القدس المحتلة- صنفت اتفاقية أوسلو 2 عام 1995، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، أراضي الضفة الغربية إلى “أ” و”ب” و”ج”، ليس بالضرورة أن تكون أراضي كل منها متصلة جغرافيا، إنما تفصل بينها حواجز ومستوطنات ومعسكرات لجيش الاحتلال.
وتشكل المنطقة “أ” نحو 21% ويفترض أن تخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة، لكن أعيد احتلالها بالكامل خلال اجتياح الضفة عام 2002، بعد الانسحاب من أغلبها بموحب الاتفاقية.
أما المنطقة “ب” فتشكل نحو 18% من مساحة الضفة وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، فيما تخضع المنطقة “ج” لسيطرة إسرائيلية كاملة، بموجب الاتفاقية، وتشكل نحو 61% من مساحة الضفة.
وتشكل الضفة نحو 21% من مساحة فلسطين التاريخية (من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط)، وتمتد لحوالي 5660 كيلومترا مربعا، ووقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
تمعن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وبشكل أكبر في ظل الحكومة الحالية، في بسط سيطرتها على المنطقة “ج”، وسنت تشريعات واتخذت قرارات لضمها وبسط السيطرة عليها، وفيما يلي ترصد الجزيرة نت بالأرقام سياسة هدم المنشآت والتهجير في هذه المنطقة على مدى 15 عاما.
هدم وتهجير
تركزت عمليات الهدم الإسرائيلية على مدى 15 عاما في المنطقة “ج”، وإن اتسعت خلال العامين الأخيرين لتشمل مناطق “أ” و”ب”.
وفق توثيق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، للفترة بين 1 يناير/كانون الثاني 2010 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، فإن الاحتلال الإسرائيلي هدم نحو 8 آلاف و765 منشأة فلسطينية في المنطقة “ج”، أغلبها بذريعة البناء دون ترخيص، منها 3107 منشآت زراعية و2025 مسكنا مأهولا ونحو 700 مسكن غير مأهول.
وتسببت عمليات الهدم في المنطقة “ج” في تهجير قرابة 10 آلاف فلسطيني، وتضرر نحو 192 ألفا و548 آخرين، وفق الأمم المتحدة.
ووفق المعطيات ذاتها فقد توزعت أغلب عمليات الهدم كما يلي: هدم 400 منشأة في خربة طانا شرق نابلس، و211 منشأة في خربة حَمصة و200 منشأة في تجمع أبو العجاج في الجِفتلك و154 في خربة الراس الأحمر، و148 في تجمع فصايل الوسطى، وجميعها في الأغوار.
كما طالت عمليات الهدم 146 منشأة في محافظة الخليل جنوبي الضفة، و142 مثلها في بلدة عناتا شمال شرق القدس، وتوزعت باقي المنشآت على باقي محافظات الضفة.
وإجمالا طالت عمليات الهدم في المناطق الثلاث “أ” و”ب” و”ج” خلال ذات الفترة نحو 12 ألف منشأة فلسطينية في عموم الضفة الغربية أسفرت عن تهجير نحو 19 ألف فلسطيني، وتضرر قرابة 768 ألفا آخرين.
ووفق تقديرات فلسطينية عام 2023 بلغ عدد الفلسطينيين في المنطقة (ج) نحو 354 ألفا.
ما بعد 7 أكتوبر
أما منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، فتشير المعطيات إلى هدم 1238 منشأة، بينها 474 منشأة زراعية و231 منزلا مأهولا، تسبب مجموعها في تهجير 1086 فلسطينيا وتضرر نحو 46 ألفا آخرين.
وتركزت عمليات الهدم في أريحا (70 منشأة)، بيت فوريك (55)، عناتا شمال القدس (53)، طولكرم (45)، دوما جنوب نابلس (42)، حزما شمال القدس (40)، ومناطق أخرى بأعداد أقل.
وإجمالا طال الهدم 2197 منشأة في جميع مناطق الضفة (أ، ب، ج) منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، تسببت في تهجير 5 آلاف و371 فلسطينيا، وتضرر نحو 535 ألفا آخرين.
وتركزت عمليات الهدم خارج المنطقة “ج” في مخيم طولكرم وطالت 203 منشآت، ثم مخيم نور شمس وطالت 174 منشأة، يليه مخيم جنين وطالت 144 منشأة، وتوزعت باقي العمليات على باقي محافظات الضفة.
وفق تقارير الأمم المتحدة، فإن “معظم المباني التي يتم هدمها في الضفة الغربية يتم استهدافها بسبب عدم حصولها على تصاريح بناء صادرة عن الاحتلال، والتي يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول عليها بموجب قوانين وسياسات التخطيط والتصاريح التمييزية الإسرائيلية”.
إخطارات الهدم
فلسطينيا، تفيد معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية بأن الاحتلال الإسرائيلي وزع 939 إخطار هدم لمنشآت فلسطينية بالضفة الغربية خلال العام الماضي 2024، بحجة بناء المنشآت دون ترخيص من الاحتلال، كان أغلبها من نصيب محافظة الخليل بواقع 180 إخطارا، ثم أريحا بواقع 140 إخطارا، وبيت لحم بواقع 126 إخطارا، ثم باقي المحافظات.
في المقابل، تقول الهيئة إن سلطات الاحتلال صادقت خلال نفس العام على ما مجموعه 173 مخططا هيكليا، هدفها بناء 23 ألفا 461 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس.
وأشارت الهيئة إلى إقامة 51 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة من قبل المستوطنين في 2024، منها 36 بؤرة رعوية، موضحة أنه تمت المصادقة خلال نفس العام على شرعنة 13 بؤرة من قبل حكومة الاحتلال.
خطر التهويد
من جهته، يقول كريم جبران، مسؤول البحث الميداني في منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية إن المنطقة “ج” تشهد عملية تهويد شاملة واستهدافا كاملا للوجود الفلسطيني، ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بشكل أكبر وأوسع.
وأشار جبران، في حديثه للجزيرة نت، إلى تصعيد كبير في عنف المستوطنين وفي عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي بدعم كامل من الدولة، مضيفا أن “التخوف اليوم هو من تطهير كامل للوجود الفلسطيني في المنطقة “ج” وتسريع عملية تهويدها المستمرة منذ سنوات”.
وتوقع الباحث الحقوقي “تسريع هذه الإجراءات خلال الفترة المقبلة خاصة مع وجود حكومة يمينية ووزراء داعمين للاستيطان والضم من جهة، وقدوم إدارة أميركية جديدة برئاسة دونالد ترامب” من جهة أخرى.
ولفت جبران إلى أن جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منعت البناء القانوني للفلسطينيين في المنطقة “ج” وكثفت عمليات الهدم ومنعت الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وطرق، مع أن تلك الشبكات تمر تحت وفوق هذه التجمعات أو قربها.
وقال إن “معظم المباني اليوم في المنطقة “ج” -إن لم يكن جميعها- صدرت بحقها إخطارات وتنتظر قرارا سياسيا بتنفيذه”.
ولفت إلى تقييد وصول المنظمات الحقوقية إلى بعض التجمعات، وتزايد اعتداءات الجيش والمستوطنين على الباحثين الحقوقيين والإعلاميين ومن يحاول نقل معاناة سكان تلك المنطقة.