منذ احتلال القدس عام 1967، يسعى الاحتلال الإسرائيلي لقلب الميزان الديمغرافي في المدينة لصالحه، ومع إقامة الجدار العازل حولها عام 2002 تسارعت وتيرة التهجير بفعل مجموعة إجراءات وسياسات عنصرية.
وساهمت سياسات الاحتلال بشكل مباشر في هجرة المقدسيين غالبا إلى أحياء وبلدات في محيط مدينة القدس عزلها الجدار.
وخلقت تلك السياسات أزمة سكن، وذلك بتضييق مساحة الأرض المسموح البناء فيها إلى 13% من مساحة القدس، وفرض تكاليف باهظة على التراخيص حتى تجاوزت تكلفة ترخيص منزل صغير حاجز 70 ألف دولار، إضافة إلى هدم المباني غير المرخصة ومنع التراخيص، حيث أصبح في القدس 22 ألف منزل غير مرخص مخطر بالهدم.
وكانت نتيجة أزمة السكن ارتفاع أسعار الشقق غير المجهزة إلى نحو 450 ألف دولار، وارتفاع أجرة السكن إلى نحو 1800 دولار بالشهر الواحد، مما جعل امتلاك منزل بالقدس حلما مستحيلا لأغلب شباب المدينة، وتسبب في نقص الشقق السكنية قُدّر بـ30 ألف شقة.
ومن سياسات الاحتلال أيضا زيادة تكاليف المعيشة نتيجة ارتفاع أجرة السكن وارتفاع الضرائب إلى نحو 5 آلاف دولار سنويا لكل مسكن، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التعليم.
كما ساهمت الحواجز العسكرية والجدار في تعزيز الهجرة، حيث حولت قرى وبلدات القدس إلى معازل، وخلقت ازدحامات متعمدة وطوابير من السيارات، وبالتالي إعاقة تنقل المقدسيين من وإلى أماكن عملهم، مما دفع كثيرين إلى الاستقرار قرب أماكن عملهم خارج المدينة.
وفي العموم أدى كل ما سبق إلى واقع جديد من ملامحه انتقال الأزواج الشابة إلى خارج المدينة، مما يُعرضهم لخطر فقدان حق الإقامة فيها، واستحداث أحياء مكتظة وغير منتظمة ومهملة في مناطق تتبع إداريا بلدية القدس لكنها معزولة بالجدار، منها كفر عقب وعناتا والعيزرية وشعفاط والزعيّم.
كما تسببت سياسات الاحتلال في خلق تحديات اجتماعية، أبرزها عزوف الشباب عن الزواج وتقطيع أوصال العائلات بتعدد أماكن السكن وخلق بيئة اجتماعية مكتظة وضاغطة، وحالة فوضى وفلتان لغياب جهة أمنية تدير شؤون السكان.
وفي النهاية اضطر نحو 121 ألف مقدسي من بين نحو 360 ألفا إلى مغادرة المدينة خلال العقدين الأخيرين.