عاد الحديث بقوة في تونس، خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن استقلال السلطة القضائية، وعن العدل في تنفيذ قرارات المحاكم، وعن دولة القانون والمؤسسات، وعن المحاكمة العادلة، وذلك على خلفية الجدل القائم بين الهيئة العليا للانتخابات والمحكمة الإدارية، بشأن قرارات هذه الأخيرة التي ضربت بها الهيئة عرض الحائط.
اعتقدت النخب التونسية أن الإصلاحات القانونية التي أقدمت عليها حكومات ما بعد الثورة، من خلال “دستور 2014″، قد باتت أمرًا محسومًا ولا مجال للتراجع عنه. فقد وضع المشرّعون، بعد نقاشات ماراثونية طويلة امتدت لنحو ثلاث سنوات، أسس المحاكمة العادلة وشروطها ومعاييرها الدولية المعروفة. غير أن تعاطي هيئة الانتخابات مع قرار المحكمة الإدارية، أعاد الوضع إلى “نقطة الصفر”، وأعطى الانطباع بأن البلاد تسير بخطى ثابتة إلى الخلف، بدلًا من العكس.
قبلت المحكمة الإدارية طعون ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية، وقررت إرجاعهم إلى السباق الانتخابي، ملغية بذلك قرارات الهيئة التي أسقطتهم “بدون وجه قانوني” و”بتعلّات واهية”، كما وصف ذلك المرشحون الثلاثة، وكما نص عليه ضمنيًا قرار المحكمة.
وفيما توقع الرأي العام في الداخل والخارج، والفاعلون السياسيون، استئناف المرشحين لمكانهم ضمن المشهد الانتخابي كمنافسين “جديين” للرئيس قيس سعيّد، المنتهية ولايته، بما يجعل لانتخابات السادس من أكتوبر المقبل طعمًا ومذاقًا، جاء قرار هيئة الانتخابات محبطًا للجميع، من خلال الإمعان في إقصاء المرشحين الثلاثة.
هذا القرار كان بمثابة بصيص أمل في تحقيق وضع انتخابي جاد يضمن مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس النزيه، وسط حالة من التوافق الضمني بين العائلات السياسية على التحشيد خلف مرشح واحد؛ لضمان إحداث التغيير الذي يتطلع إليه كثيرون، حتى أولئك الذين اصطفوا خلف “انقلاب 25 يوليو/تموز” 2021، وكانوا من أكثر المدافعين عنه، والمبررين للممارسات والخطوات التي اتُّخذت لاحقًا، والتي يصفها خصوم الرئيس قيس سعيّد بـ”الاستبدادية” و”الدكتاتورية”.
لقد اقتنع أغلب هؤلاء بأنّ التغيير ممكن، بل هو ضروري.
بين هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية
قرار هيئة الانتخابات هذا تسبب في سيل عارم من الانتقادات اللاذعة، صدرت عن رجال قانون وشخصيات سياسية وأحزاب ومنظمات، وفعاليات حقوقية في الداخل والخارج. وتم وصفه بـ”التعسفي” و”الإقصائي” والمنحاز لرئيس الدولة الحالي. بل اتهمت الهيئة بتحولها إلى “أداة لدى السلطة التنفيذية”، بما أفقدها استقلاليتها، وبالتالي مصداقيتها، ونزع عنها صفة الحياد التي عُرفت بها الهيئة منذ إنشاء أول نسخة منها في العام 2011، بمناسبة أول انتخابات تعددية حقيقية في البلاد، إبّان ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011.
انتظر المحيط السياسي والشعبي تراجعًا من الهيئة؛ لضمان شفافية الانتخابات ونزاهتها، لكن هذه الأخيرة أصرت على موقفها. وخرج رئيسها، فاروق بوعسكر، ليعلن مجددًا استمرار إقصاء المرشحين الثلاثة: عماد الدايمي، ومنذر الزنايدي، وعبد اللطيف المكي. ووجه اتهامًا للمحكمة الإدارية بخرق الإجراءات القانونية، الشيء الذي نفته المحكمة نفيًا قاطعًا، عبر عرض وثائق تؤكد سلامة إجراءاتها وخطواتها وفقًا للقانون والمجلة الجزائية المنظمة لعمل المحكمة ومجالات تدخلها.
وفي خطوة متقدمة من هذا الصراع الناشئ، لجأت بعض الأطراف في البلاد إلى مقاضاة هيئة الانتخابات، باعتبارها “تعمّدت تجاوز السلطة”، ولم تقبل بقرارات الجهة الوحيدة المحكِّمة في العملية الانتخابية، وهي المحكمة الإدارية، التي تعدّ أحكامها باتّة ونهائية، أي غير قابلة للطعن أو الإلغاء، وفق فقهاء القانون والقضاة الإداريين، مثل القاضي الإداري المعروف أحمد صواب، الذي رفع بدوره دعوى قضائية ضد الهيئة، بوصفه مواطنًا ناخبًا، وليس بصفته القضائية.
كانت مهمة المحكمة الإدارية (التي أُنشئت العام 1972) تنحصر في مجرد البتّ في دعاوى تجاوز السلطة، التي يتم رفعها لإلغاء مقررات إدارية، قبل أن يتم تعديل القوانين المنظمة لها (عام 2014)، باتجاه إكسابها مزيدًا من الاستقلالية، ومنحها العلوية في قراراتها، خصوصًا في النزاعات الانتخابية، بما يجعل لها “الولاية” على المسار الانتخابيّ.
غير أن هيئة الانتخابات رأت خلاف ذلك تمامًا. فقد مرّغت قرارات المحكمة الإدارية في التراب، وجعلت منها هيكلًا بلا روح، معلنة احتكارها الولاية على الانتخابات ومساراتها المختلفة، من إعلان تاريخها إلى الإعلان عن نتائجها النهائية.
تعامل هيئة الانتخابات مع قرارات المحكمة الإدارية يعيد البلاد إلى نقطة الصفر، مما أثار مخاوف حول استقلال القضاء ونزاهة العملية الانتخابية
ورغم الجدل الذي لم ينتهِ إلى الآن بين المؤسستين، فإن النتيجة واحدة، وهي إقصاء المرشحين الثلاثة، والإبقاء على الثلاثي المعلن منذ البداية: الرئيس قيس سعيّد، وزهير المغزاوي (أمين عام حركة الشعب)، والعياشي الزمال (رئيس حركة “عازمون”) الذي أُدخل السجن موقوفًا؛ بسبب “جرائم تدليس التزكيات الشعبية”، حسب اتهام السلطة له.
ليس هذا وحسب، بل سارعت السلطة التنفيذية إلى نشر قرار الهيئة ضمن الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية؛ لقطع الطريق أمام أي أمل في العودة إلى الوراء، كما يردد الرئيس سعيّد دائمًا.
بل إن السلطة، مكنت هيئة الانتخابات من شحنة الحبر الانتخابي، و”الأكياس الآمنة”، الخاصة بأوراق الاقتراع، في رسالة مضمونة الوصول، بأن أمر المرشحين الثلاثة الذين أصرت الهيئة على إسقاط ترشحهم للانتخابات الرئاسية قد حُسم بشكل لا رجعة فيه، وأن خيار هيئة الانتخابات كان سليمًا ومنطقيًا، في تقدير السلطة.
المحكمة التي لا تنفذ أحكامها
والحقيقة، ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها رفض تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية. فقد سبق لوزارة العدل أن رفضت أو تغاضت عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية بإبطال قرار إعفاء القضاة (49 من أصل 57 قاضيًا)، الذي اتُّخذ بموجب أمر رئاسي في يونيو/حزيران 2022.
لم تعبأ وزارة العدل بوضع هؤلاء القضاة، حتى بعد دخولهم في إضراب وحشيّ عن الطعام استمرّ لعدة أيام، ولم تلتفت إلى قرار المحكمة الإدارية. بل الأدهى من ذلك، أن هؤلاء القضاة ما يزالون حتى اليوم محل ملاحقات قضائية من قبل السلطة، لاتهامهم “بشنّ إضراب وتعطيل مرفق إداري عمومي بدون وجه حق”.
حتى المنظمات الاجتماعية التي تزعم دفاعها عن القانون والعدل بين المواطنين، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة النقابية الأعرق في تونس)، رفضت الإذعان لقرار المحكمة الإدارية الصادر قبل بضعة أسابيع، لصالح “مرصد رقابة” لمكافحة الفساد، الذي يتزعمه المرشح لرئاسة الجمهورية، عماد الدايمي.
وهذا ما تعاني منه المحكمة الإدارية منذ عقود. إذ إن اللجوء إليها سهل وميسر، لكن الاحتكام إلى قراراتها وأحكامها في فضّ النزاعات، ما يزال ضعيفًا، إن لم نقل منعدمًا. وهذا ما يطرح سؤالًا جوهريًا حول أسباب ودواعي عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية، على الرغم من كل الصلاحيات التي مُنحت لها.
في دراسة علمية قانونية نُشرت مؤخرًا حول “تنفيذ أحكام وقرارات القضاء الإداري في تونس”، أشار القاضي الإداري، عماد الغابري، إلى ما أسماها “تفاقم ظاهرة عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري”، حتى “أصبح يُنعت بالقضاء الذي لا تُنفذ أحكامه وقراراته”، وهي الجملة التي تتردد في الواقع على جميع الألسن في تونس، كترجمة عملية على هذه اللامبالاة التي تواجه بها قرارات المحكمة الإدارية.. لامبالاة تضع اليوم مستقبل القضاء الإداري على “كفّ عِفريت”.
“الولاية” على الانتخابات.. الصراع الخفي
لم ينتهِ النقاش عند عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية، إنما تعدّاه ليشمل مسألة الولاية على المسار الانتخابي، وسط تمسك المحكمة بأحقيتها القانونية على هذا الأمر. لكن هيئة الانتخابات كانت قد سبقت الجميع إلى ذلك منذ البداية، من خلال إعلان “ولايتها” بالكامل على العملية الانتخابية.
فهي المحددة لرزنامة الانتخابات، وهي من تقرر تاريخ يوم الاقتراع، وهي من تشرف على عملية التصويت، ومن تعلن عن نتائجه النهائية. وزادت على ذلك، بأن أعطت لنفسها حق الولاية على الإعلام والمؤسسات الإعلامية، بل حتى على المادة الإعلامية المرشحة للبثّ، وعلى ما يُقال في بعض المنابر الإعلامية، خصوصًا الانتقادات التي توجّه إلى الهيئة.
ليس هذا وحسب، بل إن هيئة الانتخابات أعلنت ولايتها على مشاركة المنظمات المختصة في مراقبة الانتخابات، مثل منظمتَي: “أنا يقظ” و”مراقبون”، واتهمتهما بالفساد المالي، بناءً على ما قالت إنها “إشعارات من السلطات الرسمية” بحصولهما على تمويل أجنبي. هذا يعني أن الهيئة استحوذت حتى على دور القضاء، المخول وحده بتأكيد أو نفي تهمة الفساد المالي على المنظمتين.
هذا النزوع للهيمنة على العملية الانتخابية، واستبعاد المحكمة الإدارية من مجالات اختصاصها المنصوص عليها قانونًا في علاقة بالانتخابات، جعلا العديد من الخبراء وأساتذة القانون يخرجون عن صمتهم، ويعبّرون عن رفضهم ذلك بوضوح.
فقد اعتبر الأستاذ كمال بن مسعود، المتخصص في القضاء الإداري، أن “المحكمة الإدارية تتمتع بالولاية الكاملة على الانتخابات، خصوصًا في النزاعات الانتخابية والأحكام القضائية الباتّة الصادرة عنها”، وهو ما أكده عدد من المختصين في القانون الدستوري، في بيان نُشر الأسبوع المنقضي في عدة منابر إعلامية تونسية وأجنبية.
النزوع نحو الهيمنة على القضاء
لا يقتصر المشكل على الولاية على الانتخابات، أو على مكانة القضاء الإداري، أو على مجالات تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية. فتلك هي “الشجرة التي تخفي الغابة”، كما يقال. الأمر يتعلق بمشكلة سياسية في العمق، ترتبط بالإرادة السياسية في المحاكمات العادلة، وجعل القضاء هو الفيصل في النزاعات بين السلطة وخصومها، وتحقيق استقلال المؤسسة القضائية، وضمان مبدأ الفصل بين السلطات، وحماية الحقوق المدنية والسياسية، والحريات بجميع تمظهراتها.
هذا ما تعكسه المعارك الحقيقية اليوم، التي يبدو أن ملف المحكمة الإدارية ليس سوى “جزء من كل”، على رأي المناطقة القدماء.
إن الأمر يتعلق بنزوع السلطة التنفيذية تاريخيًا وحاضرًا إلى الهيمنة على المؤسسة القضائية بشكل عام. فمنذ نشأة القضاء في تونس في نهاية خمسينيات القرن الماضي، وهو محكوم بلعبة “الشد والجذب” مع السلطة الحاكمة، التي نزعت عبر التاريخ التونسي الحديث والمعاصر إلى الهيمنة على المرفق القضائي وسلبه استقلاليته. بدءًا بحكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حيث كان يسمى “قضاء الزعيم”، مرورًا بفترة حكم الرئيس زين العابدين بن علي، حيث كان يسمى “قضاء التكاري” (نسبة إلى وزير العدل البشير التكاري آنذاك)، وصولًا إلى “قضاء ليلى جافال”، وزيرة العدل الحالية، التي تُنعت بكونها “يد الرئيس” لضرب القضاة المستقلين، حسبما يقول خصوم الرئيس التونسي.
في المقابل، تعتبر السلطة ذلك مسعى لـ”تطهير القضاء” من التسييس والتحزب، والدفاع عن مصالح ضيقة. وهذا ما يرفضه القضاة ومن يساندهم، إذ يعتقدون أن الجسم القضائي مستهدف دائمًا وأبدًا، وهو في صراع مستمر مع اللوبيات، سواء داخل السلطة أو خارجها.
لذلك، يتحرك بعض أعضاء هذا الجسم بين الفينة والأخرى، دفاعًا عن مناعة المرفق القضائي، ولمقاومة إرادة النزوع نحو هيمنة السلطة على المؤسسة القضائية بأي شكل من الأشكال.
جسم القضاء يتحرك
هذا بالضبط ما جسده القاضي الراحل مختار اليحياوي، قبل الثورة التونسية، من خلال رسالته الشهيرة التي بعث بها إلى الرئيس السابق بن علي، محذرًا من مغبة “توظيف القضاء” لمآرب السلطة الحاكمة، والدوس على أحد أجنحة العدل والمساواة والحكم الرشيد. هذه الرسالة تسببت في إعفائه من كرسي القضاء، لكنها ظلت عنوانًا لاستقلال القضاة، ومرجعًا للمدافعين عن العدالة.
وهذا ما حرصت جمعية القضاة التونسيين على التذكير به الآن، من خلال بيانها الذي أصدرته قبل يومين، والذي وصف بـ”الشجاع” و”العميق”.
فقد أطلقت الجمعية ما يشبه “صيحة فزع أخيرة” إزاء ما آلت إليه الأمور في المؤسسة القضائية. اتهم البيان وزيرة العدل الحالية ليلى جافال بـ”التغول على السلطة القضائية”، وممارسة “نهج تسلطي” عبر “ترهيب القضاة” من خلال نقلهم بشكل تعسفي إلى محاكم بعيدة بمئات الكيلومترات عن مقرات سكناهم، دون مراعاة لظروفهم الاجتماعية، وذلك في محاولة “لتطويع القضاة وفرض إملاءات السلطة عليهم”، خاصة فيما يتعلق بالبتّ في القضايا السياسية.
انتقد البيان ما وصفه بـ”أجواء الخوف والرعب وانعدام الأمان” التي تهيمن على المرفق القضائي برمته. وهذا هو التوصيف الأخطر الذي تتحدث عنه الأحزاب بالتلميح، وذكرته جمعية القضاة بالتصريح، وبصوت عالٍ.
السلطة التنفيذية تُتهم بالهيمنة على القضاء، مع رفض تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية وإقصاء القضاة الذين يقفون في وجه هذه التجاوزات
يبقى القضاء الملاذ الأخير للباحثين عن الأمان الاجتماعيّ والسياسي، والتائقين إلى العدالة.
مما يروى في الحكايات التونسية، ذات الدلالات الرمزية اللافتة، أن أعرابيًا قدم من الريف الجنوبي التونسي باتجاه العاصمة ليزور المحكمة الابتدائية بتونس، على مقربة من قصر الحكومة بالقصبة. وقف الرجل أمام المحكمة، وقرأ اللوحة الموجودة على واجهة البناية، حيث كُتب “قصر العدالة”. فعلّق قائلًا: “القصر موجود، لكن العدالة غائبة”.
مع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: هل ثمّة أمل في قضاء جديد ومستقل بعد انتخابات السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بما يعيد الثقة في عدل القضاة واستقلال المؤسسة القضائية؟
المشكل سياسي بالأساس
هذا السؤال يرتبط بالمعترك السياسي، وبما يمكن أن تؤول إليه العلاقة بين السلطة التنفيذية التي يتزعمها الرئيس قيس سعيّد، وأطياف المعارضة بشتى مكوناتها. فبالرغم من “برود” الاستحقاق الانتخابي، ترافقه هواجس المقاطعة، والرغبة في المقابل في هزيمة الرئيس الحالي عبر إسناد مرشح منافس حقيقي له.
وقد عزز هذه الرغبة ظهور نتائج استطلاع للرأي حديث، قامت به منظمة “مراقبة الانتخابات ودعم الديمقراطية” (Democracy Support Election Observation and) بالتعاون مع السفارة البريطانية في تونس.
الاستطلاع أظهر أنه للمرة الأولى منذ صعوده إلى رئاسة الجمهورية، يفقد الرئيس سعيّد المركز الأول في نوايا التصويت، إذ جاء المرشح منذر الزنايدي، الذي أسقطت هيئة الانتخابات ترشحه، في المركز الأول بنسبة 24.4%، بينما جاء سعيّد في المركز الثاني بنسبة 21.1%. هذا يفسر التحشيد الهائل الذي تقوم به المعارضة منذ عدة أيام، مع الرهان على موعد 13 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث يجري الإعداد لمسيرة مليونية وسط العاصمة، شبيهة بتلك التي حصلت يوم 13 يناير/كانون الثاني 2011 أمام وزارة الداخلية، والتي انتهت بإسقاط النظام، وتدشين مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، تحت عنوان: “الثورة التونسية”، حسب تقديرات المعارضة.
يبقى التساؤل: هل يبلغ المشهد التونسي هذا النبض من الحياة الجديدة، بما ينهي حالة الجمود التي تعيشها البلاد منذ نحو ثلاث سنوات؟ وهل تنجح المعارضة للرئيس قيس سعيّد، التي تتسع يومًا بعد يوم، في استئناف “الانتقال الديمقراطي” كما يتطلع إليه الكثير من النخب السياسية، رغم ما يشقها من تباينات وتناقضات عميقة وجذرية؟
أنصار الرئيس يرونه بعيدًا، وخصومه يرونه قريبًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.