رصد المخرج السينمائي الأميركي الياباني نيو سورا “تواطؤ” الكاميرات في الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إما عبر سينما لم تسلط الضوء على تلك الإبادة بما يكفي، أو من خلال تورط وسائل إعلام في شرعنتها إذا اتفق ذلك مع مصالحها.

وهذا ما عبر عنه هذا المخرج خلال مقابلة مع الأناضول، تحدث فيها عن تجربة مشاركته في مهرجان البندقية السينمائي الدولي 2024 الذي عقد أوائل سبتمبر/أيلول الماضي.

فخلال المهرجان، ظهر سورا مرتديا الكوفية الفلسطينية وحاملا علم فلسطين مع عبارة “فلسطين حرة” ليحظى بتصفيق حار من الجمهور.

وبشأن ذلك، أكد سورا أن المهرجان كان فرصة مهمة له لدعم القضية الفلسطينية.

ولفت إلى أن خطاب الكراهية والخطاب الصهيوني ضد صعوده على المسرح بالكوفية والعلم الفلسطيني “كان أقل” مما توقع.

انتقاد “التكافؤ الزائف” 

أعرب سورا عن استيائه من جدول أعمال مهرجان البندقية السينمائي، فقد “شعرت بخيبة أمل لأن منظمي المهرجان حاولوا إظهار نوع من التكافؤ الزائف من خلال عرض فيلم إسرائيلي وآخر فلسطيني في القسم نفسه”.

وأكد المخرج الياباني الأميركي أن هذا التصرف غير عادل لأن “إسرائيل تمارس احتلالا وتنفذ تطهيرا عرقيا ضد الفلسطينيين”.

وأضاف أنه كان من بين الموقعين على رسالة مفتوحة تعارض إدراج الفيلم الإسرائيلي بالمهرجان، مشيرًا إلى أن الفيلم مرتبط بشركات إنتاج “متواطئة” في الإبادة الجماعية بغزة.

وفي المهرجان، تم عرض فيلمين في قسم “آفاق” أحدهما الفلسطيني “ينعاد عليكو” (Happy Holidays) من إخراج إسكندر قبطي، ويتناول المعاناة اليومية للعائلات الفلسطينية داخل إسرائيل، وقد حاز جائزة أفضل سيناريو في المهرجان.

والثاني هو الفيلم الإسرائيلي “عن الكلاب والرجال” (Of Dogs and Men) للمخرج داني روزنبرغ، ويروي قصة فتاة تبحث عن كلبها المفقود في مستوطنة نير عوز بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

المخرج الأميركي الياباني نيو سورا اعتبر أن صناعة السينما العالمية لم تسلط الضوء بشكل كاف على الإبادة في غزة (غيتي)

صمت السينما عن الإبادة الجماعية

واعتبر سورا أن الفنانين يقع على عاتقهم مزيد من المسؤولية تجاه فضح الانتهاكات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية، بحيث يعملون على رفع مستوى الوعي بين الناس بما يحدث هناك.

وأوضح أن ذلك يمكن أن يشمل التوقيع على خطابات تضامن والمشاركة في حملات توعية، وغيرهما، كما اتهم بعض وسائل الإعلام بـ”شرعنة” الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.

وقال “نعلم مدى تواطؤهم (وسائل الإعلام) في إضفاء الشرعية على الإبادة الجماعية إذا كان ذلك يناسب مصالحهم، وفي الوقت نفسه يحرفون الواقع لصالح المصالح السياسية”.

كما اعتبر أن “صناعة السينما العالمية لم تسلط الضوء بشكل كاف على الإبادة في غزة”.

الإبادة الجماعية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول

المخرج الأميركي الياباني تحدث عن الأثر النفسي العميق الذي تركته الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة عليه منذ بدئها، وقال “وجدت صعوبة في فهم ما إذا كنت أستطيع مواصلة العمل في صناعة الأفلام. فما الفائدة من سرد قصص عن الكرامة الإنسانية بينما نشاهد عنفا وحشيا يحرم الناس من إنسانيتهم؟”.

وأضاف “ما يحدث لا يمكن فهمه إلا في سياقه التاريخي. هذه إبادة جماعية، وبدأت قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول بفترة طويلة” معتبراً أن إسرائيل تمارس تطهيرا عرقيا في فلسطين منذ 76 عاما، وأن هذا التطهير هو السبيل الوحيد لاستمرار مشروعها الاستعماري.

وأشار سورا إلى أن ضحايا الإبادة الجماعية في غزة اضطروا إلى بث معاناتهم مباشرة عبر وسائل الإعلام، في محاولة لحشد التعاطف ونقل الحقيقة.

واختتم حديثه بالقول “استمرار الإبادة الجماعية لأكثر من عام، وامتداد فظائع إسرائيل إلى دول أخرى مثل لبنان، يدل على أننا (كفنانين) لا نفعل ما يكفي”.

وقد خلفت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 142 ألف قتيل وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

شاركها.
Exit mobile version