مراسلو الجزيرة نت
غزة- بعد ساعات على نشره قائمة بصور لأشخاص زعم أنهم من قادة المقاومة الفلسطينية اعتقلهم في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تراجع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقال إنه نشر صورا عن طريق الخطأ لأشخاص على أنهم اعتقلوا في المستشفى وهم ليسوا معتقلين.
وقد أحدثت قائمة الصور التي نشرها جيش الاحتلال مساء أمس الخميس صدى كبيرا، إذ تضمنت قادة بارزين من كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، منهم القيادي رائد سعد، وزعم أنه اعتقلهم أثناء العملية العسكرية المستمرة في مجمع الشفاء، وإنه لا يستطيع كشف هويتهم الآن.
وفيما نفت حماس على الفور وبشكل قاطع اعتقال قادة من مستشفى الشفاء، تفاعل نشطاء غزيون على نطاق واسع مع هذه القائمة، وفندوا ما تضمنته من صور، وشخصوا الكثير منها تعود إلى أشخاص لا يرتبطون بالمقاومة، أو لشهداء، أو لأشخاص يقيمون بالخارج من فترات متفاوتة.
روايات زائفة
لم يمض وقت طويل حتى تأكد زيف الادعاء الإسرائيلي، عبر إعلان المتحدث باسم الجيش بقوله “بسبب خطأ بشري نشرنا صورا لأشخاص على أنهم اعتقلوا في مستشفى الشفاء بغزة وهم ليسوا معتقلين”، كما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن “إعلان الجيش حول أن القيادي في كتائب القسام رائد سعد قد اعتقل في مستشفى الشفاء تبين أنه خاطئ”.
وجاء التراجع الإسرائيلي بعد ساعات على نفي حماس على لسان مسؤول أمني فيها لقناة الجزيرة الفضائية اعتقال العشرات من قيادة المقاومة في مستشفى الشفاء، ووصف قائمة الصور بأنها “غير دقيقة”، وقال إن عددا من الصور في القائمة تعود لأشخاص هم خارج غزة حاليا، وصورا أخرى لشهداء، و3 صور تعود لأطباء أفرج عنهم الاحتلال سابقا.
وقال المسؤول الأمني في حماس إن “ما ينشر عبر الإعلام الإسرائيلي غير دقيق، ويدخل ضمن الحرب النفسية والمعنوية ضد المقاومة في قطاع غزة”.
حرب نفسية
لا يعتقد المختص بالشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم أن نشر هذه القائمة كان مجرد خطأ، وإنما كان في سياق الحرب النفسية، بما تتضمنه من كذب وتحريض وتضليل ضد المقاومة، وهي ضمن حملة دعاية ذات أهداف على المستوى الدولي، لتقول بأنها عادت إلى مستشفى الشفاء، وقد حققت أهدافا وإنجازات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى إبراهيم أن “إخفاق الجيش في تمرير هذه الرواية الزائفة سيكون له مردود سلبي عليه، وعلى جهاز الأمن الداخلي-الشاباك، وقد طالتهما الانتقادات داخليا، ولكنها لن تتطور إلى أكبر من مجرد انتقادات واتهامات بالإخفاق، أما على المستوى الدولي، فستزداد الاتهامات لإسرائيل بممارسة الكذب والتضليل في حربها المستمرة على غزة”.
ويعتبر إبراهيم أن لجوء جيش الاحتلال أكثر من مرة خلال هذه الحرب لروايات كاذبة عن سير العمليات على الأرض في غزة، يقع في إطار سعيه الحثيث وحاجته الماسة إلى إقناع الجمهور الإسرائيلي بأنه يحقق إنجازات، “لكن الأخطاء المتكررة سيكون لها مردود سلبي عكسي على أصعدة مختلفة في الداخل الإسرائيلي”.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون مع ما سبق، إذ يرى أن “نشر هذه القائمة لم يكن خطأ، وإنما كان عملا مقصودا يريد الاحتلال من خلاله إحداث بلبلة وجمع المعلومات”، ولذلك “لن يكون له مردود كبير داخل الجيش، ويمكن تفسيره على أنه عمل استخباراتي”.
إخفاق متكرر
ويقول المدهون للجزيرة نت إن “الأثر الأكبر على جيش الاحتلال هو تآكل مصداقيته، فهناك سقوط للرواية الإسرائيلية منذ عملية طوفان الأقصى، وهذه ليست المرة الأولى التي ينشر بها معلومات ويؤكدها ويتبين كذبها”، كما أن هذه هي المرة الثانية التي يقتحم فيها جيش الاحتلال مستشفى الشفاء، منذ بدء العملية البرية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بعد حملات تحريض واسعة ضد المقاومة وحركة حماس على وجه التحديد بأنها تستخدمه لأغراض عسكرية.
وبحسب المدهون، فإن هناك مجموعة أهداف أرادها الاحتلال من وراء ادعائه اعتقال قيادات مركزية لكتائب القسام، وهي:
- البحث عن صورة نصر يفتقدها جيش الاحتلال بعد 6 أشهر من العدوان، رغم ما ارتكب من مجازر مروعة غالبية ضحاياها من المدنيين والنساء والأطفال.
- تعويض عقدة النقص، خصوصا أن الاحتلال وحتى اللحظة لم يعتقل أيا من قادة كتائب القسام المعروفين، وما زالت قيادة القسام تقود المعركة، وتمارس دورها في التحكم والسيطرة.
- محاولة جمع المعلومات، والتعويل على أن نشر أسماء قادة سيدفع للتواصل معهم وإحداث فوضى يستغلها الاحتلال في التوصل لأهداف استخباراتية.
- لا يخلو ذلك كله من حرب نفسية متواصلة ضد شعبنا، ومحاولات هز ثقته بمقاومته وضرب الحاضنة الشعبية، ومحاولة إرسال رسالة لبعض القوى أن حكم حماس ووجودها انتهى وبدأت قيادتها بالاستسلام.
وقال المختص في الشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم إن “إسرائيل تريد من وراء الاقتحام الثاني لمستشفى الشفاء، ونشر مثل هذه القائمة الكبيرة التي تتضمن قادة كبار بالمقاومة، أن تقول للعالم: الحرب تحقق أهدافها، ولا تضغطوا علينا، وامنحوا الجيش الغطاء والفرصة للعمل، من أجل استكمال أهدافه بالقضاء على حماس، ولكن سرعة الكشف عن القائمة الزائفة من المعتقلين ستؤشر إلى حالة إرباك وتهز صورة إسرائيل”.