في الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات تجدد المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لإنهاء عمل قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) الموجودة في جنوب لبنان، وهو أمر يقول محللون إنه يخدم مصالح تل أبيب التي تحاول التخلص من كل الشهود الدوليين بالمنطقة.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مغلقة بين أعضائه بحضور ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة، لبحث تجديد عمل اليونيفيل في لبنان، بينما تطالب الولايات المتحدة بأن يكون هذا التجديد هو الأخير بحيث يتم تفكيك هذه القوات خلاله، وهو ما يعارضه أغلب أعضاء المجلس.

وأنشئت اليونيفيل سنة 1978 للإشراف على تطبيق القرار الأممي 1701 الرامي لمنع أي صدام عسكري بين إسرائيل وحزب الله، ويتم تجديد عملها سنويا.

لكن هذه القوات لم تعد قادرة على القيام بدورها الذي جاءت من أجله وهو منع كلا الطرفين من خرق الاتفاق، وتحولت إلى مراقب يسجل هذه الخروقات دون أن يتدخل لمنعها، وذلك بعد مقتل عدد من أفراد القوة الإسبانية التابعة لها في تفجير عبوة ناسفة بمدرعة كانوا يستقلونها، عام 2007.

اتهامات متبادلة

وحاليا، يتهم كل طرف الآخر بأنه المسؤول عن إعاقة عمل القوة الدولية التي تقول إسرائيل إنها لم تمنع حزب الله من التسلح والوجود في جنوب نهر الليطاني بينما يقول الحزب إن هذه القوات لم تمنع إسرائيل من شن العدوان تلو الآخر على الأراضي اللبنانية.

وفي حين يقول المحلل السياسي أسعد بشارة، في تصريحات لبرنامج ما وراء الخبر بتاريخ 2025/8/19، إن حزب الله هو الذي أعطى الذرائع لإسرائيل حتى تدفع الولايات المتحدة لإنهاء عمل القوات التي يمثل وجودها مكسبا مهما للبنان، يقول المحلل علي الحيدري، إن الأميركيين والإسرائيليين هم من يستخدم تجديد عمل اليونيفيل كورقة ضغط على لبنان من أجل دفعه لنزع سلاح الحزب تحقيقا للمصالح الإسرائيلية.

أما المستشار السابق للأمن القومي في البيت الأبيض مارك فايفل، فيرى أن الولايات المتحدة تسعى لإنهاء عمل القوات الدولية كجزء من خطة إقرار السلام، التي يجب أن تبدأ بنزع سلاح الحزب ثم انسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها في الجنوب.

لكن بشارة يعتقد أن رفض حزب الله تسليم سلاحه يعني أن لبنان مقبل على كارثة لأن هذا يعني تفكيك القوات الدولية التي هي الشاهد الدولي الوحيد على ما تقوم به إسرائيل من جرائم.

وإن كانت إسرائيل قد نالت من دور اليونيفيل في الجنوب فإن الحزب أيضا فعل الشيء نفسه عندما استخدم الشارع في أكثر من مرة لمنعها من القيام بعملها، من وجهة نظر بشارة.

وبسبب هذه الخروقات من الجانبين، يرى بشارة أن قوات اليونيفيل تحولت إلى مجرد مراقب لما يقع من خروقات، وأصبح القرار 1701 مجرد حبر على ورق، وهو ما يريده حزب الله، كما يقول بشارة.

ويرد الحيدري، على هذا الكلام بنفيه أن يكون الحزب رفض يوما ما تجديد عمل اليونيفيل بل وأعلن التزامه بما تقرره الحكومة في هذا الصدد، فضلا عن أنه سلم أسلحته ومخازنه جنوب الليطاني للجيش اللبناني.

وإن كان اللبنانيون يعترضون على عمل القوة الدولية في بعض المناطق فذلك لأنها تتجاوز حدود مهمتها وتقوم ببعض الاقتحامات دون مشاركة الجيش اللبناني، مما يعني أنها أصبحت أداة لمواجهة المقاومة، وهو أمر يخالف القرار الدولي الذي يحدد طبيعة عملها.

ويشدد الحيدري أيضا على أن حزب الله لا يرفض مواصلة عمل اليونيفيل إن كانت ستقوم به ضمن المتفق عليها وبما يحفظ سيادة لبنان، غير أن ما يجري عمليا هو محاولة أميركية إسرائيلية للضغط على لبنان بورقة إنهاء عمل هذه القوات.

لكن إن كان بقاء اليونيفيل “التي لم تمنع عدوانا إسرائيليا واحدا على لبنان منذ مباشرة عملها”، ثمنه تسليم سلاح المقاومة، فإن هذا لن يحدث لأن “إسرائيل الإرهابية تحاول فعل كل ما تريد بالقوة برعاية أميركية، وهو ما يحتم على المقاومة الاحتفاظ بكل قوتها”، كما يقول الحيدري.

تبرير أميركي

ويمثل بقاء هذه القوات ضمانة أمنية كبيرة للبنان، لكن المستشار السابق للأمن القومي في البيت الأبيض مارك فايفل، يقول إن سحبها سيكون جزءا من عملية إقرار السلام بالمنطقة.

وسيبدأ هذا السلام الذي يتحدث عنه فايفل بنزع سلاح حزب الله ثم انسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها في جنوب لبنان، رغم عدم وجود أي ضمانات لحدوث ذلك.

ومن غير المنطقي -وفق فايفل- أن يستمر عمل قوة طارئة بالأساس إلى أجل غير مسمى، خصوصا أن غالبية الهيئات الأممية التي تعمل بالمنطقة لم تحقق الهدف الرئيسي الذي أنشئت من أجله وهو تحقيق السلام بالمنطقة.

ومن هذا المنطلق، يبدو إصرار الولايات المتحدة على رهن بقاء هذه القوة بنزع سلاح السلاح قبل انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، محاولة لإخلاء المنطقة من القوة الدولية حتى تصبح إسرائيل قادرة على العمل بحرية فيها، لأنها تعتبر اليونيفيل عائقا كبيرا أمامها.

شاركها.
Exit mobile version