مراسلو الجزيرة نت
بيروت– لم يصدق مناصرو حزب الله اللبناني نبأ اغتيال الأمين العام حسن نصر الله، الذي يلقبونه بـ”سيد المقاومة”، وذلك في سلسلة غارات إسرائيلية ضخمة هزت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الجمعة الماضي، وشبّهها مراقبون بـ”الزلزال”، لتقفل إسرائيل حسابا مفتوحا معه كواحد من أحد أبرز وأشد أعدائها وأطولهم مواجهة.
ولد حسن نصر الله في 31 أغسطس/آب 1960 في بلدة النبعة قضاء لبيروت، وتعود أصوله إلى بلدة البازورية الواقعة في قضاء صور، جنوب لبنان. ولم يكن قد تجاوز 18 عاما حينما اجتاحت إسرائيل الجنوب وأقامت الشريط الحدودي خلال عملية الليطاني.
أدرك نصر الله منذ البداية المخاطر التي يحملها الطريق الذي اختاره، بعد استشهاد الأمين العام للحزب السابق عباس الموسوي في غارة إسرائيلية استهدفته مع عائلته عام 1992، حيث تولى نصر الله قيادة حزب الله، وفي تلك الفترة، تعرف اللبنانيون على الشاب الثلاثيني الذي سيقود أكبر قوة مقاومة في لبنان.
قاد نصر الله حزب الله خلال فترة التسعينيات، التي شهدت تحديات واعتداءات إسرائيلية متكررة، خرج منها الحزب في كل مرة أقوى، وفي مايو/أيار 2000، نجحت المقاومة تحت قيادته في تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، ورفع شعار “ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”.
وبلغ نصر الله قمة مجده مع حزب الله خلال حرب 2006، حين فشلت إسرائيل في القضاء عليه، إلا أن هدفها تحقق بعد 18 عاما.
أمضى نصر الله حياته في مواقع سرية، يودع رفاقه في فلسطين ولبنان، مؤمنا بأن مقاومة الاحتلال هي السبيل الوحيد للتحرر، ومدركا أن الشهادة جزء لا يتجزأ من هذه المسيرة.
وكانت آخر كلماته “جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة”، وهي جملة يسجلها له الفلسطينيون الذين يرونه نصيرا حين خذلهم الآخرون، وترى إسرائيل في اغتياله تصفية لحساب طويل مع رجل خاض مسيرة مليئة بالمواجهات.
التزم حزب الله الصمت لساعات طويلة قبل أن يعلن، ظهر السبت، عن مصير أمينه العام رسميا، ومع تأكيد خبر اغتيال نصر الله، خيم الحزن والصدمة على أنصاره. فقد شوهدت النساء يبكين في الشوارع، بينما ذرف آخرون الدموع أثناء قيادتهم للسيارات، في مشهد مؤثر يعكس عمق الألم الذي اجتاح صفوف مناصريه.
فداء فلسطين والمقاومة
رصدت الجزيرة نت ردود فعل سكان المنطقة التي استُهدف فيها نصر الله، حيث تقول سيدة فضّلت عدم الكشف عن اسمها “أنا على يقين أن السيد حسن لم يستشهد، لكن حتى لو استشهد، الله سيرسل لنا ألف سيد حسن ليبقى شوكة في عيون الاحتلال، ويبقى إصبعه معذبهم”.
وأكدت أن “السيد حسن، ترك عند كل مجاهد الصبر والبصيرة. وإن استشهد، فنحن فداء لفلسطين وفداء للمقاومة، ولن ننهار، بل يجب أن نكون أقوياء ونفكر في الخطوة القادمة”.
وأضافت “علينا الآن أن نقدم الدعم للنازحين ونرفع الصوت قائلين: لبيك يا حسين، لبيك يا نصر الله، لكن ونحن واقفون بثبات، دون بكاء. علينا أن نقرأ له القرآن وندعو له، سواء كان حيا أو استشهد، فقد قدم حياته من أجلنا طوال 33 عاما وهو يعيش تحت الأرض”.
لم تختلف ردود فعل النازحين في مراكز الإيواء كثيرا، حيث تراوحت بين الصدمة العميقة والحزن الجارف. يقول أحد النازحين “كان خبر استشهاد السيد حسن نصر الله كالصاعقة التي أصابت الجميع، لأنه يمثل لنا كل شيء”.
وتضيف نازحة أخرى “كان الخبر صدمة مدمّرة، فهو من وقف معنا في مواجهة إسرائيل”. ويصف نازح آخر نصر الله بسيد المقاومة، مضيفا بفخر واضح “هو يدافع عن الأمة العربية بأكملها”.
وتعبر إحدى النازحات عن حزنها، وقد بدت على وجهها علامات الذهول، وتقول “خبر استشهاده كان صدمة هائلة، كلنا غرقنا في الحزن، فهو الشخص الذي وقف بشجاعة في وجه إسرائيل”.
أما الحاجة أم علي، التي غلبتها دموعها، فتقول “هو الوحيد الذي دافع عنا وحافظ علينا. منذ البارحة وأنا لا أكاد أصدق، أبكي بلا توقف. إن شاء الله ما يكون الخبر صحيح، وإن استشهد، فأنا أدعو له في كل صلاة من أعماق قلبي”.