تحدث خبراء عسكريون لمجلة نيوزويك الأميركية عن رؤيتهم لاحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، والدول التي قد تنخرط فيها، والعوامل التي ينبغي رصدها.

وذكر محرر الشؤون السياسية في المجلة بيتر أيتكين أن دولا أوروبية شرعت سرا في وضع الأسس لحرب محتملة مع روسيا، في الوقت الذي يستعد فيه حلف شمال الأطلسي (ناتو) لرسم سيناريوهات عدة لحرب مفتوحة، أرجحها ولكن أقلها وضوحا هو حرب تستخدم فيها تقنيات مستهلكة بكثرة ومصممة لتقويض الاستقرار بين الدول الأعضاء.

وكان رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية برونو كاهل صريحا عندما قال في أواخر فبراير/شباط الماضي إن “روسيا تستعد لحرب مع الغرب”.

5 لاعبين فقط

لكن أيتكين يعتقد أن روسيا ربما لا تكون الوحيدة التي تحرض على صراع عالمي محتمل، فقد حذر كل من الأدميرال المتقاعد في البحرية الأميركية مارك مونتغمري وجيمس أندرسون القائم بأعمال وزير الدفاع السابق للسياسات في تصريح لمجلة نيوزويك من أن أي حرب كبرى ستنشأ حتما تقريبا من التوترات بين 5 لاعبين رئيسيين هم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران والولايات المتحدة.

على أن كيفية حدوث تلك الحرب تتوقف على عوامل عدة، مثل: من أين يبدأ الصراع؟ وما الدافع من ورائه؟ وما الذي يحدد الطريقة التي ستستجيب بها جميع الجهات الفاعلة الرئيسية والحلفاء لما قد يشكل الشرارة التي توقد فتيل الحرب؟

أما كيف يمكن لحرب عالمية ثالثة أن تندلع فإن أيتكين يجيب في تحليله عن هذا السؤال بأن أي صراع كبير قد ينشب نتيجة التوترات الإقليمية حول أي عدد من القضايا الملتهبة، وعلى رأسها المخاوف من أن الصين قد تقوم في نهاية المطاف بغزو تايوان، أو أن توسع روسيا طموحاتها إلى ما وراء أوكرانيا، أو أن تبدأ كوريا الشمالية أو إيران صراعا مع منافس إقليمي.

بؤر التوتر المحتملة

ويعتقد جيمس أندرسون أن دول البلطيق أو بولندا قد تكون بؤر التوتر المحتملة التي قد تشعلها روسيا مع حلف الناتو، الأمر الذي من شأنه أن يوسع نطاق الصراع الأوكراني ليصبح حربا عالمية حقيقية.

وبدا أندرسون متوجسا من أن تؤدي تصرفات إسرائيل والاضطرابات في الشرق الأوسط إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا.

وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل لن تتهور إلى ذلك الحد، ومع أنه يجد مبررا لدولة الاحتلال في الرد على الهجمات الصاروخية الإيرانية بالطريقة التي نفذتها فإنه لا يرى في ذلك خطرا كبيرا.

وبالمثل -يضيف أندرسون- فإن قادة تايوان “أذكياء بما فيه الكفاية، مما يجعلهم يتفادون المخاطرة بأي شيء مثل إعلان استقلالهم فجأة، وهو ما تعتبره الصين خطا أحمر”.

ويتفق أندرسون مع مونتغمري، إذ يرى أن روسيا ستكون على الأرجح السبب في اندلاع حرب أوسع نطاقا، مشيرا إلى أن لموسكو يدا في صراعات أصغر حجما في دول مثل جورجيا وصربيا.

واعتبر أن إيران هي ثاني بؤرة توتر الأرجح اشتعالا، إذ قامت بتسليح حلفائها في المنطقة ولما أظهرته من استعداد لشن هجمات مباشرة على إسرائيل.

ما الدول التي يمكن أن تشارك في حرب عالمية ثالثة؟

يقول أيتكين في تحليله إن إحدى نقاط الاتفاق والقلق الثابتة بين الإستراتيجيين هي أن أي صراع سيشهد على الأرجح تعاونا بين ما يسميه محور “اللاعبين الأشرار” الذي يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران.

وبالإضافة إلى هؤلاء اللاعبين الرئيسيين ينبه الخبيران أندرسون ومونتغمري إلى أهمية حلف الناتو والحوار الأمني الرباعي الذي يضم أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة.

لكن أندرسون كان أكثر وضوحا عندما حدد ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وبولندا واليابان على أنها الدول التي ستنخرط في الحرب استنادا إلى المكان الذي سيحدث فيه الهجوم المحتمل، وأضاف إليها دول البلطيق أيضا.

من جانبه، يعتقد مونتغمري أن هناك قوتين رئيسيتين ستخيبان الآمال في سيناريو الحرب العالمية الثالثة، وهما الهند وتركيا.

هل تفرض الولايات المتحدة التجنيد الإجباري؟

يرجح أندرسون أن تعيد الولايات المتحدة فرض التجنيد الإجباري على مواطنيها إذا نشب صراع بين القوى الكبرى وطال أمده، ويتفق مونتغمري معه في هذا الرأي.

ما الأماكن الأكثر أمانا إذا بدأت الحرب؟

في حال اتساع رقعة الصراع العالمي المحتمل فإن محرر الشؤون السياسية بمجلة نيوزويك يعتقد أنه لن يكون هناك سوى القليل من الأماكن الآمنة تماما، خاصة إذا دفع الصراع الممتد القوى الكبرى إلى القتال على الموارد، مثل النفط الفنزويلي أو المعادن الأرضية الثمينة الموجودة في بعض أجزاء أفريقيا.

ووفقا للخبيرين الإستراتيجيين، فإن كل أنحاء الجنوب العالمي (الدول النامية) ستكون هي المناطق الأكثر أمانا.

وقد ذهب أندرسون إلى أبعد من ذلك، إذ يرى أن الابتعاد عن المنشآت العسكرية وأهداف البنية التحتية الرئيسية مثل المدن الكبيرة سيكون أفضل إستراتيجية.

كم من الوقت سيستغرق التعافي من حرب نووية؟

لا يستبعد مقال نيوزويك أن يؤدي احتدام حرب عالمية ثالثة إلى تفجير نووي ليتحول بالتالي إلى صراع نووي.

لكن الخبيرين لا يتوقعان أن يشهد الصراع استخدام أسلحة نووية فورا حتى لو نُشرت، ويرجحان في هذه الحالة أن تكون أسلحة تكتيكية تحد من تأثيراتها النووية.

واتفق كلا الخبيرين على أن الوقت الذي سيستغرقه التعافي من أي صراع سيعتمد تماما على مدى استخدام السلاح النووي، فالاستخدام المفرط -من وجهة نظرهما- يعني وقتا أطول للتعافي، في حين أن الاستخدام المحدود لأسلحة نووية تكتيكية يعني وقتا محدودا ليس إلا.

شاركها.
Exit mobile version