أعلن الباحثون من خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي أن أكتوبر/تشرين الأول 2024 هو الشهر الخامس عشر في فترة مدتها 16 شهرًا تجاوز فيها متوسط درجة حرارة الهواء السطحي العالمي 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.
وقد كانت 9 من هذه الأشهر، من سبتمبر/أيلول 2023 إلى أبريل/نيسان 2024، إلى جانب أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلى بكثير من 1.58 درجة مئوية إلى 1.78 درجة مئوية.
ومع ذلك، كانت القيم لشهور مايو/أيار ويونيو/حزيران وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2024، وكذلك تلك الخاصة بشهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2023، قريبة جدًا من 1.5 درجة مئوية (بين 1.50 درجة مئوية و1.54 درجة مئوية).
شهور خطيرة
ويعد “متوسط درجة الحرارة العالمية” مقياسا يوميا لمتوسط درجة حرارة سطح الأرض. ويوفر هذا المقياس قيمة درجة حرارة واحدة تمثل درجات الحرارة المجمعة على مدار كل يوم، لجميع المناطق في كل أنحاء العالم، سواء البرية أو البحرية، وهو بذلك يختلف عن درجة الحرارة في مدينتك أو دولتك.
وتقوم الخدمات مثل كوبرنيكوس بقياس متوسط درجات الحرارة عن طريق أدوات عدة، منها بيانات من أقمار صناعية مختلفة إلى جانب آلاف محطات الأرصاد الجوية حول العالم، والتي تقوم بقياس درجة الحرارة، بعض هذه المحطات توجد على متن عوامات وسفن محيطية تجمع بيانات درجة حرارة سطح البحر.
وقد استنتج الباحثون أنه من المؤكد تقريبا أن عام 2024 سيكون أكثر دفئا من عام 2023، وبالتالي سيكون العام التقويمي الأكثر دفئا على الإطلاق.
وعلاوة على ذلك، ونظرا لأن عام 2023 كان بالفعل أعلى بمقدار 1.48 درجة مئوية عن مستوى ما قبل الصناعة، فمن المؤكد تقريبا أيضا أن عام 2024 سيكون أعلى من هذا المستوى ليكون أول عام يتخطى حاجز ارتفاع متوسط قدره 1.5 درجة مئوية مقارنة بمتوسط ما قبل الصناعة في الفترة 1850-1900.
لماذا يخشى العلماء من وصولنا إلى درجة ونصف؟
إن ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة أمر بالغ الأهمية لأنه يمثل عتبة حرجة في مناقشات تغير المناخ.
ويعتبر العلماء وخبراء المناخ هذه النقطة بمثابة نقطة تحول يمكن بعدها أن تصبح تأثيرات تغير المناخ أكثر شدة ولا رجعة فيها.
وعلى الرغم من أن 1.5 قد يبدو وأنها لا تعني الكثير بالنسبة لمواطن عادي، فإنها ستؤثر بشدة في تقلب مناخنا، لأن فارقا صغيرا في متوسطات درجات الحرارة قادر على رفع شدة ومدة وطول المناخ المتطرف من موجات حر وجفاف وعواصف وهطول أمطار غزيرة وفيضانات.
ومع الذوبان المتسارع للصفائح والأنهار الجليدية، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، وبالتالي تعرض المجتمعات الساحلية لأخطار كبيرة.
كما يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالنظم البيئية مثل الشعاب المرجانية، وآثار سلبية على المحاصيل وإنتاج الغذاء، وزيادة المخاطر الصحية بسبب الإجهاد الحراري وانتشار الأمراض التي يسهلها تغير المناخ.
لذلك كان هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي عند 1.5 درجة مئوية جزءا لا يتجزأ من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاق باريس، الذي يسعى إلى تقليل العواقب الأكثر خطورة لتغير المناخ.
لكن مع التوتر السياسي والعسكري العالمي الحالي، وصعود دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، مع نية مسبقة للخروج من اتفاقية باريس، يبدو أن العالم على شفا المزيد من التطور القاسي في أزمته المناخية.