مراسلو الجزيرة نت
الدار البيضاء- “الشعب يريد رحيل السفينة”، بهذا الهتاف صدح المغاربة في مسيرات شعبية حاشدة، أمس الأحد، رفضا لرسو سفن يُشتبه في نقلها معدات لصيانة مقاتلات “إف-35” التي تُستعمل في العدوان الإسرائيلي على غزة.
وزحف آلاف المواطنين نحو 3 موانئ رئيسة في البلاد بمسيرات حاشدة طالبت بمنع سفن عملاق الشحن العالمي “ميرسك” من الرسو في المغرب، على خلفية اتهامات بنقل معدات عسكرية موجهة إلى إسرائيل.
وقال محمد الغفري، المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، للجزيرة نت إن اختيار مدينتي الدار البيضاء وطنجة كمحورين أساسيين لهذا الحراك، يعود إلى “كون ميناءي المدينتين يُشتبه في استعمالهما في رسو السفن التي تنقل قطع الغيار والعتاد الموجه للاحتلال الإسرائيلي”.
مسيرة حاشدة
وأوضح الغفري أنه يُرتقب وصول سفينة قادمة من الولايات المتحدة إلى ميناء طنجة المتوسط لتفريغ حمولتها، وذلك بالتزامن مع انطلاق سفينة أخرى من الدار البيضاء متجهة إلى طنجة حيث ستقوم بإعادة شحن الحمولة المشبوهة ذاتها.
في الدار البيضاء، كان الوسط صاخبا بهتافات المتظاهرين من جهة، وصافرات قوات مكافحة الشغب من جهة أخرى التي حاولت منع المظاهرة الشعبية من التحرك صوب ميناء المدينة حيث كانت ترسو سفينة “نيكسو ميرسك”، قبل أن يتمكن المحتجون من تجاوز الحاجز الأمني والمضي قدما إلى حين الاصطدام بحاجز آخر عند تقاطع شارعي الحسن الأول والجيش الملكي وسط المدينة.
ورفع المتظاهرون في المسيرة، التي دعت إليها الجبهة، الأعلام الفلسطينية ولافتات تستنكر السماح برسو ما يسمونه “سفن الإبادة” في الموانئ المغربية.

كما رددوا شعارات من قبيل “الشعب يريد ترحيل السفينة”. وأشاروا لقرار الحكومة الإسبانية منع عملية إعادة شحن الحمولات التي تنقلها “ميرسك” بين نيويورك وحيفا في ميناء “الجزيرة الخضراء”، سابقا.

واجب المشاركة
بدوره، أبى دايثي، وهو سائح أيرلندي، إلا البقاء وسط المتظاهرين طيلة احتشادهم لما يزيد على ساعة ونصف، حاملا علما كُتب عليه “الحرية لفلسطين”، ويحكي للجزيرة نت قصة مشاركته في مسيرة الدار البيضاء: “سافرت اليوم إلى هنا من الرباط حيث أقضي عطلتي. شعرت أنه من واجبي أن أكون هنا. لدينا نفس المشكلة في أيرلندا مع شركة ميرسك، إنه أمر مشين ما تقوم به”.
وأعرب عن انبهاره بحجم المشاركين وقال “من الجيد أن نرى الكثير من الناس يرتدون الكوفية ويرفعون الأعلام الفلسطينية. أول مرة جئت فيها إلى المغرب كانت بعد مشاهدتي المنتخب المغربي لكرة القدم يدعم فلسطين، فقلت لنفسي: سأذهب إلى هناك، ومنذ ذلك الحين زرت المملكة مرات عديدة”.

وفي ميناء طنجة المتوسط حيث سيتم إعادة شحن الحمولة القادمة من واشنطن على متن سفينة “نيكسو ميرسك” التي غادرت الميناء الأول، مساء الأحد، بعد تفريغها من قِبل سفينة “ميرسك ديترويت” التي وصلت الميناء الثاني فجر اليوم الاثنين.
هناك تظاهر المغاربة أيضا في مسيرة شعبية حاشدة انطلقت من مدينة القصر الصغير ضواحي طنجة، للمطالبة بوقف السماح لسفن شركة الشحن الدانماركية بالرسو في الميناء، الذي يُعد حاليا أحد أهم نقاط عبورها في سلسلة التوريد التابعة لوزارة الدفاع الأميركية.

من جانبه، طالب عبد الحفيظ السريتي، منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، الحكومة المغربية بالاستجابة لمطلب الشعب المغربي “الذي عبّر عنه في مختلف المسيرات، بعدم السماح برسو هذه السفن الإجرامية “.
وقال للجزيرة نت “من هذا المنبر نؤكد أن صوت المغاربة واحد: نحن ضد أن تُستعمل موانئنا في حرب الإبادة التي يشنّها المجرم بنيامين نتنياهو على شعب أعزل”.
كما خرجت مسيرة شعبية حاشدة في قلب مدينة طنجة جابت أزقة البلدة القديمة في اتجاه ميناء طنجة المدينة مرددة المطلب نفسه، وسجلت الجبهة المغربية حدوث إصابات في كلتا المدينتين جراء التدخل الأمني لمنع وصول المسيرتين إلى الموانئ.

حملة عالمية
يقول سيون أسيدون، أحد مؤسسي حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس)، والذي كان حاضرا في مسيرة طنجة، في تصريح للجزيرة نت، إن مواجهة “ميرسك” بجرائمها ومشاركتها في الإبادة الجماعية في فلسطين ليست حملة مغربية فقط، بل عالمية سوف تستمر إلى حين الوصول لنتائج مرجوة.
وتقود هذه الحملة -إلى جانب “بي دي إس”- حركة الشباب الفلسطيني تحت عنوان “سقوط قناع ميرسك”، وهي منظمة تنشط في أميركا الشمالية وأوروبا.

وأشار أسيدون إلى أن نشطاء الجبهة المغربية وجهوا رسالة إلى وزير النقل واللوجستيك المغربي، والسلطات المينائية، “توضح تفاصيل ما يتم نقله عبر ميناء طنجة، بالتحديد، بأرقام الحاويات”.
في المقابل، نفى مصدر من ميناء طنجة المتوسط علمه بما تحمله سفينة “ميرسك ديترويت”، وقال للجزيرة نت إنه لا يمكنه تفتيش السفينة بحكم أن الأمر يتعلق بما يُعرف بـ”إعادة الشحن الدولي” والذي لا يستلزم اطلاع الإدارة المينائية على محتويات الحاويات، وأحال إلى التصريحات الرسمية للشركة التي نفت فيها نقل أي أسلحة أو ذخائر عبر سفنها إلى الجيش الإسرائيلي.