الدوحة- لم تغب معالم الخوف عن وجوه كثير من الجماهير السورية التي تجمهرت أمام ملعب عبد الله بن خليفة في منطقة الدحيل بقطر قبل مواجهة المنتخب الإيراني في ثمن نهائي كأس آسيا لكرة القدم، وكأن لسان حالهم يقول منتخبنا جيد ولكن الإيراني مخيف.

على الجانب الآخر كانت الجماهير الإيرانية تهتف وتعزف ألحان النصر أمام الملعب، واثقة من فوز منتخبها بنتيجة مريحة، وبأن لقاء المنتخب السوري سيكون حصة تدريبية قبل مواجهة المنتخب الياباني القوي والعنيد، وكأن لسان حالهم يقول هي مباراة تحصيل حاصل والنتيجة محسومة.

هكذا كان المشهد الذي ارتسم على جنبات ملعب عبد الله بن خليفة قبل انطلاق مباراة سوريا وإيران في دور الـ16 من بطولة كأس آسيا، وبلغة التاريخ فإن مواجهة المنتخبين غالبا لا تحمل مفاجآت نوعية، وإنما تسير في اتجاه واحد محكوم بفوز المنتخب الإيراني بحكم العادة.

الصباغ: المنتخب بات الفرحة الوحيدة التي ترتسم على وجوه السوريين (الجزيرة)

أتينا قطر بالدَّين

برغم الظروف الاقتصادية السيئة وشبه المنهارة في سوريا جراء الحرب ومعاناة كثير من السوريين ماديا، فإن عددا كبيرا منهم وصلوا قطر قبل موعد مباراة سوريا وإيران لتشجيع المنتخب السوري.

يقول المشجع السوري عدنان الصباغ إنه استدان من أحد أقاربه ثمن تذكرة الطائرة التي أقلته للدوحة، واتفق مع مجموعة من أصدقائه على السكن معهم لتوفير سعر الإقامة الفندقية، فهو من أصحاب الدخل المحدود، ولكنه مستعد لفعل كل شيء مقابل تشجيع المنتخب السوري.

ويضيف عدنان، في حديثه للجزيرة نت، أن حاله حال كثير من المشجعين السوريين الموجودين في قطر، فمعظمهم اضطر للاستدانة من الأقارب والأصدقاء لتأمين مصاريف السفر، متأملا فوز المنتخب السوري وتأهله لأول مرة إلى دور الـ8 كما فعلها وتأهل لأول مرة إلى دورالـ16.

يرى الصباغ أن المنتخب السوري بات الفرحة الوحيدة التي ترتسم على وجوه السوريين في هذه الفترة، وأن الفوز والتأهل سيشعران الجماهير بأن بلدهم ما زالت حاضرة كرويا ومجتمعيا وحتى ثقافيا، فكرة القدم على حد قوله أكثر من مجرد لعبة.

الفوز القريب الضائع أحبط العديد من الجماهير السورية (الجزيرة)

حزن وفخر

بسيناريو دراماتيكي فاز المنتخب الإيراني على المنتخب السوري بركلات الترجيح بعد 120 دقيقة مثيرة كان بطلها الجمهور السوري والإيراني على حد سواء، فلم تهدأ الهتافات منذ بداية المباراة، ومع تموجات اللحظات وتقلباتها كاد السوري يهزم الإيراني الذي لعب ناقصا بعد خروج مهدي طارمي بالكارت الأحمر ومتابعة المباراة من المدرجات.

لم يخرج كثير من المشجعين السوريين غاضبين من خسارة منتخبهم، فمعظم من التقيناهم بعد نهاية المباراة عبّروا عن فخرهم بمنتخبهم مطالبين المسؤولين عن الفريق بالدعم والتطوير ومواصلة الإنجاز الذي كتب في قطر.

يقول محمود توبة إن المنتخب السوري فعل ما عليه خلال فترات المباراة، وكاد يحقق المفاجأة ويتأهل ويقصي المنتخب الإيراني بجدارة، إلا أن ضربات الجزاء فصلت النتيجة وهذا يعني أن سوريا لم تخسر وإنما الحظ هو الذي ربح.

يؤكد توبة، في حديثه للجزيرة نت، أنه فخور بهذا المنتخب وأن المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر استطاع تشكيل توليفة مميزة من اللاعبين السوريين، إلا أنه أخطأ في استبعاد عمر السومة المهاجم الأفضل في آسيا وبوجوده كانت كثير من الأمور قد تغيرت.

المشجع السوري مصعب بلشة أيد كلام توبة وقال إن اللاعبين السوريين قدموا كل شيء في هذه المباراة، ولم ينقصهم إلا التوفيق الذي غاب عن فرصتين محققتين خلال فترات المباراة، خصوصا بعد الكارت الأحمر، وفي حال دخول واحدة منهما لشباك الإيراني كانت المباراة انتهت في وقتها الأصلي وتأهلت سوريا.

الجمهور السوري أحد أسباب نجاح منتخب بلادهم في كأس آسيا (غيتي)

نحن عقدة سوريا

تغيرت ملامح المشجعين الإيرانيين الواثقين من الفوز قبل بداية المباراة عن نهايتها، فشعورهم بأن اللقاء سيكون تحصيل حاصل تحول لحالة من الحمد والشكر بالفوز الصعب والتوفيق الذي رافق “أسود فارس” في ضربات الجزاء وإهدار لاعبي منتخب سوريا لفرصة محققة أمام المرمى في اللحظات الأخيرة من عمر الوقت الأصلي.

يقول المشجع الإيراني مهدي باكر إن المباراة كانت أصعب من المتوقع، فنحن لم نعتد هذا التنظيم الدفاعي المحكم من منتخب سوريا، وإن مدرب المنتخب الإيراني أمير قلعي لم يُدر المباراة بالشكل المطلوب بعد خروج مهدي طارمي، وكادت الأمور تخرج عن السيطرة لولا شجاعة اللاعبين وصبرهم وقوتهم البدنية.

ويضيف باكر للجزيرة نت أن المنتخب الإيراني هو عقدة المنتخب السوري على مر التاريخ، وهذه المباراة أكدت أن العقدة مستمرة برغم تغير كثير من الظروف، مؤكدا أن مباراة اليابان في دور الـ8 ستكون أقوى مباراة في البطولة وأن اللاعبين الإيرانيين قادرون على تحقيق الكأس والعودة به إلى طهران.

الجمهور الإيراني كان واثقا من فوز منتخبه (الأناضول)
شاركها.
Exit mobile version