في دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية ييل للصحة العامة في الولايات المتحدة، حفزت مادتان كيميائيتان الخلايا السرطانية على الانتقال إلى مواقع جديدة، وهو مؤشر على أنها يمكن أن تسهم في انتشار هذا المرض في الكائنات الحية.
ونشرت الدراسة في مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
تناولت الدراسة مجموعة المواد الكيميائية الصناعية التي تسمى “بير- وبولي فلورو ألكيل” (per- and polyfluoroalkyl)، واختصارها “بي إف إيه إس” (PFAS).
ويطلق على مركبات “بي إف إيه إس” اسم “المواد الكيميائية الأبدية” (forever chemicals)، لأنها لا تتحلل بشكل طبيعي وتتراكم في أجسام البشر والحيوانات، وتعد من المواد المسببة للسرطان والعيوب الخلقية وأمراض الكبد وأمراض الغدة الدرقية وانخفاض المناعة واضطراب الهرمونات وعدد من المشاكل الصحية الخطيرة الأخرى.
وتعتبر مركبات “بي إف إيه إس” من بين حوالي 9 آلاف مركب يستخدم لجعل المنتجات أكثر مقاومة للماء والبقع والحرارة.
ونظرا لفعاليتها، تستخدم هذه المواد الكيميائية في عشرات الصناعات وتوجد في آلاف المنتجات التي نستعملها يوميا، مثل السجاد والأحذية والمواد المزيلة للبقع والملابس المقاومة للماء وأدوات الطهي ومواد تغليف الأغذية ومستحضرات التجميل ورغوات إطفاء الحرائق وورق المرحاض.
الملوثات العضوية
وقال الباحث الأستاذ المشارك جي تشنغ: “تشكل مواد بي-وبولي فلورو ألكيل فئة سائدة من الملوثات العضوية الثابتة التي تثير قلقا عاما متزايدا في جميع أنحاء العالم.. لقد تم اكتشافها بشكل متكرر في البيئة، كما هو الحال في مياه الشرب ومنتجات التنظيف والطلاءات”.
وتظهر المواد الكيميائية في دماء الأطفال حديثي الولادة، وفي الأسماك وبلح البحر، وحتى في بيض الطيور. ولا يعتبر أي مستوى من بير-وبولي فلورو ألكيل آمنا في الجسم، وقد تم ربطه بمجموعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك السرطان.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان حمض البيرفلوروكتانويك، وهو مادة شائعة من بير-وبولي فلورو ألكيل على أنه مادة مسرطنة للبشر، وحمض البيرفلوروكتان سلفونيك، وهو مادة شائعة أخرى من بير-وبولي فلورو ألكيل، على أنه من المحتمل أن يكون مادة مسرطنة للبشر.
وأوضح تشنغ أنه لم تتناول أي دراسات العلاقة بين بير-وبولي فلورو ألكيل وسرطان القولون والمستقيم.
ومع ذلك، يعاني رجال الإطفاء من هذا النوع من السرطان بمعدلات أعلى من عامة السكان، وهم معرضون بشدة للبير-وبولي فلورو ألكيل.
ولكن ما الذي يمكن أن تفعله المواد الكيميائية لبدء أو تحفيز هذا النوع من السرطان لم يكن واضحا.
انتشار السرطان
قالت الباحثة كارولين جونسون، الأستاذة المشاركة في علم الأوبئة، “نحن ننظر إلى الأنماط التي تحدث داخل مجموعة معرضة للخطر من الأشخاص أو مجموعة مريضة من الأشخاص، ثم نحاول توليد فرضية حول سبب إصابة شخص ما بمرض أو تطور المرض.. إن علم الأيض هو أحد الأدوات الوحيدة التي يمكنك من خلالها قياس التعرض البيئي في العينة نفسها مثل التأثير البيولوجي”.
وفي هذه السلسلة من التجارب، درس الباحثون كيفية تفاعل خلايا سرطان القولون والمستقيم مع غمرها في محلول بير-وبولي فلورو ألكيل لمدة تصل إلى 7 أيام.
ولاحظوا زيادة في حركة الخلايا مع التعرض ووجدوا تغيرات أيضية كانت متسقة مع ورم خبيث في السرطان.
واتفقت النتائج مع المعرفة الحالية حول أيض خلايا سرطان القولون والمستقيم وانتشاره والتشخيص، وهو ما يمثل دليلا على أن المواد الكيميائية يمكن أن تحفز الورم الخبيث.
كما وجدوا أن حمض البيرفلوروكتانويك وحمض البيرفلوروكتان سلفونيك قد حفزا الخلايا السرطانية على الانتقال إلى مواقع جديدة، وهو يشير إلى أنها يمكن أن تسهم في انتشار السرطان في الكائنات الحية.