عبر مدير منظمة أطباء بلا حدود، ستيفان كورنيش، عن القلق إزاء أوضاع اللاجئين السودانيين في تشاد، داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من العون لإسعاف هؤلاء اللاجئين الذين وصف وضعهم بالكارثة المنسية.
جاء ذلك ضمن حوار أجراه معه مندوب مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، في منطقة أدري على الحدود التشادية السودانية، على هامش زيارته للمخيمات بالمنطقة.
-
في أي إطار تأتي زيارتكم اليوم للاجئين؟
هي زيارة تقييميه استطلاعية.. ترمي لرؤية الوضع على أرض الواقع ومعرفة الاحتياجات التي لم تلب.. نحن قلقون جدا من أن الوضع قد يتدهور في الأشهر القادمة بسبب عدم كفاية المساعدة. هذا التقييم سأضعه على طاولة المنظمات الدولية وغير الحكومية وغيرهم من المانحين لتأمين التمويل للعام المقبل، ولضمان حصول الناس على الكرامة والرعاية التي يستحقونها. نحن قلقون أيضا بشأن عدم كفاية إمدادات الغذاء والماء في المخيمات التي زرناها اليوم.
-
الجميع هنا يتحدث عن الغذاء، والماء بشكل خاص.. الظاهر أن ثمة مشكلة حقيقية
هذه مشكلة كبيرة. نحن نوفر حاليا 500 ألف لتر يوميا من الماء لمنطقة أدري، وهو ما لا يلبي الحاجات الضرورية، فإذا كان المعيار هو 20 لترا للشخص الواحد في الظروف الطبيعية، وفي حالات الطوارئ 15 لترا، فنحن الآن نوفر بين 8 و9 لترات لكل شخص، وفي مخيمات أخرى، حتى أقل، أي ما بين 5 و9. وهناك أيضا نقص في عدد المراحيض.
-
بالنسبة لموضوع الغذاء، ما طبيعة تعاونكم مع برنامج الغذاء العالمي؟
برنامج الغذاء العالمي يؤمن الطعام، لكن موارده محدودة أيضا.. وآخر حصص غذاء مجدولة لديهم ستقدم في فبراير/شباط 2024، ولا نعرف ما سيحدث بعد ذلك. لذا، نحن نعمل معهم ومع الداعمين الآخرين لضمان تغطية بقية السنة.
-
ما دوركم الآن، كجهة طبية، في توزيع الغذاء؟
لا نوزع حصصا أو طعاما للكل، ما نقوم به هو توفير الرعاية لمن هم مصابون بسوء التغذية. نوفر غذاء علاجيا بالإضافة إلى المساعدة الطبية لمساعدتهم على التعافي.
-
وما أدواركم الطبية الأخرى؟
نعتني بالحالات، هناك إصابات عالية بالملاريا وأمراض الإسهال، نعتني بهم في العيادة. يمكننا إحالة أي حالة خطيرة إلى الرعاية الصحية في المستشفى الذي تديره أيضا منظمة أطباء بلا حدود، ولدينا جراحة، وأمومة، وأنشطة طبية أخرى في المستشفى. نعالج أيضا الأمراض الجلدية، الجرب، والأمراض ذات الصلة بالتنفس، ونقدم أيضا اللقاحات.
فرق أطباء بلا حدود تقدم الرعاية الطبية الحيوية في مخيمات أدري وأورانغ وميتشي في مقاطعة واداي، وكذلك في مخيمات قوز أتشيي وداغيسا وأندريسا الواقعة في المنطقة الحدودية لمقاطعة سيلا.
-
وما ذا عن العنف الجنسي وحالات الاغتصاب؟
العنف الجنسي يؤثر على الأشخاص الذين عاشوا في صدمة وفي ظل الحرب، خصوصا على الصعيد النفسي نقوم بجلسات فردية للمرضى الذين تعرضوا لصدمات، وأخرى جماعية. في المخيم، هنا استقبلنا 138 امرأة تعرضن للإساءة الجنسية إما في الجنينة أو في طريقهن إلى أدري، وهذا العدد في عيادة واحدة وخلال 6 أشهر فقط.
-
ما الذي تقولونه للمجتمع الدولي عن هذه المأساة؟
هذ حالة كارثة، ووضعية منسية.. هناك نصف مليون شخص فروا من العنف، تم حرق أو نهب منازلهم، وقُتل أفراد من عائلاتهم، وتعرض الكثيرون للاغتصاب أثناء فرارهم. نحن قلقون أيضًا بشأن مئات الآلاف الذين نزحوا داخل السودان.
نحتاج إلى تعريف العالم أجمع بهذه الكارثة قيد التكوّن، إذا لم نتحرك ونتحد للاستجابة للحاجيات، فسيتحول هذا في غضون عدة أشهر إلى كارثة إنسانية، نحتاج إلى أن نقدم المزيد من الخدمات والرعاية حتى يتمكن الناس من العيش بكرامة.
-
هل من مسؤولية، بالذات هنا، على الدول العربية؟
أعتقد أن الجميع يجب أن يشعروا بالقلق ويظهروا التضامن. يمكن للدول العربية أن تقدم المزيد من الأموال لنظام الأمم المتحدة وللمنظمات الأخرى، لضمان حصول اللاجئين على الرعاية التي يستحقونها.
وهنا أنتهز الفرصة لتقديم الشكر لأهل تشاد الذين فتحوا بيوتهم وقدموا يد المساعدة للاجئين القادمين من السودان.
-
ماذا عن التعليم والفئات الهشة؟
هناك خطط لبناء مدارس، ولكن التنفيذ لم يبدأ بعد. واليوم تكلمنا مع مسؤولي المخيم وأكدوا لنا أنهم بأمس الحاجة إلى مدارس وفضاءات للعب.
أما بالنسبة للفئات الأخرى الأكثر ضعفا، فلا يوجد ما يكفي من المال لتلبية احتياجاتهم. عادة في مخيمات اللاجئين، توجد منظمات متخصصة تعتني بالأشخاص ذوي الإعاقة وتقدم مساعدة خاصة لكبار السن والحوامل والمرضعات والأطفال الصغار. هذه المجموعات الضعيفة عادة ما تحصل على حماية خاصة، بحيث يتم إيواؤهم في منطقة خاصة ليكونوا آمنين ويحصلوا على مساعدة أكثر من غيرهم، وهذا النظام ليس متوفرا بعد.
نحن هنا نقدم فقط الاحتياجات الأساسية للحياة.
-
هل لنا في النهاية أن نعرف شيئا عن مصادر تمويلكم؟ وهل تتلقون دعما من دول بعينها؟
تمويلنا يعتمد بشكل كبير على الأفراد، الذين يتبرعون بمبالغ صغيرة. وهذا يساعدنا على ضمان استقلالية عملياتنا ومرونتها في الاستجابة الفورية لأكثر الأزمات إلحاحًا، بما في ذلك الأزمات التي لا يتم الإبلاغ عنها أو التي يتم إهمالها.
وقد قدّم أكثر من 7 ملايين متبرّع فردي ومؤسسات خاصة (شركات ومؤسسات خاصة) في العام 2022 ما يعادل 97% مما جمعناه خلال ذلك العام، والذي بلغ 2.25 مليار يورو.