تشكل السنة الأولى في المرحلة الجامعية محطة هامة وفاصلة في حياة الطلاب الذين كانوا لوقت قريب في المرحلة الثانوية.
ورغم حماسهم للحياة الجامعية، فإن كثيرين منهم قد يعيشون حالة من الترقب والتساؤلات عن المجتمع الجامعي الجديد، كونه يختلف عما اعتادوا عليه في المدرسة.
فكيف تختلف الحياة الجامعية عن المدرسية، من حيث أسلوب الدراسة، واختيار الملابس، واختيار الأصدقاء؟
فما نصائح الخبراء لهم؟
فرق كبير بين المدرسة والجامعة
تقول الطالبة تالة أسعد ربعية: المرحلة الجامعية تختلف كليا عن المدرسية فهي نقلة كبيرة في حياة الطالب، فيجد نفسه في بيئة مختلفة تماما عما اعتاد في المدرسة، وعليه تحمل مسؤولية نفسه بشكل مضاعف وخاصة في أول سنة جامعية.
وتشير تاله (تخصصها رئيسي محاسبة- فرعي تأمين في جامعة النجاح) إلى أنه في الحياة الجامعية يواجه الطالب صعوبات سواء في الدراسة أو اللغة، وقد يكون مضطراً لقطع مسافات طويلة للوصول إلى جامعته بعيدا عن أهله إضافة للضغط الدراسي الكبير الذي يضعه في دوامة ما بين الدراسة والمسؤولية.
وهذا لا يعني ان الحياة المدرسية وتحديدا الثانوية لا يوجد بها صعوبة، ولكن عندما نقارن بينها وبين الحياة الجامعية أو تجربتها نشعر بفارق كبير. وهذه بعض الأمور التي توضح تلك الفروقات كما تبينها تاله في حديثها للجزيرة نت:
- برنامج الدراسة: في المرحلة المدرسية يكون الطالب محكوما بجدول مدرسي تضعه الإدارة، أما في المرحلة الجامعية فللطالب الحرية إلى حدٍ ما في اختيار عدد الساعات والمساقات المرغوب في دراستها خلال الفصل الدراسي.
- اختيار الملابس: في المدرسة يلتزم جميع الطلاب والطالبات بملابس موحدة (زي مدرسي موحد) أما في الجامعة فلا يوجد قيد أو شرط بما يرتديه الطالب.
- اختيار الأصدقاء: الصداقة قيمة لا مثيل لها ولا غنى عنها، لذلك ليس على الطالب التسرع باختيار رفاقه لمجرد إحساسه أنه وحيد، والرغبة في مشاركة الحياة الجامعية والأنشطة المتنوعة مع آخرين، بل عليه التفكير والاختيار بطريقة صحيحة وفق معايير تلائم شخصيته ومبادئه وطريقة تفكيره.
إدارة الوقت
وتؤيدها الطالبة الماسة قاسم التي تؤكد للجزيرة نت أن “الجامعة تختلف بشدة عن المدرسة بالنسبة لي، ومن أبرز الأشياء التي شعرت بها الاختلاف في الحرية، ففي المدرسة هناك قيود وقواعد كثيرة توجه الطالب، أما في الجامعة فيحصل الطالب على حرية اختيار الكثير من المواد الذي يريد دراستها والتركيز عليها، وهذا ما يجعلني شغوفة بما أدرسه شخصيا”.
وتزيد الماسة “كما أن الطالب يمتلك الحرية بما يفعل في وقت الفراغ بين المحاضرات، وأحيانا إذا كان الوقت كافيا فيمكنه الذهاب إلى المنزل ليستريح مثلا، أو يتناول الطعام مع العائلة”.
وفي جامعة قطر على وجه التحديد، حيث تدرس الماسة تخصص نظم المعلومات الإدارية، بكلية الإدارة والاقتصاد، المباني متباعدة بسبب حجم الجامعة الكبير، مما يجعل من الضروري التخطيط للوصول إلى المحاضرات في الوقت المحدد و”هذا يساعد في خلق الشعور بالمسؤولية والاستقلال بالنسبة لي”.
وتزيد الطالبة: هذا علمني كيفية إدارة الوقت، وهي مهارة صعبة، ويمكن الاستفادة منها في المستقبل.
وتضيف “رغم أن اختيار الملابس يأخذ الكثير من الوقت، إلا أنني أكون سعيدة باختيار ملابسي، وأكون فرحة أنني اخترت قطعا معينة في ذلك اليوم كونها تحسن مزاجي وتعطيني طاقة إيجابية”.
وبخصوص الصداقة في الجامعة، تقول الماسة “هناك الكثير من الزملاء والزميلات، لكنني أختار صديقاتي من الزميلات اللواتي يشبهنني ولنا اهتمامات مشتركة لأستطيع التواصل معهن فكريا”.
الاستفادة من الوقت
وتلفت ميرا أحمد مصطفى إلى أهمية الاستفادة من الوقت بين المحاضرات، من خلال الدراسة في مكتبة الجامعة حيث “لا توجد امتحانات قصيرة تختبر قدرتنا في هذه المادة أو تلك، كما في المدرسة”.
وتعتبر الطالبة -التي تدرس في جامعة النجاح كلية الطب تخصص قبالة- أن توزع المحاضرات في عدة مبان، وليس في مكان واحد كما المدرسة، أمر متعب بسبب كبر مساحة الجامعة وتعدد مبانيها، وكثرة قاعاتها “ففي أول أسبوع جامعي كنت أتوه في أماكن المحاضرات”.
وتقول ميرا “في المدرسة كنا نرتدي الزي الموحد فلا نبذل جهدا يذكر في اختيار الملابس، أما في الجامعة فعلينا أن نحافظ على أناقتنا باختيار ملابس ملائمة لديننا وراحتنا لأننا نبقى في الجامعة لساعات طويلة فنحتاج ملابس مريحة وعملية أكثر، ولا يوجد مشكلة من تكرار الملابس لأننا ذاهبون لمكان تعليمي وليس عرض أزياء”.
وبالنسبة لاختيار الصديقات تقول “لا يوجد مثل صديقات المدرسة، وهن معي في نفس الجامعة، ولكن كل منا له تخصص مختلف، لذلك لا نرى بعضنا كثيرًا، وتحاول كل منا التعرف على صديقات جديدات”.
توسيع الأفق المعرفي
يقول الدكتور عمر العطين، نائب رئيس جامعة آل البيت للشؤون الإدارية في الأردن، إن مهمة الجامعة لا تتمثل في مجرد نقل المعرفة، بل تهدف إلى تطوير وتوسيع الأفق المعرفي للطلبة من خلال تقديم تخصصات دقيقة تشجع على التفرد وتلبية احتياجاتهم.
ويؤكد العطين -في حديثه للجزيرة نت- أنه بداية كل عام دراسي، تولي الجامعات اهتماماً خاصاً بإنشاء بيئة جامعية محفزة لاستقبال الطلاب، وتعيين موظفين وطلاب متخصصين -من السنوات السابقة- يقدمون الدعم والإرشاد للطلاب الجدد.
ويدرك الطلاب لدى دخولهم الجامعة أنهم ينتقلون إلى مرحلة تجمع بين الدراسة والمعرفة وبناء العلاقات الاجتماعية. لذا، تركز الجامعات بشكل عام على دعم الطلاب ذوي الاهتمامات المتنوعة وتشجيع الإبداع والتميز من خلال البيئة الجامعية المناسبة.
كما تتيح الجامعات مرافق ومجالات متعددة وفرص تواصل وتبادل بين الطلاب، سواء كانوا من الداخل أو الخارج.
وتساهم الجامعات بتنمية الوعي بجوانب الحياة، ومنها الاجتماعي من خلال تشجيع العمل التطوعي مما يعمل على تطوير الشباب بهدف تقديم مهاراتهم وتسخيرها لخدمة مجتمعاتهم.
هذا وتمثل مرحلة الجامعة تحولاً هاماً يمنح الطلاب حرية إدارة وقتهم واختيار مساراتهم الخاصة، بالإضافة إلى دورهم الفعّال في المساهمة في البحث العلمي، وفق العطين.
أولى جامعة بأهمية أولى مدرسة
ويؤكد الدكتور طارق المجالي، أستاذ الأدب في جامعة مؤتة- الأردن، أن السنة الأولى بالجامعة هي من أخطر سني طلبة الجامعات، ولا تقل أهمية وتوترا من سنة الطفل الأولى في المدرسة لأن الطالب يمر عبر هذا العام الأول بتغيرات نفسية واجتماعية وثقافية، يبدو معها بأمس الحاجة إلى الآخرين لاجتياز هذه المرحلة الحرجة من حياته.
ويوجه المجالي جملة من النصائح، لطلبة السنة الأولى:
- تجنب التعميم: لا تطلق أحكاما عامة على الطلاب أو الأساتذة أو الكليات.
- احترم الآخرين: احترام الجميع أيا كانت دياناتهم أو جنسياتهم، وبخاصة أصحاب الإعاقات.
- ابحث عن أصدقاء: اختر صديقا مكملا لك، وليس بالضرورة أن يكون صورة عنك فكرا وسلوكا.
- تعرف إلى قاعات الأنشطة: ابحث عنها في عمادة شؤون الطلبة لتمارس هواياتك وتنميها برعاية المتخصصين.
- أهمية الأسرة: على الأهل المتابعة وإعطاء الشباب الحرية المسؤولة عن طريق الحوار والإقناع، وبسبب وطأة العمل غابت الاجتماعات الأسرية اليومية حول “وجبة الطعام” لهذا لا بد من اجتماع أسبوعي، يتباحث فيه الأهل مع أبنائهم حول كل ما واجههم من صعوبات لمعالجتها في جو عائلي حميم بعيدا عن التوتر.
تعلم مهارات جديدة
ويقول الخريج عبد الرحمن سامر، تخصص علوم السمع والنطق من كلية علوم التأهيل بالجامعة الأرنية، أن السنة الأولى في الجامعة تعد مرحلة انتقالية من الحياة المدرسية في مجتمع جامع لمختلف الثقافات من مختلف المحافظات واللهجات.
ويختلف أسلوب اختيار الملابس حيث تصبح أكثر رسمية لتتناسب مع البيئة الجامعية، كما تؤثر الكلية والتخصص على اختيار الملابس حيث الكليات الطبية غير الإنسانية غير العلمية.
ويضيف: في البداية تتكون الصداقات مع الزملاء داخل القسم نفسه، ثم الدفعة من خلال دراسة المواد المشتركة. ومن خلال تجارب الحياة الجامعية تبدأ طريقة اختيار الأصدقاء بالاختلاف، حيث يصبح الشخص أكثر وعيا باختيار الأصدقاء المناسبين بناء على التجارب والمواقف، إضافة لتوافق الأفكار والمبادئ والانسجام.
وينصح سامر وهو موظف في أحد مراكز قطر ضمن اختصاصه -من هم على مقاعد الدراسة- باستثمار سنوات الجامعة في تعلم ثقافات ومهارات جديدة تصقل الشخصية والفكر والوعي، تفيدهم أيضا في مجال العمل والوظيفة لاحقا، حيث الخبرات والمهارات لدى خريج الجامعة تعطي له أفضلية في التوظيف والترقية.