بغداد – حصدت الأوضاع المأساوية في مدينة غزة وما رافقتها من جرائم للاحتلال الاسرائيلي، الأولوية في الاهتمام العراقي الرسمي والشعبي، حيث أطلق ناشطون مدنيون حملات لمقاطعة الشركات التي تدعم الاحتلال.
وشهدت حملات المقاطعة تأييدا كبيرا من قبل العراقيين، إذ بدأت حملة المقاطعة بجهود فردية في ثلاث محافظات بينما وصلت اليوم إلى 15 محافظة عراقية من أصل 18 مع تأييد جارف من المواطنين.
أهداف رئيسية وفرعية
وكشف المسؤول عن حملات المقاطعة، عباس العطار، للجزيرة نت، أن الهدف الرئيس للحملة المساهمة في الضغط لإيقاف حرب الإبادة في غزة ومساندة القضية الفلسطينية وجمع وتوحيد كلمة العراقيين وإظهار موقفهم الرافض لهذه الحرب الاجرامية.
ووفق العطار، فإن للحملة أهدافا أخرى منها نشر وتعزيز ثقافة المقاطعة وآثارها الاقتصادية على “الكيان الصهيوني” بين أوساط المجتمع العراقي وبيان أهمية المقاطعة ودورها في قلب موازين القوى فضلاً عن السعي إلى إحداث تأثير على المستوردين والتجار العراقيين للامتناع عن استيراد البضائع والمنتجات الداعمة للاحتلال.
وبحسب العطار، تستهدف الحملة الضغط على الحكومة العراقية لإصدار قرار يمنع دخول هذه البضائع إلى السوق العراقية، والتواصل مع قادة الرأي المجتمعي من قادة دينيين واجتماعيين واعلاميين ومدونين وغيرهم من القوى الاجتماعية المؤثرة من نقابات واتحادات ومنظمات حقوقية لتثبيت المقاطعة.
تفاعل شعبي
وعن التفاعل الشعبي مع حملة المقاطعة، أشار العطار إلى أنها بدأت بـ3 أشخاص ثم اتسعت لتصل إلى 4800 شخص في عموم العراق والتحاق ممثلين من 15 محافظة عراقية والعدد في تزايد.
ولفت العطار إلى أن “صفحتنا على الفيسبوك نالت ثقة كبيرة حتى أصبحت من صفحة لنشر أسماء المنتجات والبضائع الداعمة للكيان والدول الداعمة لهم إلى صفحة استشارات وأسئلة تردنا من المواطنين للسؤال عن بعض المنتجات وما هي البدائل الوطنية”.
وأشار العطار، إلى إعلان جمع كبير من العراقيين موقفهم المساند للحملة عبر اشتراكهم في العمل الميداني بالنزول إلى الشوارع والأماكن العامة ولصق بوسترات تبين المنتجات والشركات الداعمة.
وكشف العطار، عن إصدار قرار قضائي يمنع استيراد المنتجات الداعمة لإسرائيل.
أبرز المنتجات المقاطعة
وكشفت الحملة أبرز المنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل والمنتشرة في الأسواق العراقية.
ويقول أحد أصحاب محلات العطور والمواد التجميلية، سعدون أسعد للجزيرة نت، إنه منذ الاحداث التي شهدتها غزة تراجعت مبيعات البضائع لشركات داعمة لإسرائيل ، مشيرا إلى أن “هناك حملات مقاطعة للكثير من المنتوجات المتوفرة في السوق حيث شهدت كساداً كبيراً”
ورغم ذلك، أعرب اسعد، عن سعادته بحملات المقاطعة الشعبية التي اطلقها عدد من الناشطين، معتبراً ذلك دلالة على وقوف الشعب العراقي مع معاناة الشعب الفلسطيني المنتصر بعزيمته وشهامته.
خسائر المقاطعة
وخسائر المقاطعة تختلف وتعتمد على حجم المشاركة وتأثيرها، لكن الخسائر المتوقعة تعتمد على حجم المنتجات المستهدفة، ويمكن أن تتراوح بين فقدان فرص الاستثمار الأجنبي وانخفاض في الإيرادات التجارية، وفق حديث الخبراء في الاقتصاد الدولي للجزيرة نت.
من جهتها، قالت الأكاديمية والأستاذة في جامعة بغداد نهلة عبد الله نجاح للجزيرة نت إنه عند متابعة الأسواق الكبرى في العراق نلاحظ هناك تخفيضات على بضائع الشركات الداعمة نظرا لقلة الإقبال عليها.
وأضافت، الحملة ذات عمل جماعي ومنظم وباشرت كلية الاعلام/ بغداد بحملة وانطلقنا بعدها بحملات هنا وهنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كانت لها حملات إلكترونية في التواصل الاجتماعي على مستوى المنشورات والتصاميم وانتشرت حتى تطبيقات يتم بواسطتها تمييز الشركات الداعمة للاحتلال من عدمها مثل تطبيق قضيتي.
وعن تجربتها تقول نهلة، إنها وزميلاتها وعائلاتهم مقاطعون للسلع الداعمة للاحتلال ويحرصون عند اترتياد أي مركز تسوق أو مطعم على إبلاغهم بضرورة الاستعانة بمنتجات بديلة لتلك الداعمة لإسرائيل إلى جانب أن الخطوة ستُعد دعما للصناعة المحلية العراقية.
الوعي الاستهلاكي
من جهته قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي للجزيرة نت، إن المقاطعة سيكون لها تأثير على العديد من العوامل التي قد تؤثر بشكل مباشر على المنتج المحلي في الأسواق العراقية، مبيناً يمكن للوعي الاستهلاكي الذي يتم تعزيزه من خلال هذه الحملة أن يشكل دافعًا للمستهلكين العراقيين للتحول نحو دعم المنتجات المحلية كجانب أخلاقي وطني خاصة وان العراقيين سابقا وان عملوا مقاطعة لبضائع دول الجوار لدعم المنتج المحلي.
وزاد السعدي أن المستهلكين يرون في اختيار المنتج المحلي فرصة للمساهمة في التضامن الاقتصادي مع الفلسطينيين ورفضا للمنتجات المرتبطة بالشركات الإسرائيلية، لذا فإن من شأن ذلك أن يسهم في تحسين سلسلة التوريد المحلية، مما يؤدي الى زيادة الطلب على المنتجات المحلية التي بدورها تحفز الاقتصاد المحلي وتخلق فرص عمل إضافية مما يدفع نحو استقرار اقتصادي اكثر في العراق.
في المقابل، يكشف الباحث الاجتماعي، نور أحمد، بأن الحملات المقاطعة لمنتوجات داعمة لإسرائيل باتت تأتي بثمارها.
وأكد للجزيرة نت، أن الشعب العراقي داعم للقضية الفلسطينية وسجل الكثير من المواقف الخالدة عبر التاريخ، معتبراً حملات المقاطعة ليست بالجديد على الشعب العراقي، مبيناً أن حملات المقاطعة تشكل دعماً معنوياً لما يعانيه اخواننا في فلسطين وغزة.