موسى زينل فنان وممثل من أبرز رواد المسرح والثقافة القطرية، ومن مؤسسي الحركة المسرحية في بلاده. ولد عام 1945 وتوفي عام 2024. درس في مصر ونهل من فكرها وثقافتها وتأثر بفنها، وتولى عدة مناصب في بلاده أبرزها إدارة الثقافة في وزارة الإعلام والثقافة التي بقي فيها حتى تقاعده.
مولد ونشأة موسى زينل
ولد موسى زينل عام 1945 في فريج (حي) الغانم القديم، حيث نشأ وترعرع وصقلت شخصيته وبرزت ميوله الفنية والأدبية. وبدأ سنينه الأولى في تعلم القرآن الكريم على يد محفظة القرآن مريم الجابر، ثم التحق بالمدارس النظامية جنوب الحي فور ظهورها.
وخلال دراسته تعلّق باللغة العربية وأحبها، حتى كلفه معلمه بإلقاء القصائد وقراءة نصوص الدروس على الصفوف الأخرى في مدرسته.
تميز زينل بنشاطه داخل المدرسة، التي استفادت من مهاراته في الإلقاء والقراءة، فكلفته بتقديم كلمات في الطابور الصباحي. كما شارك في الفعاليات الثقافية داخلها، فانضم إلى “أصدقاء المكتبة” و”التمثيل”، واشترك أنشطة الكشافة المدرسية وفعاليات المهرجانات.
دراسة موسى زينل وتكوينه العلمي
أثرت معسكرات الكشافة في زينل وغرست فيه حب التمثيل، وكانت من المسرحيات التي شارك فيها حينها “حلاق بالجملة”، وهي مسرحية فكاهية، حضرتها رموز بارزة من كبار مسؤولي الدولة.
وأثناء دراسته في المرحلة الثانوية في المعهد الديني الإعدادي، شارك في تمثيل مسرحية “تاجر البندقية” للكاتب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير، وأسند إليه دور الشخصية الرئيسية “اليهودي كوهين”.
شارك زينل في نادي “الجزيرة” التابع لشركة “شل” النفطية، ونادي “الطليعة” الذي كان متأثرا بفكر القومية العربية.
انتقل بعدها إلى القاهرة عام 1966، والتحق بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة، وفيها تبلور فكره المسرحي والثقافي، وعاصر أحداثا فارقة عصفت بالمنطقة، أبرزها نكسة 67، التي على إثرها قرر الرئيس المصري جمال عبد الناصر التنحي، فخرج زينل مع الجماهير التي طالبت الرئيس بالعدول عن قراره، إذ كان يراه “قائدا للأمة العربية” في حينها.
وخلال وجوده في القاهرة، شارك موسى زينل في مسرحية “ثورة الموتى” ومسرحية “السلطان الحائر” لتوفيق الحكيم، ومسرحيات أخرى.
تخرج في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وعاد إلى بلاده بعد صدور قرار بتعيينه وكيلا لمدرسة “الدوحة الإعدادية”، وانتقل بعدها للعمل معيدا في جامعة قطر فور أن فتحت أبوابها عام 1973، وصار حينها من أوائل المعيدين فيها، وصدر قرار بإيفاده إلى جامعة القاهرة لمواصلة تعليمه العالي.
كان عنوان رسالته في الماجستير “لغة القصة القصيرة عند يوسف إدريس”، ومكث هناك 3 أعوام، لكنه لم ينه دراسته، وعاد لبلاده حيث كلف مراقبا عاما للنشاط الثقافي والخدمات في جامعة قطر، ومن حينها بدأ ظهوره في وسائل الإعلام.
التجربة الثقافية والمسرحية
كان زينل محبا للتمثيل منذ صغره، وشارك في إحدى التمثيليات في أحد معسكرات الكشافة، وحضرها عدد من كبار المسؤولين حينها، كما شارك بعدة مسرحيات في المعهد الديني منها مسرحية “تاجر البندقية” لشكسبير، ولكن بعد تعريبها إلى “تاجر البصرة” ومثّل الدور الرئيسي فيها.
شارك زينل بعدد من المسرحيات أثناء دراسته في القاهرة، أيام كان المسرح منتعشا أواخر الستينيات وبداية سبعينيات القرن العشرين، مما ساعده على الاطلاع على الفن المسرحي عن قرب.
بعد عودته إلى قطر تولى إدارة الثقافة في وزارة الإعلام والثقافة وتدرج في عدد من مناصبها، وعُين مديرا لإدارة الثقافة عام 1981.
اهتم بالموروث القطري والأنشطة القطرية المختلفة والفنون المتنوعة، لكنه كرس جل تركيزه على المسرح، فأبدى شغفه به ليس إداريا فقط بل ساهم أيضا في تطوير الأعمال المسرحية المحلية، فعزز التعاون مع الفرق المسرحية باستقطابه أساتذة من خارج البلاد منهم محمد الماغوط وعلي سالم.
بدأ بتنمية هذا الفن في بلاده، وقدم في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين مجموعة من المسرحيات، وساهم في تنظيم أولى الأنشطة المسرحية في قطر، وعمل على تنمية المواهب الشابة وشمل المسرح المدرسي في ذلك.
كما اهتم بتنظيم الأيام المسرحية والاحتفال باليوم العالمي للمسرح الذي أصبح لاحقا مهرجان الدوحة المسرحي، وشارك في تأسيس المسرح الجامعي في قطر.
أنشأ عام 1973 فرقة مسرحية تابعة لنادي السد واستدعى عددا من الشباب للالتحاق بها، قدمت الفرقة مسرحيات منها: “بيت الأشباح” و”من طول الغيبات”، وبعد نجاح هذه الفرقة توالت من بعدها الفرق المسرحية تباعا.
أصبح مستشارا لوزير الثقافة عام 2008، واستمر في العمل بالوزارة بصفته خبيرا حتى بلغ سن التقاعد.
الوظائف والمسؤوليات
- عمل في إدارة الثقافة بوزارة الإعلام والثقافة القطرية.
- عين مديرا لإدارة الثقافة ووزارة الإعلام القطرية عام 1981.
- عين مستشارا لوزير الثقافة في عام 2008.
- أشرف على المشاركة في المعارض الخارجية وإبراز أعمال المواهب والفنانين القطريين.
الجوائز والتكريمات
وحصل الفنان القطري على عدد من الأوسمة البارزة من وزارة الثقافة وعدد من المؤسسات الخليجية والعربية والغربية، منها:
- وسام الفارس الفرنسي في الفنون والآداب.
- وسام الكوكب الأردني.
- جائزة رواد الثقافة في العرب والخليج من الأردن.
الوفاة
توفي موسى زينل يوم 7 سبتمبر/أيلول 2024، عن عمر ناهز 79 عاما.
ونعته شخصيات بارزة، منها حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث ورئيس مكتبة قطر الوطنية، وقال “اليوم بوفاة المرحوم انطفأت شمعة مضيئة من شموع الثقافة والمسرح القطري والعربي، وأسدل الستار على حياة كانت مليئة بالإبداع”.
ونعت اللجنة الدائمة للمسرح في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولقبته بـ”رائد المسرح الخليجي”، ونعته كذلك الهيئة العربية للمسرح وقالت إنها “تشاطر الفنانين في قطر والوطن العربي أحزانهم في رحيل الأستاذ موسى زينل”.