(محاسن من غزة.. صامدة بالشمال) هكذا تعرف الفنانة الفلسطينية محاسن الخطيب نفسها على حسابها عبر منصة إنستغرام، ذلك الحساب الزاخر بالرسوم والأعمال الفنية التي رسمتها أنامل الشابة الصغيرة خلال السنوات الماضية، والتي تبدلت من رسوم طفولية مستوحاة من شخصيات ديزني والفنانين المفضلين، إلى نقل جحيم الواقع في غزة خلال العام الماضي، حتى كان آخر عمل لها يحمل عنوان “نحن نحترق” والذي علقت عليه محاسن قبل استشهادها بساعات وقالت “قل لي ما شعورك عندما ترى أحدا يحترق..”.

شهيد ينعى شهيدا

استشهدت محاسن قبل ساعات في الغارات الإسرائيلية على جباليا الليلة الماضية. وقبل ساعات قليلة من استشهادها، قامت بتحميل عمل فني لتخليد ذكرى شعبان الدلو، الذي أحرق حيا الأسبوع الماضي عندما تسببت غارة جوية إسرائيلية في اندلاع حريق في مجمع مستشفى الأقصى حيث يقيم النازحون.

وفي منشور آخر تضمن مقطع فيديو للحريق، كتبت محاسن “شفنا الناس بتولع شفنا الناس محدش قاعد يساعد شفنا الناس بتموت قدام عينيا.. الرحمة من الله علينا”.

ونعت مؤسسة “رواسي فلسطين للثقافة والفنون والإعلام” الفنانة الفلسطينية في بيان لها جاء فيه “تنعى مؤسسة رواسي فلسطين للثقافة والفنون والإعلام الفنانة التشكيلية محاسن الخطيب، التي ارتقت شهيدة من جراء استهداف طائرات الاحتلال لمنزلها في شمالي غزة، حيث بقيت صامدة ترفض التهجير والنزوح”.

وأضاف البيان “الفنانة الإنسانة تركت قبل رحيلها وخلال حرب الإبادة على قطاع غزة أثرا فنيا وطنيا خالدا، وقدمت أعمالا فنية رقمية تلامس واقعنا وجراحنا وحريتنا. شاركت الفنانة محاسن في محطات مهمة من معارض وأنشطة مؤسسة رواسي فلسطين الوطنية، وبرحيلها فقدنا شخصا مبدعا ومتألقا في إيصال رسالة شعبه وقضيته عبر أعمالها الفنية”.

وفي ختام البيان أكدت مؤسسة رواسي “ستبقى ألوانكِ يا محاسن، ترسمُ لوحة الحرية”.

ونعى الفنانة الفلسطينية متابعوها بأسى، فقال سلمان “نعرف أن حياتهم الحقيقية بدأت الآن وراحتهم وسعادتهم ابتدت بعد استشهادهم.. الله يتقبلهم وينتقم من كل من ظلمهم”.

وكتبت إحدى المتابعات “قرأت أنك كنت في شمال غزة، وجئت لأتفقد حسابك وما زالت القصص فيه، فموتك عذب لدرجة أن صدى صوتك الرقمي لا يزال ينبض بالحياة! بالأمس فقط، قمت بنشر قصص عن أحدث أعمالك الفنية! واليوم رحلت.. إنه لأمر غريب أن تكتشف فنانة، وفي نفس الوقت تكتشف أنها ماتت ظلما”.

وكتبت متابعة أخرى “المبدعة محاسن بالجنة بإذن الله. آخر رسمة رسمتيها ما كنتي بتعرفي أنك حتكوني بعده! والله نحن مش أرقام يا عالم افهموا حسبنا الله ونعم الوكيل”.

من البهجة إلى الشهادة

خلال السنوات الماضية نشرت محاسن الخطيب البهجة بأعمالها الفنية، حتى في اللحظات الحالكة كانت ترسم الابتسامة بنشر يوميات أسرتها تحت القصف وظروف الحرب القاسية، لكن آخر ما نشرته الفنانة الفلسطينية قبل استشهادها حمل الكثير من الألم والذي وصفته بـ”ليال صعبة”.

ويتعرض شمال غزة للحصار، وانقطاع الاتصالات والقصف العنيف، وجثث القتلى متناثرة في الشوارع، والعديد من الأشخاص محاصرون تحت الأنقاض. إن عدم القدرة على التواصل يمنع سيارات الإسعاف من القدوم لعلاج الجرحى.

شاركها.
Exit mobile version