تصاعد الجدل في الأوساط الكروية بتونس بعد استمرار إجراء منافسات دوري كرة القدم أثناء موعد الصيام رغم المطالبة بتأخير المباريات خلال شهر رمضان المبارك إلى ما بعد وقت الإفطار تجنبا للإرهاق.
ومنذ دخول شهر رمضان، أفرزت مباريات الدوري التونسي للمحترفين ردودا عنيفة بعد أن تمسكت رابطة الدوري بإجراء المنافسات وقت الظهيرة، مما وضع اللاعبين أمام خيارين صعبين، إما اللعب في حالة صيام وتحمّل الإرهاق الناتج عن الصوم، وإما الاضطرار للإفطار.
ويصوم معظم لاعبي الدوري التونسي لكن برمجة المباريات في الساعة الثانية زوالا، أي قبل موعد الإفطار بأربع ساعات، أفرز موجة غضب عارمة في أوساط اللاعبين والمدربين والجماهير ودعوات لمراجعة توقيت المباريات.
اللاعبون ضحايا لقرارات اتحاد الكرة
ولم يمرّ الإعلان عن توقيت انطلاق مباريات دوري المحترفين للدرجتين الأولى والثانية خلال الأسبوع الأولى من شهر رمضان دون أن يخلّف موجة من الغضب والانتقادات من المدربين واللاعبين، الذين اعتبر أغلبهم أن حرمانهم من أداء فريضة الصيام كان قرارا جائرا في حقهم.
ورفع عدد من مشجعي الأندية أمس السبت لافتات تضمنت شعارات تحتج على إقامة المباريات نهارا، إذ عرضت رابطة ألتراس الترجي لافتة كبرى في مباراة فريقها ضد اتحاد بن قردان تضمنت عبارة “المباريات في الساعة الثانية ظهرا في رمضان.. أي دين تعتنقون”.
وقال مدرب النجم الساحلي محمد المكشر للجزيرة نت إن “اتحاد الكرة ورابطة الدوري اختارا الحل الأسهل بالنسبة إليهم بحجة أن جل الملاعب غير مجهزة بالإنارة، كما أن دوافع أمنية تمنع إجراء المباريات ليلا لاستحالة تأمنيها، لكن ذلك الحل هو الأسوأ بالنسبة إلى الأندية واللاعبين”.
وأضاف المكشر أن “ما يحصل في الدوري التونسي أمر مؤسف، نكاد نكون البلد المسلم الوحيد الذي يجبر لاعبيه على خوض المباريات وقت الصيام”.
وتابع “من الناحية الإنسانية لا يمكن إجبار لاعب صائم على خوض مباراة رياضية وبذل مجهود كبير يتطلب الجاهزية البدنية، أعتقد أن كل البلدان العربية تعتمد توقيتا خاصا بشهر رمضان وتتم برمجة بداية المباريات بعد موعد الإفطار”.
وفي وقت استمر فيه الجدل حول وقت المباريات، كشفت مصادر أمنية للجزيرة نت استحالة إجراء منافسات الدوري ليلا لدوافع أمنية وتنظيمية بالأساس.
وقال محمد المكشر إنه لا يجبر لاعبيه على الإفطار خلال المباريات التي تقام حاليا، بل يترك لهم الحرية في اللعب وهم صيام بشرط تقديم أداء بدني جيد.
وأضاف “أحترم التزام اللاعبين في النجم الساحلي بالصوم، ولكن أعتقد أن إيقاف الدوري طيلة 4 أسابيع في رمضان هو الحل الأنسب لإنهاء الجدل بشأن إقامة المباريات وقت الصيام”.
توقيف النشاط في رمضان
وطالب عدد من المدربين بتوقيف النشاط الرياضي في تونس خلال شهر رمضان باعتبار أن إمكانية تأخير المباريات إلى ما بعد موعد الإفطار بات أمرا غير ممكن.
واعتبر محمد أمين كمون مدرب نادي حمام الأنف أن اتحاد الكرة ورابطة الدوري مطالبان باعتماد روزنامة تأخذ بعين الاعتبار توقف منافسات الدوري خلال شهر رمضان.
وقال كمون للجزيرة نت “بات واضحا أن شهر رمضان الكريم ليس مناسبا للرياضة التنافسية في تونس، ولكن ما دامت المباريات تقام وقت الصيام وفي درجة حرارة مرتفعة فأعتقد أن الحل الأمثل هو تأجيل كل المنافسات إلى ما بعد شهر رمضان”.
وأضاف أن “جل الدوريات في الدول العربية والإسلامية تبرمج المباريات ليلا، ولكن في تونس هناك عدة عوامل تمنع ذلك لكون الملاعب غير مهيئة، فضلا عن الدواعي الأمنية”.
واعترف كمون بأن بعض اللاعبين في فريقه دخلوا مباراتهم الأسبوع الماضي وهم صائمون ولكنهم لم يقدروا على مواصلة اللعب واضطروا لتناول المياه والإفطار خلال الشوط الثاني، قائلا “ما يحصل في حق اللاعبين بمثابة الجرم، علينا إيجاد حل لهذه المعضلة”.
وتعاني مختلف ملاعب تونس من نقص كبير في تجهيزاتها، وباستثناء 4 ملاعب، وهي رادس وسوسة وصفاقس والمنستير، تنعدم الإنارة في بقية الملاعب ولا توجد الأضواء الكاشفة التي يتم استغلالها خلال المنافسات الليلية.