اكتشف فريق دولي من علماء الجيولوجيا أنه على عكس الفهم العلمي الحالي، استمرت البراكين القديمة في إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من أعماق الأرض لفترة طويلة بعد فترة ثورانها.

بهذه النتيجة التي نشرت يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مجلة “نيتشر جيوساينس” حل فريق البحث لغزا طويل الأمد حول ما تسبب في فترات مطولة من الاحترار خلال نقاط التحول في تاريخ مناخ الأرض.

استمرت البراكين القديمة في إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من أعماق الأرض لفترة طويلة بعد فترة ثورانها (بيكسابي)

الانقراض الجماعي

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة “بنجامين بلاك” – الأستاذ المشارك في قسم علوم الأرض والكواكب بجامعة “روتجرز-نيو برونزويك” الكندية، أنه على مدى عقود من الزمان، لم يتمكن العلماء من فهم سبب فشل الغلاف الجوي للأرض في التعافي بالسرعة المتوقعة بعد الانقراض الجماعي في نهاية العصر البرمي قبل 252 مليون سنة، وهو أشد انخفاض في التنوع البيولوجي معروف حدوثه على الأرض.

وربط الفريق البحثي الانقراض الجماعي بالثورات البركانية الشديدة، ولكن حتى بعد توقفها، استغرق مناخ الأرض ما يقرب من 5 ملايين سنة للاستقرار.

ويقول “بلاك” في تصريح لـ”الجزيرة نت”: “تتمتع الأرض بأنظمة طبيعية للتحكم في المناخ، لذلك تساءلنا عن سبب استغراق المناخ وقتا طويلا للتعافي. نعتقد أننا توصلنا إلى جزء مهم من اللغز حول كيفية اضطراب مناخ الأرض، وربما بنفس القدر من الأهمية، كيف تعافى”.

قارن فريق البحث الحمم البركانية بالصخور المحفوظة ما قبل التاريخ، ووجد أدلة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البراكين التي يمكن أن تستمر لملايين السنين بعد انتهاء ثورانها. استخدم الفريق البحثي نموذج الكربون والمناخ العالمي للتكامل المكاني (سايون) لاختبار حسابات إطلاق ثاني أكسيد الكربون الجديدة.

Air Pollution by coal fired power station - stock photo Chimneys and cooling towers from a coal fired power station releasing smoke and steam into the atmosphere. The power plant is also releasing CO2 which contributes to global warming and climate change.
يطلق البشر ثاني أكسيد الكربون أكثر بكثير من جميع البراكين النشطة مجتمعة (غيتي)

الكربون الخفي

أضاف الباحثون هذه الحسابات إلى النموذج الحاسوبي، ووجدوا أن تقديرات إطلاق ثاني أكسيد الكربون الجديدة كانت متوافقة بشكل أفضل مع السجلات الجيولوجية. إذ يظهر التحليل أن الفوهات البركانية القديمة أغلقت ببطء، وعلى الرغم من توقف الانفجارات، فإن الصهارة كانت لا تزال تطلق ثاني أكسيد الكربون في أعماق القشرة والوشاح. يعرف هذا باسم “الكربون الخفي”.

ويقول بلاك “لقد كنا نكافح لفهم المدة الطويلة لارتفاع درجة حرارة المناخ التي شوهدت في العديد من أحداث ارتفاع درجة حرارة الأرض السابقة، ولم تتمكن نماذج المناخ ودورة الكربون لدينا من إعادة إنتاجها. مع هذه التقديرات الجديدة لإطلاق ثاني أكسيد الكربون في الماضي، تتوافق النماذج الآن مع السجل. يمكننا أن نستنتج أن ارتفاع ثاني أكسيد الكربون ربما كان مسؤولا عن هذه المناخات الدافئة”.

في سياق البحث، زار الفريق شمال شرق ولاية أوريغون الأميركية، حيث ارتبط النشاط البركاني بالاحترار المناخي قبل 16 مليون عام. قام أعضاء الفريق بأخذ عينات من الصخور الشبيهة بالزجاج في الجبال، بحثا عن دليل على الانبعاثات القديمة لثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع جامعة “كاليفورنيا – ديفز” المشاركة في الدراسة.

في الوقت الحاضر، يطلق البشر ثاني أكسيد الكربون أكثر بكثير من جميع البراكين النشطة مجتمعة، وهو ما يعتبره المؤلفون خبرا سارا، إذ يعني إمكانية تعافي الأرض إذا توقفنا عن رفع درجة الحرارة بسبب أنشطتنا البشرية الملوثة للبيئة.

شاركها.
Exit mobile version