يتوقع أن يحمل عام 2025 العديد من التحديات الاقتصادية الكبيرة على مستوى العالم، وفقا لتقرير نشره موقع دويتشه فيله للكاتب تيموثي روكس.
وتمتد هذه التحديات من السياسات الأميركية في ظل ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، مرورا بالحروب التجارية والهجرة، وصولا إلى النزاعات المسلحة والتطورات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي.
1. ولاية دونالد ترامب الثانية وتأثيرها العالمي
مع بداية ولايته الثانية في يناير/كانون الثاني المقبل يواصل دونالد ترامب تنفيذ سياسة “أميركا أولا”، مما يعيد تشكيل النظام العالمي بطرق يصعب التنبؤ بها.
ويقول التقرير إن هذه الحقبة ستشهد غيابا واضحا للقيادة الأميركية التقليدية، مما قد يفتح المجال أمام دول مثل الصين وروسيا والهند لتعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي.
وبحسب التقرير، فإن ترامب معروف بتشكيكه في التحالفات الدولية مثل حلف الناتو، مما يضعف التنسيق الدولي ويزيد حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
وعلاوة على ذلك، فإن قراراته غير المتوقعة تؤثر بشكل مباشر على الازدهار العالمي، إذ يركز على السياسات الانعزالية التي قد تؤدي إلى تحولات جذرية في التجارة العالمية والتحالفات الاقتصادية.
2. الحروب التجارية والتعريفات الجمركية
وتعد سياسات التعريفات الجمركية التي ينتهجها ترامب واحدة من أبرز المخاوف للشركات والدول على حد سواء.
وخلال حملته الانتخابية لعام 2024 هدد ترامب بفرض تعريفات تصل إلى 60% على السلع الصينية و25% على السلع المكسيكية والكندية.
هذا التصعيد ينبئ بتفكيك اتفاقيات تجارية مثل اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (يو إس إم سي إيه).
ويوضح التقرير أن هذه السياسات ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة وإلحاق الضرر بسلاسل التوريد العالمية.
ومع ذلك، يدافع ترامب عن التعريفات باعتبارها وسيلة لتقليص العجز التجاري، لكن في المقابل قد يتسبب هذا النهج في نشوب حرب تجارية عالمية، مما يزيد حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.
3. تشديد القيود على الهجرة
تواجه الهجرة العالمية صعوبات متزايدة مع توجه العديد من الدول -خاصة الولايات المتحدة وأوروبا- إلى فرض قيود أكثر صرامة.
وخلال حملته وعد ترامب بتنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ أميركا، مع تشديد الإجراءات على الحدود مع المكسيك، مما يزيد الضغط على المهاجرين من دول أميركا اللاتينية مثل كوبا وهاييتي وفنزويلا.
ولا تقتصر هذه السياسات على الولايات المتحدة فقط، بل يسعى الاتحاد الأوروبي أيضا إلى تكثيف إجراءاته ضد الهجرة غير القانونية.
ويشير التقرير إلى أن هذه السياسات تؤدي إلى تعطيل سوق العمل، خاصة في القطاعات التي تعتمد على العمالة المهاجرة، مثل الزراعة والخدمات.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن القيود المفروضة على الهجرة القانونية -مثل تقليص عدد التأشيرات والحد من اللاجئين- ستؤثر على التنوع الاقتصادي والاجتماعي في هذه الدول.
4. الحروب والنزاعات وتأثيرها الاقتصادي
مع استمرار الحروب والنزاعات المسلحة في أوكرانيا والشرق الأوسط وآسيا يُتوقع أن تكون لها تكلفة باهظة على الاقتصاد العالمي.
ويزعم ترامب أنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة من خلال قطع التمويل الأميركي، مما قد يجبر كييف على التفاوض مع موسكو.
وفي الشرق الأوسط، تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة، والتي امتدت إلى لبنان، مما يزيد زعزعة استقرار المنطقة.
وفي آسيا، تستمر الصين في تهديداتها ضد تايوان، مع مخاوف من غزو وشيك.
ويشير التقرير إلى أن غياب القيادة الأميركية قد يشجع إيران وكوريا الشمالية على اتخاذ خطوات عسكرية، مما يزيد تعقيد المشهد العالمي.
5. الذكاء الاصطناعي والتطور الاقتصادي
على الرغم من التقدم الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق “شات جي بي تي” في 2022 فإن التقنية لا تزال تواجه تحديات تحول دون تحقيق تأثيرها الكامل.
وتستثمر الشركات العالمية بكثافة في مراكز البيانات والبنية التحتية اللازمة لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن هذه الجهود تصطدم بارتفاع تكاليف الطاقة والحاجة إلى سياسات واضحة لاستخدام التقنية.
ويتساءل التقرير عما إذا كان عام 2025 سيكون العام الذي يتحول فيه الذكاء الاصطناعي إلى عنصر أساسي في الاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو ضمان استخدام التقنية بطريقة تحقق فوائد ملموسة للشركات والعمال بدلا من أن تظل مجرد وعود تقنية غير محققة.
ويؤكد تيموثي روكس في التقرير المنشور عبر موقع دويتشه فيله أن عام 2025 سيشهد تحديات غير مسبوقة تتطلب من الحكومات والشركات التعامل بحذر ومرونة مع واقع عالمي متغير.
هذه التحديات تُظهر بوضوح أن الاقتصاد العالمي بحاجة إلى سياسات وإستراتيجيات مبتكرة للحفاظ على الاستقرار وتحقيق التنمية.