يعتبر هوس الثروة السريعة ظاهرة خطيرة تسيطر على عقول الشباب وتجعلهم يتخلّون عن العمل الجاد لمصلحة أحلام الكسب السهل التي تنتهي بالإفلاس والفشل.
وفي هذا الإطار، تناولت حلقة (2025/8/8) من برنامج “خيال أم جد” تحذير خبراء من انتشار الظاهرة بين الشباب والتي تتمثل في البحث عن طرق الكسب السريع والثراء المفاجئ، مما يدفعهم إلى ترك مسارات العمل التقليدية والاستثمار في مشاريع وهمية تنتهي بالفشل والخسائر المالية الفادحة.
وتكشف هذه القضية من خلال قصص واقعية عن عمق المشكلة وتأثيرها المدمر على الجيل الجديد من الشباب العربي.
وأشار متخصصون إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي واجهها العالم خلال انتشار فيروس كورونا المسبب لجائحة كوفيد-19، إلى جانب أزمة التضخم المستمرة، دفعت الشباب إلى البحث عن مصادر دخل بديلة.
وجعل هذا الواقع المرير الشباب يقتل نفسه أسبوعيا في ساعات العمل الطويلة ليؤمّن قوت يومه، مما ولد لديهم قلقا مستمرا وهوسا غريبا بالثروة السريعة.
وعلى صعيد متصل، يتجه كثير من الشباب المتعلم لرفض الوظائف التقليدية، حيث يفضل خريجو الجامعات العمل كمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي أو منتجي محتوى رقمي بدلا من ممارسة تخصصاتهم في الطب أو الهندسة أو التدريس.
ويعكس هذا التوجه رغبة جامحة في تحقيق الشهرة والثراء السريع من دون بذل جهود طويلة المدى.
أساليب الثراء السريع
وبالتوازي مع هذا التوجه، تتنوع أساليب البحث عن الثراء السريع لتشمل التداول في الأسواق المالية والعملات المشفرة وتعدين الكريبتو والاستثمار في الرموز غير القابلة للاستبدال.
وتجذب هذه الأنشطة الشباب بوعود الأرباح الخيالية، لكنها في الواقع تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة نتيجة عدم الخبرة والمعرفة الكافية بهذه الأسواق المعقدة، وفقا للحلقة.
وفي هذا السياق، كشفت القصص الواردة عن نماذج متكررة للفشل، حيث يبدأ الشباب باستثمار مبالغ صغيرة في التداول أو العملات المشفرة، ثم يخسرون كل أموالهم في غضون أشهر قليلة.
وتدفعهم هذه الخسائر إلى البحث عن فرص جديدة مماثلة أملا في تعويض ما فقدوه، مما يخلق دائرة مفرغة من الفشل المستمر.
ومن ناحية أخرى، تستغل بعض الشركات والأفراد هذا الهوس لترويج منتجاتهم وخدماتهم من خلال ربطها بفكرة الكسب السريع.
وتعزز هذه الممارسات التسويقية المضللة الوهم لدى الشباب بإمكانية تحقيق الثراء من دون عمل حقيقي، وتسهم في انتشار الظاهرة بشكل أوسع.
وعلى الجانب الآخر، يواجه الشباب المتورطون في هذه المغامرات مشاكل مالية حقيقية، حيث يضطرون إلى طلب المساعدة من الأهل والأقارب لتغطية نفقاتهم الأساسية بعد خسارة مدخراتهم.
ويخلق هذا الوضع ضغوطا نفسية واجتماعية إضافية تؤثر على استقرارهم العاطفي والمهني.
وفي ما يتعلق بالحلول المقترحة، أكد خبراء ضرورة التوعية بمخاطر الكسب السريع وأهمية العمل الجاد والمثابرة لبناء مستقبل مهني مستقر.
كما دعوا لتعزيز الثقافة المالية بين الشباب وتعليمهم أساسيات الاستثمار الآمن بدلا من المقامرة في أسواق عالية المخاطر.