رجّح خبراء مواصلة الذهب ارتفاعاته في 2024 إلى مستويات قياسية جديدة، مدعوما بخفض الفائدة الأميركية بنهاية الربع الأول من السنة، بعد عام من الصعود على خلفية توترات جيوسياسية وكبح مزيد من رفع الفائدة من قبل بنوك مركزية كبرى.
ماذا عن أداء الذهب في 2024؟
توقع كبير محللي الأسواق في مجموعة إكويتي رائد حامد الخضر -في حديث للجزيرة نت- أن يتجاوز سعر الذهب 2100 دولار للأوقية، خلال الربع الأول من العام الحالي، وربما يحاول تحقيق قمة تاريخية جديدة.
وذهبت الخبيرة الاقتصادية في “إنتيسا سان باول” دانييلا كورسيني إلى أبعد من ذلك، إذ توقعت أن يبلغ سعر الأوقية في السنة الجديدة 2300 دولار في حال تبنى مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) سياسة التيسير النقدي، وحدوث تصعيد غير متوقع في المخاطر الجيوسياسية، حسبما نقلت عنها رويترز.
والعلاقة بين الذهب والدولار في الغالب تكون عكسية -حسب الخضر- ففي حال تحسن أوضاع الاقتصاد الأميركي وتوجه البنك إلى سياسة التشديد النقدي ورفع الفائدة، قد يتسبب هذا في دعم الدولار وابتعاد المستثمرين عن الأصول من دون عائد مثل الذهب، كما أنه مع تحسن أوضاع الاقتصاد في الدولة يرتفع عائد السندات، ويكون مؤشرا أيضا على احتمالات ارتفاعات التضخم.
ويؤيده في ذلك كبير إستراتيجيي الأسواق في “أوربكس مصر” عاصم منصور، الذي يقول للجزيرة نت إن الذهب سيحقق مكاسب كبيرة في 2024، مع اتجاه بنوك مركزية، خاصة بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني) إلى زيادة حيازاته من المعدن الأصفر بعد الاستغناء بنسبة ما عن الدولار على إثر استخدامه كسلاح اقتصادي في عديد من الأزمات، لا سيما الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي المجمل، يرجح منصور أن تنتقل أونصة الذهب باتجاه نطاق سعري جديد العام الحالي، ويوصي بالشراء في هذه الفترة.
ويرى منصور أن النظرة ستكون شرائية بصورة كبيرة جدا في 2024 مع استقرار الأوقية فوق ألفي دولار وعند نطاق 2100 دولار.
أداء 2023
وسجّل الذهب أفضل أداء سنوي في 3 سنوات، خلال عام 2023، مدعوما بتوقعات بأن يبدأ مجلس الاحتياطي الفدرالي تخفيف سياسته النقدية في مارس/آذار 2024.
وأنهى الذهب تعاملات 2023 عند 2062.49 دولارا للأوقية، عند تسوية آخر تعاملات 2023، لكن العقود الأميركية الآجلة سجلت 2074.50 دولارا للأوقية.
وارتفع المعدن الأصفر نحو 14% منذ بداية العام الماضي وسط أداء متقلب، إذ تحركت الأسعار بين مستويات متدنية بالقرب من 1800 دولار، في وقت سابق من العام قبل أن تصعد إلى مستوى قياسي عند 2135.40 دولارا في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال الخضر إن توسع حالة العزوف عن المخاطرة بسبب الصراع في الشرق الأوسط في 2023 ساهم في زيادة الطلب على الذهب باعتباره الملاذ الآمن الأول الذي يلجأ إليه المستثمرون وقت الأزمات.
ضغوط هبوطية
وقال رئيس قسم أبحاث السوق في شركة “إكس إس دوت كوم” أحمد نجم للجزيرة نت إن عام 2023 شهد ضغوطا هبوطية قبل أكتوبر/تشرين الأول مع التمسك بسياسية التشديد النقدي، لكنه اختتم العام بارتفاعات كبيرة بدأها من أكتوبر/تشرين الأول، وسط توقعات بخفض أسعار الفوائد من جانب الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي).
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة خلال تعاملات السنة عند 23.79 دولارا للأوقية، بينما تراجع البلاتين 7.3% إلى 992 دولارا بنهاية السنة.
السلع
وعلى صعيد السلع، أغلقت العقود الآجلة للذرة في شيكاغو تعاملات السنة على أكبر خسارة سنوية منذ عقد من الزمان، في حين سجل القمح وفول الصويا أيضا انخفاضات سنوية حادة بعد أن خففت ضخامة المحاصيل في البرازيل ومتانة التجارة في البحر الأسود من مخاوف إزاء الطقس والحرب.
وإجمالا، أغلق عقد الذرة الأكثر نشاطا على انخفاض 31% على مدى 2023، وهو أكبر تراجع منذ 2013 بالنسبة للمحصول الأكثر تداولا على الصعيد العالمي.
وانخفض القمح 21% هذا العام، في حين خسر فول الصويا 15%.
وأنهت الحبوب والزيوت النباتية سلسلة استمرت عدة أعوام من مكاسب الأسعار ذات الصلة بتراجع المحاصيل وجائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية.
وأسهمت محاصيل ذرة قياسية هذا العام في البرازيل والولايات المتحدة -بالإضافة إلى تسجيل أعلى مستوى على الإطلاق في إنتاج فول الصويا البرازيلي- في تعويض الجفاف الشديد في الأرجنتين.
لكن تحسن معدل هطول الأمطار في الأرجنتين بالقرب من أواخر العام أتاح للمزارعين إحراز تقدم جيد في زرع محاصيل الذرة وفول الصويا المقبلة.
ومن المرجح أن يشعر المزارعون العام المقبل بآثار انخفاض الأسعار وإعطاء أولوية لزراعة فول الصويا في الولايات المتحدة.
وعمّت حالة من الهدوء أسواق الحبوب بفضل صادرات القمح الكبيرة من روسيا التي حصدت هي الأخرى محصولا ضخما هذا العام وانتعاش شحنات الحبوب من أوكرانيا بعد أن شغّلت كييف ممرا ملاحيا جديدا.