هل ستنفذ الولايات المتحدة بالفعل هجمات واسعة النطاق على فنزويلا، بعد التصعيد العسكري والدبلوماسي غير المسبوق بين البلدين في الآونة الأخيرة، أو حتى تغزوها؟

هذا هو السؤال الكبير الذي طرحته مجلة نيوزويك في تقرير إخباري، وجاءت الإجابة المرجحة عنه بالنفي، مشيرة إلى أن الخبراء يشكون في أن التعزيزات العسكرية الأميركية الجارية في جنوب منطقة البحر الكاريبي والمياه القريبة تمثل خطوات أولى نحو غزو، غير أن المجلة ترى أن نشر 3 مدمرات على الأقل وغواصة ومجموعة إنزال برمائية “إيه آر جي” (ARG) محمّلة بمشاة البحرية يعد تصعيدا جديدا في العلاقات المتدهورة أصلا بين واشنطن وكاراكاس، مما أثار قلق الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

اقرأ أيضا

list of 2 itemsend of list

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن الثلاثاء الماضي أن الولايات المتحدة استهدفت سفينة قرب فنزويلا، وألقى اللوم مباشرة على مادورو، الذي كان قد صرح قبلها بيوم بأن بلاده في حالة “جهوزية قصوى” ومستعدة للرد على أي تحرك عسكري أميركي محتمل.

جمهورية مسلّحة

أفاد مسؤولون أميركيون الشهر الماضي بأن واشنطن نشرت 3 مدمرات مجهزة بصواريخ متطورة وآلاف الجنود في المياه المقابلة لفنزويلا ضمن حملة لمكافحة عصابات المخدرات والجماعات الإجرامية في أميركا اللاتينية.

ونقلت المجلة الأميركية عن مادورو قوله أيضا إنه سيعلن “جمهورية مسلّحة” إذا هاجم الجيش الأميركي بلاده، متعهدا بحشد 4.5 ملايين مقاتل من المليشيات للدفاع عن فنزويلا. وفي المقابل، برر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحشود العسكرية بأنها جزء من حربه على عصابات المخدرات، متهما نظيره الفنزويلي بإدارة شبكة “إرهاب مخدرات” عابرة للحدود.

وأشارت إلى أنه لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين واشنطن وكاراكاس، والعلاقات بينهما متوترة للغاية، ولا يبدو أن هناك أي ودّ شخصي بين ترامب ومادورو.

هل ستغزو الولايات المتحدة فنزويلا؟

تعتقد المجلة في معرض إجابتها عن هذا السؤال بأن احتمال وقوع غزو ضعيف، إذ لم تُبدِ واشنطن نية واضحة على الغزو، وعلى الرغم من أن مادورو اعتبر الانتشار العسكري “تهديدا تاريخيا”، فإن خبراء عسكريين يرونه مجرد “استعراض للقوة” أكثر منه مقدمة لغزو فعلي، بحسب نيوزويك.

ووفقا للتقرير، فإن هؤلاء الخبراء يستبعدون أن تخاطر واشنطن بعملية عسكرية واسعة في بلد معقد التضاريس مثل فنزويلا، التي تتميز بجبال وأدغال ومراكز حضرية يصعب السيطرة عليها، خاصة وأن القوة الأميركية المتمركزة لا تتجاوز بضعة آلاف من الجنود، وهو عدد غير كافٍ لغزو شامل.

واقتبست نيوزويك تصريحا أدلى به كريستوفر ساباتيني -الباحث في شؤون أميركا الجنوبية في مركز “تشاتام هاوس” في لندن– لصحيفة غارديان البريطانية، قال فيه “لا أحد سليم العقل يظن أن 4500 جندي قادرون على غزو بلد يضم جبالاً وأدغالاً وعدة مراكز حضرية، هذا كله مجرد استعراض من الطرفين”.

ومن جانبه، أوضح الباحث في الأمن القومي في “مجلس الجيوإستراتيجية” البريطاني ويليام فريير لنيوزويك أن “قراءة النوايا دائما صعبة، لكن إدارة ترامب، رغم انزعاجها من دور فنزويلا في تدفق المخدرات، لم تُظهر حتى الآن أي نية واضحة للتدخل العسكري المباشر”.

أعضاء مليشيا يتظاهرون في كاراكاس دعما لمادورو (غيتي)

السيناريوهات المحتملة للتدخل الأميركي

تقول المجلة إن السيناريوهات عادة ما تتخيل إنزال مشاة البحرية الأميركية في فنزويلا، لكن كارلوس سولار -الباحث في معهد الخدمات الملكية المتحدة في لندن- صرح لها بأنه “إن حدثت مثل هذه العملية، فستكون في مرحلة متأخرة جدا”.

ويتوقع سولار أن يبدأ التدخل -على الأرجح- عبر هجمات بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى لتدمير الدفاعات الفنزويلية ومقدراتها العسكرية، مع استهداف مواقع الإمداد ومستودعات الذخيرة والرادارات ومراكز الاتصالات ومنصات الطائرات المسيّرة.

ويضيف أن الولايات المتحدة نفذت هذا العام عمليات مماثلة في الشرق الأوسط بدقة وفعالية لافتة ضد خصوم أكثر تجهيزا من القوات المسلحة الفنزويلية، معتبرا أن هذه المقاربة تقلّل خسائر الأميركيين المادية والبشرية وتُضعف قدرات الخصم بشدة.

أما فنزويلا، فستجد صعوبة في الرد نظرا لأن أسطولها الجوي “محدود القدرات وضعيف الكفاءة وفرقاطاتها غير مُصانة وغواصتها عتيقة،” على حد تعبير سولار، الذي يزعم أن القوات الأميركية ستتفوق في المرحلة الثانية باستخدام الطوربيدات والذخائر الموجّهة والصواريخ المضادة للطائرات.

صاروخ توماهوك وهو ينطلق من سفينة (وكالة الأنباء الأوروبية)

ووفقا للتقرير الإخباري، فإن هذا الجدل أعاد إلى الأذهان عملية الغزو الأميركي لبنما عام 1989 التي أذن بها الرئيس جورج بوش الأب بزعم جلب رئيسها مانويل نورييغا إلى العدالة، حينها نشرت واشنطن أكثر من 20 ألف جندي، وهو عدد يفوق بأضعاف مضاعفة القوات الأميركية الموجودة حاليا في محيط فنزويلا.

وعلى الصعيد الإقليمي، قوبلت التعزيزات الأميركية بانتقادات شديدة من عدة دول في أميركا الجنوبية، خصوصا من كوبا التي وصفت تلك التعزيزات بأنها “استعراض عدواني للقوة ضد سيادة شعوب القارة”.

وأكدت “هافانا” أن مزاعم الولايات المتحدة بربط الحكومة الشرعية لفنزويلا ورئيسها نيكولاس مادورو بمنظمات إجرامية متورطة في تهريب المخدرات مجرد ذريعة سخيفة لا أساس لها.

لكن في الوقت ذاته، تلفت نيوزويك الانتباه إلى أن الولايات المتحدة، ومعها دول أوروبية وأميركية جنوبية، لا تعترف بفوز مادورو في انتخابات يوليو/تموز 2024.

شاركها.
Exit mobile version