أجمع خبراء على أن قرار واشنطن سحب حاملة الطائرات “جيرالد فورد” من شرقي البحر المتوسط رغم استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يأتي للضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضرورة انصياعه للإرادة الأميركية.

وقال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي إن القرار موجه إلى حكومة نتنياهو ورسالة مفادها أن واشنطن لن تستمر بدعم تل أبيب للأبد ما لم تنصع للإرادة الأميركية وخطة ما بعد حرب غزة.

وأضاف مكي أن الدعم الأميركي لإسرائيل يمكن أن يتقلص تدريجيا، مشيرا إلى أن هذه القوة البحرية الهجومية الأميركية كانت بمثابة قوة ردع ضد أي طرف يفكر بمهاجمة إسرائيل.

وأشار إلى أن المعطيات الميدانية لم تتغير، فالحرب الإقليمية لا تزال واردة، خاصة على الجبهة الشمالية مع حزب الله اللبناني، مؤكدا أن سحب حاملة الطائرات يعود إلى الخلاف الذي بات علنيا بين تل أبيب وواشنطن.

ولفت مكي إلى أن هناك مؤشرات على أن حرب غزة ستكون طويلة ولكن ليس بالضرورة لصالح إسرائيل، مبديا قناعته بأن نتنياهو يريد إطالتها حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية التي قد تعيد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجددا.

ويعتقد أن حرب غزة لم تبح بكل أسرارها “فالمقاومة قوية وعمقت الشرخ الداخلي الإسرائيلي، وجعلت تل أبيب تبحث عن كبش فداء بعد الفشل بتحقيق الأهداف”.

انصياع مرتقب

من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إن حرب غزة اتضح أنها من وجهة اليمين المتطرف بإسرائيل ليست للردع أو إعادة الأسرى أو إعادة بناء الأمن الإسرائيلي، وإنما مشروع لإعادة الاستيطان في قطاع غزة.

ولفت مصطفى إلى تصاعد حديث وزراء متطرفين في حكومة نتنياهو بشأن التهجير القسري للغزيين في بداية الأمر قبل أن يتم التطرق مؤخرا إلى التهجير الطوعي، مشددا على وجود إرباك إسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حيث لا أهداف واضحة.

وأشار إلى أن منظومة الأمن القومي الإسرائيلي ترتكز أساسا على دعم الولايات المتحدة، مضيفا أن الدولة العميقة في إسرائيل هي من تحدد الإستراتيجية الأمنية، في إشارة إلى الجيش وأجهزة الموساد والشاباك وبعض الوزراء النافذين كوزير الدفاع.

ويوضح مصطفى أنه بسبب ضغط واشنطن بات وزراء اليمين في إسرائيل يتحدثون عن ضرورة التحرر والاستقلال عن القرار الأميركي، متوقعا أن يكون هناك انصياع إسرائيلي في نهاية المطاف لواشنطن والرضوخ لضغوطها.

ويعتقد أن إلغاء المحكمة العليا الإسرائيلية قانون “المعقولية” سيفاقم الأزمة السياسية الداخلية وسيزيد الطين بلة في الحكومة الإسرائيلية، وقد يؤدي إلى خروج بيني غانتس بسبب هجوم متوقع لليمين على المحكمة.

دلالات وقناعات

بدوره، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن حاملة الطائرات “جيرالد فورد” تتحرك دوريا وبناء على تغير الظروف.

ولفت الدويري إلى أنه يتفق مع ما ذهب إليه مكي بشأن دلالات سحب حاملة الطائرات، لكنه شدد في الوقت عينه على أن التعاون العسكري بين واشنطن وتل أبيب لا يزال في قمة مستواه، والموافقة على بيع أسلحة المدفعية أبرز دليل.

وأكد أن هناك قناعات حقيقية ترسخت لدى صانع القرار العسكري الإسرائيلي بأنه تم بذل أقصى جهد لتحقيق الأهداف، ولا يمكن الاستمرار بهذا المستوى من الحرب سوى لأسابيع، لذلك هناك إصرار على الدخول إلى المرحلة الثالثة للحرب.

واستهجن الدويري مطالبة وزراء اليمين الإسرائيليين بعودة الاستيطان إلى غزة، مستحضرا تجربة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون بتفكيك مستوطنات القطاع مثل نتساريم وغوش قطيف، حيث أجبروا على الانسحاب تحت ضربات حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.

شاركها.
Exit mobile version