عشاق الطبيعة يجدون في صحراء قطر ورمالها وخليجها مرفأ للترويح، ويجد عشاق تراث الشعوب في سوق واقف ومتحف قطر الوطني وقلعة الزبارة مكانا يمكن الاستمتاع به، أما عشاق الرياضة فباتت قطر قبلتها العالمية بوجود الملاعب المونديالية الثمانية، فضلا عن الحدائق والصالات الرياضي.
فخلال العقدين الماضيين، سعت دولة قطر إلى تنويع مقاصدها السياحية، فكان إحياء سوق واقف التراثي وإنشاء الحي الثقافي (كتارا) ومتحف قطر الوطني وميناء الدوحة القديم وجزيرة المها أكبر شاهد على حرص الدولة على الجانب السياحي باعتباره داعما للاقتصاد القطري، فضلا عن تسهيل عملية الدخول إلى البلاد بتحويل بطاقة “هيّا” التي كانت مخصصة لجمهور المونديال إلى منصة رقمية دائمة لزيارة قطر.
ومن مميزات السياحة في دولة قطر المسافات المتقاربة بين المزارات المختلفة، فيمكن للزائر في يوم واحد أن يزور العديد من المزارات دون عناء في ظل توفر وسائل المواصلات العامة المختلفة التي تخدم المزارات السياحية لاسيما مترو الدوحة، الذي يمكن الزائر استخدامه يوميا لخمس رحلات بأقل من 10 ريالات (أقل من 3 دولارات).
تنوع كبير
أما الإقامة في قطر فتتميز بالتنوع الكبير، إذ هناك الفنادق الفخمة ذات العلامة العالمية المشهورة، وهناك الفنادق المتوسطة ذات الثلاث والأربع نجوم بتكلفة تقديرية تبدأ من 80 دولارا لليلة.
التنوع في أماكن الإقامة يرافقه أيضا تنوع كبير في المطاعم الموجودة بقطر، فنظرا لكون البلاد تضم العديد من الجنسيات العربية والأجنبية، فهناك أصناف متعددة من الأكلات المختلفة من كل بقاع الأرض، فضلا عن الأكلات التراثية القطرية لاسيما الثريد والهريس.
وتعد أفضل الأوقات لزيارة دولة قطر من شهر أكتوبر/تشرين الأول حتى شهر أبريل/نيسان كون هذه الأشهر تتمتع بالطقس المعتدل والشتاء الدافئ، ويدعم السياحة في البلاد وجود الخطوط الجوية القطرية التي تعمل في 130 وجهة حول العالم، مما يمكّنك من زيارة قطر أينما كنت في العالم.
اليوم الأول
وعند التخطيط لزيارة قطر، يمكنك في اليوم الأول زيارة سوق واقف أحد أقدم أسواق الدوحة وأشهرها في الخليج العربي، ويمتد تاريخه عبر أكثر من قرن من الزمن، حيث كان ملتقى التجار العرب القادمين إلى البلاد لعرض بضائعهم المختلفة، ويقدم السوق لمرتاديه تجربة تسوق أصيلة، يستمتعون خلالها بأجواء التجارة العربية، علاوة على الطابع الهندسي المميز الذي يجمع بين الهندسة المعمارية التراثية والمعاصرة.
وعقب زيارة سوق، يمكنك زيارة متحف الفن الإسلامي المجاور، والتعرف على ما يحتويه من مقتنيات تعود إلى العصور الإسلامية المختلفة، ثم الاستمتاع بالأجواء المشمسة في حديقة المتحف التي تبلغ مساحتها حوالي 280 ألف متر مربع.
اليوم الثاني
وفي اليوم الثاني من زيارة قطر، تبدأ يومك بتناول وجبة الإفطار في ميناء الدوحة القديم الذي حولته البلاد عقب افتتاح ميناء حمد إلى مكان للتنزه، ثم تتجول في أركان الميناء المختلفة، وبعد الانتهاء من جولة الميناء عليك بزيارة متحف قطر الوطني الذي يستحضر تصميمه نمط حياة الشعب القطري بين البحر والصحراء، ويروي فصول قصة نشأة قطر جيولوجيا منذ القدم، مانحا إياها صوتا للتعريف بتراثها وثقافتها الغنية والتعبير عن طموحات شعبها المستقبلية.
في ختام اليوم، يمكنك التجول على كورنيش الدوحة ولوسيل الممتد لأكثر من 12 كيلومترا، واستحضار ذكريات فعاليات كأس العالم التي جرت في قطر عام 2022، فضلا عن وجود أماكن لممارسة الرياضة ومسارات للدراجات بطول الكورنيش.
اليوم الثالث
أما في صباح اليوم الثالث، فعليك الخروج من العاصمة الدوحة، والتوجه صوب منطقة سيلين التي تبعد 40 كيلومترا من العاصمة، حيث أبرز الوجهات لعشاق الاستجمام والباحثين عن اللحظات الهادئة بعيدا عن صخب الحياة في المدينة، والتمتع بالرمال الذهبية التي تتسلل إليها خيوط الشمس في رفق إما وقت الشروق وإما وقت الغروب، مع تنسم الهواء العليل في رحلة استشفاء نفسي وجسدي.
وتمثّل “طعوس” (صعود المرتفعات الرملية بالسيارات) في منطقة سيلين متنفسا للباحثين عن المغامرات المثيرة من خلال ركوب السيارات على الكثبان الرملية والحصول على اندفاع هائل من “الأدرينالين”، وبما أن لعشق الصحراء فنونا فإن قاصديها قد يتوجهون في جولات إما سيرا على الأقدام أو على ظهور الجمال المزينة بشكل جميل عبر الكثبان الساحرة، وإما “التطعيس” بالسيارات الرباعية الدفع التي تشق بهدير محركاتها سكون الصحراء.
وفي طريق العودة من سيلين، يمكنك زيارة حديقة ملعب الجنوب أحد ملاعب المونديال، ويمكنك في مساء اليوم نفسه زيارة ملعب البيت أحد أروع ملاعب المونديال في مدينة الخور الساحلية، التي تبعد 35 كيلومترا من الدوحة، وهو ملعب يحاكي الروح العربية في تصميمه وينافس أفضل الملاعب العالمية ويمتلك حديقة بمساحة 400 ألف متر مربع.
اليوم الرابع
يمكنك قضاء اليوم الرابع في قطر داخل العاصمة الدوحة حيث زيارة منطقة أسباير زون بمنشآتها الرياضية الحديثة والمتنوعة والتي تجمع بين أحدث التقنيات، وتضم ملعب خليفة الدولي، وتعد من أفضل مرافق التدريب الرياضي على مستوى العالم، فهي تضم إلى جانب الحديقة المترامية الأطراف العديد من المجالات الأخرى مثل الطب الرياضي والبحث والتعليم وصناعة الأحداث والفعاليات.
ليست حديقة أسباير زون وحدها التي لها مرتادوها في قطر، فهناك عشرات الحدائق التي تعد مقصدا للأسرة في البلاد، كحديقة البدع التي تعد أكبر حديقة في منطقة الشرق الأوسط بمسارات للركض مترامية الأطراف يجد فيها محبو رياضة المشي ضالتهم.
ومن أسباير زون إلى الحي الثقافي كتارا، وهو عبارة عن حي ثقافي يهدف إلى تعزيز الحركة الثقافية في قطر ودعم الطاقات الإبداعية عبر مختلف مرافقه ومبانيه، وهو ملتقى لجميع المثقفين والفنانين، ومركز لتعزيز الوعي الثقافي عبر المهرجانات والمعارض والندوات والحفلات الموسيقية وكل أشكال التعبير الفني، فضلا عن كونه قبلة للسياحة في البلاد.
وفي المساء يمكنك زيارة جزيرة اللؤلؤة، وهي أجمل وأرقى المعالم السياحية في قطر، فهي عبارة عن العديد من الجزر الصناعية، تم إنشاؤها بتكلفة بلغت حوالي 2.5 مليار دولار، ولاختيار مكان الجزيرة دلالة وأهمية كبيرتان لأنها تدل على الموقع القديم للغوص بحثا عن اللؤلؤ، حيث كان هذا الموقع الأساسي لصيد اللؤلؤ وبيعه في الماضي، وصممت الجزيرة على نمط شاطئ ريفيرا الفرنسي حتى تنقل السائح إلى أجواء أوروبية.
وعلى بعد كيلومترات قليلة من اللؤلؤة، تجد جزيرة المها ودرب لوسيل في قلب مدينة لوسيل الجديدة، يبرز درب لوسيل بوصفه وجهة ترفيهية وسياحية حيوية متنوعة، تم تصميمه وفق شارع الشانزليزيه بفرنسا ليقدم تجارب فريدة في الهواء الطلق مع إمكانية التحكم بالطقس.
خيارات إضافة
ويتوفر في قطر العديد من الخيارات الإضافية للسائحين أهمها الشواطئ العامة المتواجدة على طول سواحل البلاد ويعد شاطئ سيلين في مسيعيد واحدا من أكثر الشواطئ شهرة في قطر وهو مكان مثالي للعائلات ومجموعات الأصدقاء، حيث يوفر مجموعة واسعة من الأنشطة إلى جانب السباحة، مثل ركوب الجمال، وجولات السفاري، وركوب الكثبان الرملية.
وفي مسيعيد أيضا وعلى بعد 30 دقيقة من شاطئ سيلين عبر الكثبان الرملية الساحرة تجد جوهرة قطر، البحر الداخلي أو خور العديد ويعدّ هذا المنتجع الطبيعي المعترف به من جانب اليونسكو مكانا مثاليا للصيد، أو التخييم، أو مشاهدة غروب الشمس وانعكاسها في المياه.
وفي الشمال من العاصمة الدوحة وعلى بعد 90 كيلومترا من العاصمة يقع شاطئ المرونة الخيالي، برماله الذهبية ومياهه الفيروزية الدافئة، ويمثل هذا الشاطئ واحدا من أكثر الشواطئ شهرة في قطر، وهو وجهة مثالية للاستمتاع بقضاء يوم على البحر، ويتميز برماله الناعمة ومياهه الضحلة التي تجعله وجهة لا يسعك تفويتها.
وعلى مقربة من المرونة تجد شاطئ فويرط المذهل الذي يعد كنزا طبيعيا، ويتميز برماله البيضاء الناعمة ومياهه الزرقاء الصافية الكريستالية ما يجعله ملاذا مثاليا للجميع. ويوفر أنشطة شاطئية مشوقة، مثل التزلج الشراعي أو الكرة الطائرة الشاطئية، إلى جانب كونه بقعة مثالية للاستمتاع بالطبيعة في أبهى صورها.
ليست الشواطئ العامة فحسب بل هناك شواطئ تم افتتاحها تزامنا مع استضافة كأس العالم 2022 في قطر أهمها شاطئ 974 المجاور لأحد أجمل ملاعب المونديال الذي يحمل نفس الاسم، ويوفر هذا الشاطئ تجربة مثالية للاستجمام، وفي قلب الدوحة يقع شاطئ الخليج الغربي الذي يوفر تجربة مثالية وفعاليات متعددة طوال الخريف والشتاء والربيع، ويتميز بقربة من كافة أماكن الدوحة.
وعلى امتداد البلاد يوجد العديد من المنتجعات السياحية في سيلين وسلوى وسميسمة والشمال وتوفر تجارب مختلفة بعضها يتميز بوجود الألعاب المائية العملاقة التي تتناسب مع العائلات خاصة الأطفال، وبعدها يوفر الراحة والاستجمام بعيدا عن صخب المدينة.