقية باريس وهو 1.5 درجة ارتفاع في الحرارة العالمية، مؤكدا أن بعض المناطق في العالم -ومن بينها أوروبا- قد تخطت فعليا المنطقة الخطرة مسجلة أكثر من درجتين في ارتفاع معدل الحرارة.

ووفقا له، فإن هذه ليست معركة بلد بمفرده أو جزء من المجتمع، لكنها معركة بقاء تحتاج لتكاتف الجهود لأول مرة في التاريخ.

لكن العائق أمام هذا المجهود العالمي يكمن -حسب غريلو- في ما وصفه بـ”إجهاد المناخ”، خاصة في أوروبا التي شهدت خلال الحملات الانتخابية للبرلمان الأوروبي جدالا واسعا حول التغير المناخي، وتخللها تراجع في أداء أحزاب الخضر لفائدة الأحزاب الشعبوية التي تنتقد السياسات الأوروبية في مجال القوانين الهادفة للسيطرة على التغير المناخي.

تحفيز وحلول

ويحاول المؤتمر -على مدى 3 أيام- إعطاء دفعة جديدة للنقاش العالمي حول أزمة المناخ والقيام بدور المحفز لأفكار جديدة، وتوفير الحلول لما يعتبره “الخطر الصحي الأكبر الذي تواجهه البشرية”.

ويشارك فيه باحثون وطلبة وسياسيون وخبراء في الاقتصاد وإدارة المدن، وقسّم أعماله على مجموعة فرق تحاول الخروج بوثيقة موحدة في ختامها.

ومن بين ذلك مسألة المعادلة بين محدودية التمويل الحكومي وأهداف تحقيق تنمية مستدامة، من خلال مثال النفايات في المدن الكبرى بالدول المتقدمة، إضافة إلى كيفية إعادة “الأجندة الخضراء” إلى سابق تألقها، وكيفية تحويل مشكلة مناخية إلى فرصة اقتصادية.

شاركها.
Exit mobile version