القدس المحتلة- في 25 ديسمبر/كانون الأول الجاري صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية على اقتراح قانون يقضي بتفويض مدير عام وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية برفض توظيف معلمين من القدس والداخل الفلسطيني حاصلين على لقب أكاديمي من مؤسسة تخضع لرقابة وإشراف السلطة الفلسطينية.
وتقدم باقتراح القانون عضو الكنيست من حزب الليكود عميت هليفي وآخرون، وأيده خلال التصويت 40 عضوا وعارضه 9 أعضاء. وقال مقترحو القانون إن زيادة طرأت في السنوات الأخيرة في عدد المواطنين والمقيمين في إسرائيل الذين يتلقون تعليمهم الأكاديمي في مؤسسات السلطة الفلسطينية وفي عدد خريجي تلك المؤسسات الذين يلتحقون بجهاز التربية والتعليم في إسرائيل.
وجاء على الموقع الإلكتروني للكنيست الزعم بأن “الدراسة في تلك المؤسسات تتضمن في كثير من الأحيان، محتوى معاديا للسامية وتلقينا عقائديا يهدف إلى إنكار وجود دولة إسرائيل والتحريض بشكل جدي ضدها”.
وبالتالي “ليس من المناسب أن يعمل أولئك الذين اختاروا تعلم هذه المحتويات ضمن مؤسسات القطاع العام في دولة إسرائيل، لا سيما السماح لهم بتعريض الأطفال الذين لا حول ولا قوة لهم للمحتويات التي يتم تدريسها في مؤسسات السلطة الفلسطينية والتي تقوم بالتحريض ضد دولة إسرائيل وتربي على الإرهاب”.
“الكنيست” تصدّق على قانون حظر توظيف المعلمين خريجي الجامعات الفلسطينية https://t.co/KWo2G7vDGr
— SadaNews (@SadaNewsPS) December 26, 2024
استهداف المنارات
رئيس جامعة القدس د.عماد أبو كشك استهلّ حديثه للجزيرة نت بالقول إن الجامعات الفلسطينية هي منارات تنويرية وتضم أكبر عدد من النخب الفلسطينية من باحثين ومفكرين وعلماء في مجالات مختلفة.
“وبالتالي هذا القرار يأتي لمحاصرة الجامعات ومحاولة إغلاقها من جهة، وعزل المقدسيين وأهالي الداخل المحتل عنها من جهة أخرى، لأنها تشكل الحصانة الفكرية لهم، ويريد الاحتلال إخضاع الشعب الفلسطيني والسيطرة عليه” وفق رئيس جامعة القدس.
وأضاف أن الحق في التعليم واختيار المؤسسة التي يريد الشخص أن يلتحق بها من أبسط حقوق الإنسان، ولا علاقة لذلك بالسياسة، لكن إصرار الحكومة الإسرائيلية على عزل وإضعاف المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية واضح بأنها تريد من خلاله الضغط على الشعب الفلسطيني باستهداف أهم المؤسسات الموجودة لديه، وهي الجامعات التي تعتبر مراكز للنخبة ولبنة أساسية في الاقتصاد الفلسطيني، وبالتالي هذا من أخطر القرارات العنصرية التي تتخذها إسرائيل، وفقا لأبو كشك.
ووفقا لرئيس الجامعة فإن 55% من طلبة جامعة القدس الذين يبلغ عددهم 13 ألف طالب هم من المقدسيين ومناطق الـ48، وسيكون للقانون الجديد في حال المصادقة عليه بالقراءات الثلاث تأثير كبير على الجامعة التي تحمل اسم العاصمة.
“يريدون إخضاع الفلسطينيين لمسار فكري خاص يتّسق مع أجندات ومخططات الحكومة الإسرائيلية، ويرتبط اقتراح القانون الجديد بأسرلة المناهج في القدس ومحاصرة مدارسها وإنهاء وجودها” يقول رئيس جامعة القدس.
تمييز عنصري
ورغم أن اقتراح القانون الجديد ينحصر في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، فإن رئيس جامعة القدس أبدى مخاوفه من أن تطال التشريعات وزارات إسرائيلية أخرى، وبالتالي ستدفع 10 جامعات فلسطينية في الضفة الغربية أثمانا باهظة مع حرمان الفلسطينيين في القدس والداخل من الالتحاق بها بتخصصات معينة.
وأوضح “كان الطلبة المقدسيون ممن يتخرجون من كليتي الآداب والعلوم في جامعة القدس يخضعون لاستكمالات أكاديمية في كليات إسرائيلية من أجل السماح لهم بالتدريس في مدارس تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية، لكن التشريع الجديد قد يحرم هؤلاء الطلبة من الالتحاق بهاتين الكليتين”.
وعن التحدي الجديد، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة فيصل الحسيني، عبد القادر الحسيني إن هذه القوانين سياسية بامتياز وبعيدة عن المهنية والعقلانية، وتعمق وتكرس واقع التمييز العنصري للمنظومة التي تحكم دولة إسرائيل.
ومن ناحية أخرى أشار مدير المؤسسة المختصة بقطاع التعليم في القدس، إلى أن “للتشريعات الجديدة أثر كبير على المقدسيين والفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية الذين يدرس عدد كبير منهم في الجامعات الفلسطينية”.
ومن هنا يجب مواجهة هذه التحديات قانونيا عبر اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة بغض النظر عن النتيجة، لكن من المهم أن يكون هناك تحدٍّ على الصعيد القانوني لمثل هذه القرارات، وفق الحسيني.
قطاع مستهدف
وقطاع التعليم هو أحد القطاعات التي تستهدفها الخطة الخمسية الإسرائيلية التي تمتد من عام 2024 وحتى عام 2028، وتحمل اسم “تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية لشرقيّ القدس” بقرار حمل الرقم 550.
ورُصد للخطة الخمسية الجديدة ميزانية 3.2 مليارات شيكل (نحو 844 مليون دولار أميركي)، ورغم أن الهدف المعلن للخطة هو تحقيق مزيد من الاندماج للمقدسيين في المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي، فإن الهدف المخفي هو التغلغل بالمقدسيين وربطهم بالمنظومة الإسرائيلية الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، من أجل إخضاعهم وضبطهم وكي وعيهم، وفق خبراء مقدسيين.
وترصد الخطة الجديدة 800 مليون شيكل للمدارس الابتدائية والثانوية بالقدس، من أجل “الاستمرار في البناء على الإنجازات التي تحققت في إطار الخطة الخمسية السابقة، مع التركيز على التعليم العالي والتوظيف الجيد، وإنشاء فريق للعمل على تعزيز جودة نظام التعليم في شرقي القدس بشكل عام، وتوسيع نظام التعليم الرسمي بشكل خاص” وذلك عبر زيادة نسبة الطلبة الذين يتعلمون المنهاج الإسرائيلي، وأولئك الذين يلتحقون ببرامج الإعداد للأكاديميات الإسرائيلية.
ويعمل القائمون على الخطة لزيادة عدد الطلبة الذين يتخرَّجون من المدارس بنظام “البجروت” الإسرائيلي (يوزاي التوجيهي)، وتقديم الحوافز المادية والتربوية لرفع نسبة الطلبة المؤهلين للحصول على شهادة الثانوية العامة عالية الجودة، مع التركيز على اللغة العبرية للطلبة والمعلمين.
وخصصت وزارة المعارف الإسرائيلية ميزانية بقيمة 300 مليون شيكل (نحو 80 مليون دولار) لتمويل المؤسسات التعليمية في القدس بشرط تدريس المنهاج الإسرائيلي، من أجل تهيئتهم للالتحاق لاحقا بالكليات والجامعات الإسرائيلية.