نستعرض في هذا التقرير آخر المعطيات البحثية حول عقاقير التحكم بسكر الدم وتخفيض الوزن، وكيفية تأثيرها على العضلات وصحة الحامل ومرضى السكري، مثل أوزمبيك Ozempic (المادة الفعالة فيه هي سيماغلوتيد Semaglutide) ومونجارو Mounjaro (المادة الفعالة فيه تيرزباتيد Tirzepatide).
صمّمت فئة الأدوية التي يندرج تحتها أوزمبيك لعلاج مرض السكري من النوع الثاني. يؤثر الدواء على هرمون الأمعاء GLP-1 المسؤول عن المعالجة السليمة للكربوهيدرات من الطعام، وهذا جزئيا عن طريق تحفيز إفراز الأنسولين بواسطة البنكرياس. وبالإضافة إلى ذلك، يقلل GLP-1 من الشعور بالجوع ويتسبب في تحرك الطعام بشكل أبطأ من المعدة إلى الأمعاء، ويعطي شعورا بالشبع لفترة أطول، مما يؤدي إلى فقدان الوزن. وتعمل هذه التأثيرات على تحسين التحكم في الغلوكوز وفقدان الوزن.
نبدأ من مقال نشر في مجلة “لانسيت” الطبية، ألقى الضوء على الأهمية الحاسمة لكتلة العضلات الهيكلية في سياق فقدان الوزن الناجم عن الأدوية، وخاصة مع الاستخدام الواسع النطاق لناهضات هرمون “جي إل بي 1” (GLP-1)، مثل أوزمبيك ومونجارو.
هذه الأدوية التي اشتهرت بفعاليتها في علاج السمنة أثارت مخاوف بشأن إمكانية فقدان العضلات بشكل كبير كجزء من عملية إنقاص الوزن.
شارك في المقال الدكتور ستيفن هيمسفيلد أستاذ التمثيل الغذائي وتكوين الجسم، والدكتورة م. كريستينا غونزاليس الأستاذة المساعدة والزائرة في التمثيل الغذائي وتكوين الجسم، وكلاهما من مركز بينينجتون للأبحاث الطبية الحيوية في الولايات المتحدة، وقالا في المقال إن فقدان العضلات يمكن أن يمثل 25 إلى 39% من إجمالي الوزن المفقود على مدى فترة تراوح من 36 إلى 72 أسبوعا.
هذا المعدل من تدهور العضلات أعلى بكثير مما يلاحظ عادة مع تقييد السعرات الحرارية غير الدوائية أو الشيخوخة الطبيعية ويمكن أن يؤدي إلى عواقب صحية سلبية غير مقصودة.
وعلى الرغم من الفوائد الأيضية الواعدة المرتبطة بناهضات GLP-1، بما في ذلك تحسينات في نسبة الأنسجة الدهنية إلى الخالية من الدهون، فإن الآثار السلبية المحتملة لفقدان العضلات تكتسب اهتماما. وتلعب العضلات الهيكلية أدوارا حاسمة ليس فقط في القوة البدنية والوظيفة ولكن أيضا في الصحة الأيضية وتنظيم الجهاز المناعي.
تم ربط انخفاض كتلة العضلات بانخفاض المناعة، وزيادة خطر الإصابة بالعدوى، وضعف تنظيم الغلوكوز، ومخاطر صحية أخرى. ويقترح المؤلفون أن فقدان العضلات بسبب فقدان الوزن قد يؤدي إلى تفاقم حالات مثل السمنة المفرطة التي تنتشر بين الأفراد المصابين بالسمنة وتسهم في نتائج صحية أسوأ، كأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع معدلات الوفيات.
وبينما تظل التأثيرات القصيرة المدى لفقدان العضلات على القوة البدنية والوظيفة غير واضحة، فإن المقال يدعو إلى إجراء أبحاث مستقبلية لاستكشاف كيف يمكن لانخفاض كتلة العضلات تحسين تكوين العضلات وجودتها. ويؤكد المؤلفون الحاجة إلى نهج متعدد الوسائط لعلاج فقدان الوزن، والجمع بين ناهضات “جي إل بي 1” (GLP-1) والتمارين والتدخلات الغذائية للحفاظ على كتلة العضلات.
وقال الدكتور هيمسفيلد “يجب أن ننتبه إلى الآثار الجانبية التي نراها مع أدوية إنقاص الوزن الجديدة، مثل تناول الشخص لكميات أقل أثناء تناول الأدوية وعدم الحصول على الكمية المناسبة من الفيتامينات والمعادن الغذائية”.
وأضاف “أيضا، عندما يفقد الشخص وزنه، فإنه لا يفقد الدهون فحسب، بل يفقد العضلات أيضا. نحن نبحث في كيفية إدارة فقدان العضلات بشكل أفضل من خلال استهلاك كمية كافية من البروتين جنبا إلى جنب مع كمية مثالية من التمارين الرياضية”.
أيتها الحامل.. احذري أوزمبيك بعد الولادة
ظهر “ترند” حاليا مثير للقلق وهو تباهي النساء بعد الولادة عبر الإنترنت بفقدان أكثر من 20 رطلا من خلال حقن تخفيف الوزن بعد أسابيع فقط من الولادة.
وتستخدم النساء أدوية أوزمبيك ومونجارو وويجوفي للتخسيس بعد ولادتهن.
بالمقابل، تم تحذير الأمهات الجدد من تناول حقن إنقاص الوزن بعد الولادة في محاولة للتخلص من الوزن الزائد بعد الولادة، وذلك وفقا لتقرير في صحيفة ديلي ميل البريطانية.
وحذر الخبراء من أن هذا الاتجاه يشكل “خطرا حقيقيا” على الأمهات الجدد، وحثوا النساء على عدم استخدام الدواء أثناء الرضاعة الطبيعية.
ويخشى أن ينتقل الدواء إلى الأطفال الحديثي الولادة ويعرضهم لمضاعفات غير معروفة حتى الآن.
وقال البروفيسور أليكس ميراس، الخبير في الغدد الصماء بجامعة أولستر، لديلي ميل، “هذه الأدوية ليست حلا سريعا لأي شخص ويجب استخدامها على المدى الطويل فقط من قبل الأشخاص الذين يعانون من السمنة ومضاعفاتها.. لا ينبغي استخدامها أبدا لأسباب تجميلية فقط أو من قبل الأمهات الجدد إذا كن يرضعن”.
وأضاف “من الناحية النظرية، عند الرضاعة الطبيعية، يمكن أن ينتقل الدواء إلى الطفل”.
ومع ذلك، أضاف أن الخبراء لا يعرفون بعد “الآثار الجانبية المحتملة لأننا لا نملك أي بيانات لإبلاغنا”.
حذرت شارلوت جريفثس، التي يبلغ مؤشر كتلة جسمها 21.7 فقط -وهو الحد الأدنى من النطاق “الطبيعي”- من مخاطر استخدام الدواء بعد الولادة بعد تناول جرعة زائدة من لقاح ويجوفي عن طريق الخطأ.
ولم تدرك أنها تناولت 4 أضعاف الجرعة الأولية الموصى بها إلا بعد أن أصيبت بضباب دماغي “وحشي” وأعراض الصداع النصفي و”مرضت بشدة” 3 مرات.
ووفقا لإرشادات هيئة الخدمات الصحية الوطنية، يجب تقديم الحقن فقط للأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم 30 على الأقل وحالة صحية واحدة مرتبطة بالوزن، مثل ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري.
وحث الخبراء النساء على عدم الشعور بالاندفاع “للعودة إلى رشاقتهن” بعد إنجاب طفل، محذرين من أن ذلك قد يعرض صحتهن للخطر.
أمراض الكلى
نختم بخبر طيب، إذ توصلت دراسة دولية إلى أن عقار أوزمبيك له تأثير إيجابي في أمراض الكلى المزمنة والسمنة.
وقاد الدراسة عالم الصيدلة السريرية هيدو إل. هيرسبينك من المركز الطبي الجامعي غرونينجن في هولندا.
وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها أن دواء السكري هذا، المعروف الآن كوسيلة لفقدان الوزن، فعال أيضا للمرضى الذين يعانون من تلف الكلى المزمن.
نشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة “نيتشر ميديسين” (Nature Medicine)، وأجريت الدراسة في 4 دول: كندا وألمانيا وإسبانيا وهولندا. تلقى نصف المشاركين البالغ عددهم 101 حقنة من السيماجلوتيد (المادة الفعالة في أوزمبيك) لمدة 24 أسبوعا، بينما تلقى النصف الآخر دواء وهميا. وجدت الدراسة أن كمية البروتين في البول، وهو مقياس للنتائج يشير إلى درجة تلف الكلى، انخفضت بنسبة تصل إلى 52%.
وفضلا عن ذلك، وجد أن درجة التهاب الكلى انخفضت بنسبة 30%، وكان انخفاض ضغط الدم لدى المشاركين كبيرا مثل انخفاض ضغط الدم الذي يعطيه دواء لخفض ضغط الدم، وفيهم، انخفض مقياس رئيسي لقصور القلب بنسبة 33%، كما فقد المشاركون حوالي 10% من وزنهم.
يشعر هيرسبينك بحماس كبير بشأن هذه النتائج، ويقول “الشيء العظيم هو أن الدواء له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الكلى. الدواء له تأثيرات مباشرة على معايير الالتهاب في الكلى، ويخفض الأنسجة الدهنية حول الكلى، ويقلل من كمية البروتين في البول. وبشكل غير مباشر لأنه يقلل من وزن المشاركين وضغط الدم”.
وقال المشاركون إنهم يشعرون بالجوع بشكل أقل ومن ثم يأكلون أقل.