خرجت علينا “آبل” بمؤتمرها السنوي في سبتمبر/أيلول الماضي مع ميزة جديدة تصل إلى سماعات “آير بودز برو 2″، تسعى الميزة الجديدة لتحويل السماعات اللاسلكية إلى أجهزة مساعدة صوتية يمكن استخدامها بسهولة مع “آيفون” وفي الحياة اليومية.

تتسق هذه الميزة مع أحد الأهداف الخفية للشركة في العديد من منتجاتها المختلفة، إذ تسعى “آبل” منذ طرحها للساعات الذكية “آبل ووتش” لإظهار منتجاتها بشكل يركز على صحة المستخدمين، لتصبح بذلك في قلب آليات مراقبة وتحسين الصحة لكل من يسعى لذلك.

وبينما استطاعت “آبل ووتش” أن تعزز من مكانتها كواحدة من أهم منتجات مراقبة الصحة الذكية عبر كوكبة من المستشعرات المختلفة، فإن الأمر قد يختلف قليلا مع “آير بودز برو 2” لأسباب عديدة، في مقدمتها، خصوصية أجهزة المساعدة الصوتية في كونها أجهزة تعمل طوال الوقت ولا يمكن التخلي عنها، فضلا عن التحديات التقنية لمثل هذا الأمر، فهل تنجح الشركة في تحويل “آير بودز برو 2” لأجهزة مساعدة صوتية ناجحة؟

أجهزة مساعدة صوتية لا تحتاج إلى طبيب

في السنوات الماضية، ظهرت صيحة جديدة في عالم أجهزة المساعدة الصوتية، وهي أجهزة يمكن اقتناؤها واستخدامها دون الحاجة إلى زيارة الشركات المخصصة لذلك وبالتبعية وُجد طبيب أو فني مختص بها، وهو عكس ما كان يحدث في الماضي، إذ كان يجب أن يتجه المصاب إلى الشركات أو الأطباء من أجل الحصول على جهاز مخصص لحالته أو حتى اقتناء جهاز معتاد للمساعدة الصوتية فضلا عن صيانة الأجهزة والمحافظة عليها.

وقد ظهرت أجهزة السمع المتاحة دون وصفات طبية لتذليل عقبات الوصول إلى أجهزة السمع بشكل عام وتيسير استخدامها في المناطق التي قد لا تضم شركات وأطباء مختصين بالعمل في هذا المجال، ورغم أن “آبل” قررت الدخول في هذا القطاع منذ عدة أشهر، فإن العديد من الشركات سبقتها إليها، ومن ضمنها “جابرا” (Jabra) المعروفة بصناعة مكبرات صوت وسماعات رأس ذات جودة مرتفعة، فضلا عن “إتش بي” (HP) و”سينهايزر” (Sennheiser) و”سوني” وغيرهم من الشركات المختصة في هذا القطاع.

يأتي هذا النوع من أجهزة المساعدة الصوتية والسمع في العديد من الأشكال والتصميمات المختلفة التي تلائم جميع الاحتياجات، بدءا من الأجهزة التي يتم تثبيتها خارج الأذن وحتى الأجهزة التي تبدو مثل السماعات اللاسلكية المعتادة، لذا بدأت شعبية هذه الأجهزة بالنمو في السنوات الماضية، وأصبحت الآن الخيار الأول الذي يتجه له العديد من المصابين دون الحاجة للذهاب إلى الطبيب.

وبينما تعمل هذه الأجهزة بكفاءة مع الحالات المتوسطة ومنخفضة الحدة، فإن الحالات التي تعاني من إصابات سمعية شديدة تحتاج إلى أجهزة متخصصة ولن يمكن علاجها مع أجهزة السمع المتاحة دون وصفة طبية.

فلسفة “آبل” في تطوير وبيع المنتجات تتعارض مع خصوصية المنتجات الطبية والمساعدة لذوي التحديات (آبل)

حاجز دخول مرتفع

تتعارض فلسفة “آبل” في تطوير وبيع المنتجات مع خصوصية المنتجات الطبية والمساعدة لذوي التحديات، وهذا لأن “آبل” في العادة تضع حاجزا مرتفعا أمام أجهزتها وتحجب بعض المزايا عن المستخدمين خارج نظامها المتكامل، وهذا يجب ألا يحدث مع الأجهزة الطبية مهما كانت حدتها.

ولأن “آير بودز برو 2” هي جزء من منظومة “آبل” المتكاملة، فإن مزايا أجهزة السمع لن تكون متاحة للمستخدمين الذين لا يملكون هواتف “آيفون” أو يملكون “آير بودز” من الأجيال السابقة، مما يجعل الوصول إلى هذه التجربة واستخدامها بشكل عملي كجهاز سمع أمرا غير ممكن للعديدين، رغم أن سعر “آير بودز برو 2” وهاتف “آيفون 16” معا لا يقترب من سعر العديد من أجهزة السمع التي لا تحتاج إلى وصفات طبية.

وتواجه “آير بودز برو 2” تحديا آخر في هذا القطاع يتمثل في مدة تشغيل السماعة والحاجة إلى شحنها باستمرار، فبينما تعمل غالبية أجهزة مساعدة السمع لفترات طويلة قد تصل إلى سنوات دون الحاجة إلى شحن البطارية الخاصة بها، فإن “آير بودز برو 2” تفتقر إلى هذه الميزة، إذ تنفد البطارية بسرعة بعد عدة ساعات من الاستخدام، وهو ما يجعلها خيارا غير عملي للاستخدام اليوم.

مزايا أكثر عملية

ربما تفشل “آير بودز برو 2” في أن تكون جهاز سمع يستخدمه المصاب دوما وطوال اليوم، ولكنها تنجح بجدارة في جوانب أخرى، فبينما يواجه المصابون بصعوبات السمع تحديات متنوعة عند محاولة مشاهدة الأفلام السينمائية أو الاستماع للموسيقى، فإن “آير بودز برو 2” تستطيع وبجدارة حل هذه المشكلة.

إذ تعمل المزايا الخاصة بها بكفاءة مع وضع تحسين السمع، لذا يمكن للمصاب الاستماع بالموسيقى والأفلام بشكل مباشر ودون إزعاج من يجلس إلى جواره أو من يمر إلى جواره، وهو أمر مهم للغاية ومؤثر في الحالة النفسية للكثيرين.

ومن ضمن المزايا الفريدة التي تقدمها هذه السماعة، فإن اختبار السمع المباشر هو الأبرز، إذ يمكن عبر إجراء اختبار السماع المباشر من داخل السماعة متابعة حالة الأذن والتدهور الناتج بها بدلا من الذهاب للأطباء وإجراء الاختبار بشكل مستمر، ورغم دقة الاختبار، فإنه ليس مقياسا بمفرده لتشخيص الحالة المرضية ويجب إجراء اختبار مخصص وأكثر احترافية.

إضافة إلى ذلك، تزيل سماعات “آير بودز برو 2” وصمة الخجل التي يشعر بها بعض المصابين، وذلك لأنها في النهاية سماعات رأس معتادة، ومع كون استخدام السماعات محظورا في العديد من المناسبات، فإن توضيحا قد يكون أكثر من كافٍ من أجل التخلص من هذا الحظر واستخدامها بسهولة ويسر في أي مكان وأي مناسبة.

كيف يمكن تحسين تجربة “آير بودز برو 2” كأجهزة مساعدة صوتية؟

هناك العديد من الخطوات التي تحتاج “آبل” لاتخاذها قبل أن يصبح الاعتماد على هذه السماعات كبديل لأجهزة السمع المعتادة أمرا سهلا، وفي مقدمة هذه الخطوات هو إتاحة الميزة في جميع إصدارات الشركة، فضلا عن إتاحتها للمستخدمين الذين لا يملكون أجهزة “آيفون”.

كما يجب على “آبل” تقديم سماعات “آير بودز برو” مع بطارية أكبر من أجل إتاحة استخدام السماعة لفترة أطول دون الخوف من نفاد البطارية في منتصف اليوم.

وفي النهاية، فإن تقديم “آبل” لهذه الميزة هو خطوة على الطريق الصحيح من أجل إزاحة وصمة الخجل المحيطة بأجهزة مساعدة السمع والأجهزة الصوتية.

شاركها.
Exit mobile version