اعتبرت صحيفة إيكونوميست البريطانية أن دولة الرفاه في إسرائيل تلقت ضربة قوية بسبب استمراها بالعدوان على قطاع غزة بعد أن انكمش الاقتصاد وارتفعت الأسعار وزادت أعداد العاطلين عن العمل، وتزاد التحذيرات من تكلفة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وبعد الأشهر الثلاثة الأولى للحرب، انكمش اقتصاد إسرائيل بأكثر من الخمس بمعدل 20.7% على أساس سنوي. وانخفضت الصادرات بأكثر من 18%، وتراجعت الواردات بأكثر من 42%.
وفي الفترة نفسها، كان 750 ألف شخص -أي سدس القوى العاملة- عاطلين عن العمل، فقطاعات البناء والزراعة فقدت أكثر من نصف العاملين بها، كما أن قطاع التكنولوجيا العالية تلقى هو الآخر ضربة قوية.
تهاوي السياحة
وفي مجال السياحة، هوى عدد سياح القدس المحتلة وحدها بأكثر من 77% موسم الأعياد.
وكشفت بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي أن السياحة الوافدة -خلال الربع الأخير من عام 2023- تعد الأسوأ منذ “انتفاضة الأقصى” مطلع الألفية الحالية مع استثناء فترة كورونا، عازية الأمر إلى تداعيات عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، تتواصل خسائر القطاع السياحي الإسرائيلي حيث ألغت معظم شركات السياحة العالمية رحلاتها إلى إسرائيل، وباتت شركة العال الإسرائيلية تشغل نحو 80% من الرحلات الجوية المتجهة إلى إسرائيل مع توقف معظم رحلات الشركات العالمية الأخرى.
وتظهر أرقام مركز الإحصاء الإسرائيلي أن 180 ألفا زاروا إسرائيل خلال الربع الأخير من العام الماضي، ويشمل هذا العدد الإسرائيليين خارج إسرائيل، مما يمثل نسبة هبوط تبلغ 81.5% على أساس سنوي مقارنة بعام 2022 عندما بلغ عدد السياح في الربع الأخير منه 930 ألف سائح.
وبلغ إجمالي عدد السياح -بحسب الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي- خلال العام الماضي بأكمله 3 ملايين سائح زاروا إسرائيل مقارنة بـ4.5 ملايين عام 2019، وكانت إسرائيل تتوقع استقبال 5.5 ملايين زائر عام 2023.
نفقات إضافية
وفي الربع الأخير من العام الماضي، بلغت النفقات العسكرية الإضافية لجيش الاحتلال 8 مليارات دولار وهو مبلغ يعادل وحده 2% من إجمالي الناتج المحلي بالإضافة إلى النفقات على النازحين ودعم الجنود المصابين وأسر القتلى.
النفقات الإضافية وتراجع في الموارد دفع الحكومة قبل أيام لاقتراض 8 مليارات دولار في أكبر عملية بيع سندات في تاريخ إسرائيل حسب وكالة بلومبيرغ.
ويأتي إصدار سندات إسرائيل في الوقت الذي تتطلع فيه إلى مواصلة الحرب على قطاع غزة. وقال عدي باتنايك رئيس الدخل الثابت بالأسواق الناشئة في شركة “ليغال أند جنرال إنفستمينت مانغمنت” إن لدى إسرائيل احتياجات تمويلية كبيرة هذا العام بسبب الحرب و”لن أتفاجأ إذا احتاجوا إلى إصدار المزيد”.
وبحسب بلومبيرغ، تظل مبادلة العجز الائتماني (تكلفة الحماية من التخلف عن السداد) مرتفعة، ضمن مواطن أخرى في الاقتصاد الإسرائيلي يبقى فيها القلق قائما جراء الحرب.
وخفضت وكالة موديز تصنيف إسرائيل بمقدار مستوى واحد إلى “إيه 2” في فبراير/شباط الماضي، وهو أول خفض على الإطلاق لدولة الاحتلال.
ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية -أواخر الشهر الماضي، عن المحاسب العام بوزارة المالية الإسرائيلية يالي روتنبرغ- قوله إن إسرائيل تخطط لاستدانة 60 مليار دولار السنة الحالية، وتجميد التوظيف الحكومي وزيادة الضرائب، بعد أن تضاعف إنفاقها العسكري تقريبا جراء حربها على قطاع غزة.
ويتوقع أن تحتاج إسرائيل إلى إصدار المزيد من السندات، فوفق فايننشال تايمز تخطط الحكومة لجمع نحو 70 مليار دولار مما يرفع نسبة الدين العام إلى 70% من إجمالي الناتج المحلي.
وهذا إضافة إلى تجميد التوظيف الحكومي وزيادة الضرائب، فقد وافق الكنيست الأسبوع الماضي على رفع معدل الضرائب على البنوك إلى 26% لجمع نحو 700 مليون دولار على مدى العامين المقبلين.
الوضع يزداد سوءا
وسط هذه التداعيات، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بيامين نتنياهو للموافقة من الكنيست على الميزانية المعدلة التي تتضمن إنفاقا عسكريا مضافا بنحو 15 مليار دولار مما يرفع قيمة الميزانية لأكثر من 160 مليار دولار بزيادة تفوق 13% عن الميزانية الأصلية التي كانت موضوعة قبل الحرب.
كل ذلك دفع إيكونيميست للقول “إذا ظلت إسرائيل تحت إدارة نتنياهو السيئة فسيزاد الوضع سوءا، ولكن حتى لو تنحى فستكون أمامها خيارات صعبة بين الإنفاق العسكري المتزايد ودولة الرفاهية التي كانت، وهو ما حذر منه مدير بورصة تل أبيب بأن إسرائيل قد تتحول إلى دولة فقيرة خلال 10 سنوات إذا لم تتوقف تكلفة الحرب.