Published On 2/9/2025
|
آخر تحديث: 11:03 (توقيت مكة)
بغداد– في خطوة جديدة نحو سد العجز في منظومته الكهربائية، يتجه العراق للاستعانة ببوارج الكهرباء التركية لزيادة الطاقة المجهَّزة، ضمن مساعي تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، إلى جانب المشروعات الكبرى التي يعمل على تنفيذها.
وقد أعلنت وزارة الكهرباء العراقية نيتها ربط البارجتين التوليديتين التركيتين -اللتين وصلتا مؤخراً إلى موانئ خور الزبير وأم قصر جنوبي البلاد- بشبكات وخطوط نقل الطاقة لتلبية الاحتياجات الفورية للبلاد، ومن المتوقع أن تسهم هذه البوارج في زيادة قدرة الشبكة الوطنية، مع إمكانية الوصول إلى إنتاج 1500 ميغاواط جديدة من الكهرباء.
العقد والقدرة التوليدية
أعلن أحمد موسى العبادي المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أن البارجتين التركيتين، اللتين استقبلهما العراق في وقت سابق بموانئ البصرة، ستزودان الشبكة الوطنية بـ250 ميغاواط من الكهرباء.
وقال للجزيرة نت إن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة الوزارة لتوفير حلول سريعة ومتاحة محليًا لمواجهة الانخفاضات المتكررة في إمدادات الغاز المستورد.
وأوضح العبادي أن وزارة الكهرباء تعاقدت مع شركة “بي كيه بي إس” التابعة لـ”كار باور شيب” التركية، التي تدير أسطولاً من السفن العائمة وتضم محطات لتوليد الكهرباء لتأمين 591 ميغاواط من الطاقة لمدة 71 يومًا خلال أوقات الذروة، مبينا أنه وصلت بالفعل بارجتان، كل واحدة بقدرة 125 ميغاواط، لتوفير ما مجموعه 250 ميغاواط، في انتظار وصول البوارج الأخرى لاستكمال القدرة المتعاقد عليها.
وأضاف أنه يجري العمل حاليًا على توفير الوقود المحلي اللازم لتشغيل البارجتين وربطهما بخطوط نقل الطاقة، مشددا على أن هذه القدرة الإضافية ستساعد في سد العجز القائم في الشبكة الكهربائية، وستكون الفائدة منها على مستوى المنظومة الوطنية وليس فقط محافظة البصرة.
وأكد العبادي أن ثمة إمكانية لتمديد مدة العقد أو زيادة القدرة التوليدية من البوارج إلى 1500 ميغاواط إذا وافق مجلس الوزراء.
وينتج العراق حالياً 27 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية عبر محطات تعمل غالبيتها بالغاز، لكن الطاقة الإنتاجية تنخفض في بعض الأحيان إلى 17 ألف ميغاواط. وهذه الكمية في حالتها القصوى، لا تسد حاجة البلاد من الكهرباء، إذ يحتاج العراق إلى زيادة الإنتاج للوصول إلى 40 ألف ميغاواط من أجل ضمان توفير طاقة على مدار اليوم.
خطط مستقبلية لتوليد الطاقة
وأشار العبادي إلى أن الوزارة لديها خطط إستراتيجية طويلة الأمد لزيادة القدرة التوليدية، والتي تشمل مشاريع محطات حرارية وبخارية وغازية، والتي تستغرق وقتًا حتى تكتمل.
وأوضح أن الوزارة أبرمت اتفاقيات مع شركات عالمية كبرى مثل جنرال إلكتريك الأميركية، وسيمنز الألمانية، وشنغهاي الصينية، وتوتال الفرنسية، وبور شاينا الصينية، وشركات أخرى لإنشاء محطات حرارية ومشاريع دورة مركبة يجري العمل على تنفيذها حاليًا.
ولفت العبادي إلى أن الوزارة تسعى لإضافة 24 ألف ميغاواط جديدة بالتعاون مع جنرال إلكتريك، و14 ألف ميغاواط مع سيمنز، و10 آلاف ميغاواط مع شنغهاي، مشيرا إلى أن العمل جارٍ على محطات الدورة المركبة التي ستضيف 4 آلاف ميغاواط إضافية إلى المحطات الغازية.
مشاريع الطاقة المتجددة
أوضح العبادي أن جهود الوزارة لا تقتصر على المحطات التقليدية، بل تتجه بقوة نحو مشاريع الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، وثمة مشاريع قيد التنفيذ في مختلف المحافظات، وتشمل:
- البصرة: مشروع بقدرة 1000 ميغاواط.
- صحراء السماوة: مشروع بقدرة 750 ميغاواط.
- الناصرية: مشروع بقدرة 800 ميغاواط.
- كركوك والأنبار: مشاريع قيد الدراسة والتنفيذ.
كما يجري التباحث للتعاقد مع شركات عالمية مثل “مصدر” الإماراتية لتنفيذ مشاريع في 4 محافظات، وأكوا باور السعودية لإضافة 1000 ميغاواط في صحراء النجف.
وأكد العبادي أن هذه الجهود المتواصلة تهدف إلى تعزيز قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البلاد.
ويعاني العراق من عجز في توفير الوقود اللازم لقطاع الكهرباء جراء تعطل إمدادات الغاز التي يحصل عليها من إيران لتشغيل محطات التوليد، خاصة مع ارتفاع الطلب في فصل الصيف.
حلول مؤقتة
أكد الخبير في شؤون الطاقة الدكتور بلال الخليفة أن البواخر التركية لتوليد الكهرباء حل مؤقت وغير إستراتيجي لمواجهة أزمة الطاقة في العراق، مشيراً إلى أن تشغيلها يعتمد على وقود مكلف مثل زيت الغاز (الغاز أويل).
وقال للجزيرة نت إن العراق سبق واستخدم باخرة تركية لتوليد الكهرباء بعد عام 2003، وأن البواخر الحالية يمكن أن تساعد في تقليل العجز الذي يتجاوز 10 آلاف ميغاواط خلال ساعات الذروة في فصل الصيف، لكنها لا تقدم حلاً دائماً.
وفي سياق المشاريع المستقبلية، أشار الخليفة إلى الموافقات الحكومية على إنشاء محطات استثمارية كبرى مثل محطات الفاو والنجف وكركوك وأبو غريب، ومحطة اليوسفية الحرارية. لكنه حذر من أن هذه المشاريع، رغم أهميتها، لن تحل الأزمة الحالية على المدى القريب، حيث إن خطوات تنفيذها قد تستغرق 3 سنوات على الأقل.
وشدد الخليفة على أن الحل الإستراتيجي يكمن في تحقيق فائض في توليد الكهرباء، مع الأخذ في الاعتبار الزيادة السنوية في الطلب، والتي تقدر بنحو 1000 ميغاواط بسبب النمو السكاني وتوسع المشاريع، كما لفت إلى أهمية معالجة مشكلتي التوزيع والجباية، إذ تبلغ الإيرادات المحصلة 10% فقط من حجم التخصيصات المالية السنوية لوزارة الكهرباء، التي تتجاوز 10 مليارات دولار، مما يشكل عبئاً كبيراً على الموازنة.
وطرح تساؤلاً حول كيفية إنشاء محطات غازية جديدة دون حل مشكلة توفير الغاز، خاصة وأن الإنتاج المحلي غير كافٍ للمحطات الحالية، داعيا إلى ضرورة التفكير بجدية في استيراد الغاز من الخارج، واقترح مد أنبوب بحري من قطر لتوريد الغاز المسال، كبديل أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بالاستيراد عبر الناقلات.