يتخذ الإنسان عشرات -إن لم يكن المئات- من القرارات يوميا، من اختيار الكلمات التي يقولها إلى الملابس التي يرتديها. لذلك من الطبيعي أن يكون التخفيف من قرار واحد -مثل اختيار الوجبات وتكرارها يوميا- أمرا مغريا.

يختار البعض تناول الطعام نفسه بانتظام بدافع العادة، ويرى بعض المشاهير والمؤثرين أن تكرار الوجبات يعد حيلة صحية لتبسيط الروتين ودعم استقرار السعرات الحرارية.

ومع أن الالتزام بنمط غذائي ثابت قد يساعد في تبسيط الحياة والتحكم بالوزن، فإنه ينضوي على مخاطر عدة قد تؤثر سلبا على الصحة العامة.

يبقى السؤال: هل الرتابة الغذائية مفيدة؟ أم أنها تحرم الجسم من التنوع الغذائي الضروري للحفاظ على صحة متوازنة؟

هل يجب أن أتناول الطعام نفسه كل يوم؟

تناول الطعام نفسه يوميا قد يكون خيارا مناسبا لبعض الأشخاص الذين يفضلون الاستقرار والبساطة في روتينهم الغذائي.

ومع ذلك، يعتمد هذا الخيار على مدى توازن تلك الأطعمة وغناها بالعناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم، إذ يتطلب الحفاظ على الصحة تنوعا في الفيتامينات والمعادن.

كما ينبغي أن يتناسب الطعام مع الاحتياجات الصحية الخاصة، والتي قد يؤدي تجاهلها إلى مشكلات صحية على المدى الطويل.

لكن قبل الخوض في السلبيات، نستعرض فوائد تناول الطعام نفسه يوميا فيما يلي:

  • نظام غذائي أبسط: يوفر تناول الطعام نفسه يوميا الوقت والجهد المبذولين في التخطيط للوجبات، فبدلا من التفكير المستمر في ما ستأكله، يمكن إعداد وجبات محددة ومكررة بسهولة، مما يجعل التحضير اليومي للوجبات أسرع وأكثر كفاءة.
  • تحكم أفضل بالسعرات الحرارية: عندما يعرف الشخص تفاصيل السعرات الحرارية والقيم الغذائية لكل وجبة يتناولها بشكل يومي، يصبح من السهل متابعة استهلاك السعرات والتحكم في الوزن. ويساعد هذا الروتين في تحقيق أهداف غذائية معينة مثل إنقاص الوزن أو الحفاظ عليه، حيث يتم إزالة عنصر المفاجأة من النظام الغذائي.
  • بناء عادات غذائية جيدة: تكرار الوجبات نفسها يساعد في بناء عادات غذائية ثابتة، فأولئك الذين يتبعون أنظمة غذائية معينة لتحقيق أهداف صحية أو رياضية يجدون الراحة في تناول وجبات مألوفة ومنظمة. هذا النمط يعزز الالتزام، ويقلل من خطر الانحراف عن النظام الصحي.
  • تجنب الإفراط في الأكل: تشير بعض الدراسات إلى أن تنويع الأطعمة بشكل كبير قد يحفز تناول الطعام بكميات أكبر، حيث يميل الأشخاص إلى الإفراط عندما يكون لديهم خيارات متنوعة. واتباع نمط غذائي موحد يمكن أن يساعد في التحكم في الشهية وتجنب الإفراط في تناول الطعام​.
تناول الطعام نفسه يوميا قد يكون خيارا مناسبا لبعض الأشخاص الذين يفضلون الاستقرار والبساطة في روتينهم الغذائي (شترستوك)

التنوع الغذائي هو الأفضل

قد يكون تناول الطعام نفسه يوميا أمرا مريحا للبعض، لكنه قد لا يمثل الحل الأمثل للجميع. فبالإضافة إلى المزايا التي قد يوفرها، هناك العديد من الجوانب السلبية التي يجب أخذها بعين الاعتبار مثل:

  • نقص التنوع الغذائي: لا يمكن أن يوفر أي طعام واحد جميع الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم. مما يعني أن الاعتماد على الطعام نفسه يوميا سيؤدي إلى نقص عناصر غذائية حيوية مثل المعادن والفيتامينات، ويتسبب في زيادة خطر الإصابة بأمراض مثل فقر الدم، وهشاشة العظام، ومشكلات أخرى تعتمد على النظام الغذائي.
  • الإضرار بالأمعاء: تلعب بكتيريا الأمعاء دورا أساسيا في دعم جهاز المناعة وتعزيز عملية الهضم. ويسهم النظام الغذائي المتنوع في زيادة تنوع البكتيريا النافعة، مما يقوي المناعة، ويحسن امتصاص المغذيات. وتؤكد الدراسات أن الأمعاء تحتاج لتنوع غذائي واسع لتحقيق توازن صحي، حيث يعتمد تنوع وقوة البكتيريا الجيدة على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة.
  • التعرض المفرط لبعض المواد الضارة: إذا كان الطعام المكرر يحتوي على مكونات ضارة مثل الملح المفرط أو المعادن الثقيلة (مثل الزئبق الموجود في بعض الأسماك)، قد يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية مع الوقت.
  • فقدان الوزن بسهولة أكثر: أظهرت دراسات علمية وجود علاقة عكسية بين التنوع الغذائي الصحي والسمنة، حيث تبيّن أن زيادة تنوع الأطعمة الصحية قد يساعد البالغين الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن على فقدان الوزن وتقليل الدهون. ويمكن أن يكون إدخال أطعمة صحية جديدة طريقة فعالة لجعل الأنظمة الغذائية المقيدة أكثر جاذبية وتنوعا.

كيف يؤثر الطعام على نفسيتك؟

تقول المختصة النفسية الدكتورة جيل سالتز إن تناول الطعام نفسه يوميا قد يكون علامة على مشكلة في الصحة العقلية، حيث يمكن أن يكون هذا السلوك أحد أعراض اضطراب الأكل، الذي قد يتطور إلى اضطراب فعلي.

وتشير سالتز إلى أن تكرار الوجبة نفسها قد يولّد شعورا بالتوتر بسبب الحاجة إلى الالتزام بنمط معين، مما يحد من المشاركة في المناسبات الاجتماعية، وقد يثير شعورا بالذنب عند كسر الروتين.

ومع ذلك، لا يعني هذا بالضرورة اضطرابا إذا كان الشخص يفضل البساطة في نظامه الغذائي. بل يُنصح بالانتباه إلى العلامات غير الصحية، مثل الشعور بالقلق من تناول أطعمة خارج النظام المعتاد، حيث إن الأمر يرتبط بطبيعة العلاقة مع الطعام.

هذا بالإضافة إلى أن تكرار تناول الوجبات نفسها يمكن أن يؤدي إلى الملل، مما يقلل من الاستمتاع بالأكل، ويؤثر على الالتزام بنظام غذائي صحي. كما قد يشعر البعض بفقدان الدافع لتحضير الوجبات الصحية، مما يدفعهم للجوء إلى الخيارات السريعة وغير المغذية.

فإذا كانت طبيعة حياتك تفرض عليك تناول الأطعمة نفسها باستمرار، فحاول إجراء بعض التغييرات لتحصيل أقصى فائدة ممكنة.

تغييرات بسيطة عليك القيام بها

يؤكد خبراء التغذية على أهمية تنوع الوجبات الغذائية، وفي حال كانت مهامك اليومية مزدحمة وتجد صعوبة في تدبير أمورك، يمكنك اتباع بعض النصائح البسيطة لتحسين نظامك الغذائي:

  • خطط لوجباتك مسبقا: بدلا من التفكير يوميا في ما ستتناوله، حاول إعداد قائمة طعام وتخصيص يوم معين للتسوق لجميع المكونات. وبهذه الطريقة، ستخفف عن نفسك من ضغوط التوتر والفوضى.
  • نوع المكونات الأساسية: لا تقتصر على تناول نوع واحد من البروتين يوميا، بل يمكنك التبديل بين الدجاج، السمك، التوفو، أو حتى البروتينات النباتية. وهذا سيزيد من تنوع وجباتك.
  • استخدم طرق طهي متنوعة: استمتع بتجربة طرق طهي مختلفة مثل الشوي والتبخير لإضفاء نكهات وقوام متميزين على المكونات نفسها.
  • أضف التوابل والأعشاب: استخدم التوابل والأعشاب لتغيير نكهة الأطباق، بالإضافة إلى فوائدها الصحية، مثل مضادات الأكسدة الموجودة في الكركم والقرفة.
  • اعتمد على المنتجات الموسمية: اختر الفواكه والخضروات الموسمية، فإنها لا تساعد فقط في تحقيق تنوع في نظامك الغذائي، بل تزود جسمك أيضا بمغذيات إضافية.
شاركها.
Exit mobile version