يعد سمك قرش الحوت من المخلوقات الرائعة التي تجوب محيطاتنا. تشتهر هذه الكائنات المهيبة بحجمها الهائل وطبيعتها الودودة، وقد أسرت قلوب عشاق الحياة البحرية والعلماء على حد سواء، لكنها مُصنفة على أنها مُهددة بالانقراض في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
يعتبر قرش الحوت أكبر أنواع الأسماك في العالم، إذ قد يزن أكثر من 30 طنا، وأحد أكثر الكائنات المذهلة المهددة بالانقراض، وينتمي لطائفة الأسماك الغضروفية، وتمتلك هياكل غضروفية بدلا من العظام.
تتواجد أسماك القرش في المحيطات الاستوائية والمعتدلة بالمياه العميقة والمناطق الساحلية. وتشير التقديرات إلى أن 75% من أسماك قرش الحوت تعيش في المحيط الهندي والهادي، والبحار المحيطة بإندونيسيا التي تربط بينهما. أما المحيط الأطلسي، فهو موطن الـ25% المتبقية من أسماك قرش الحوت.
وتعتبر دولة قطر موطنا لواحدة من أكبر التجمعات لقرش الحوت في العالم، حيث تصل أعدادها في المياه الإقليمية القطرية إلى أكثر من 600 قرش حوت وفق وزارة البيئة والتغير المناخي القطرية.
تهاجر أسماك قرش الحوت عبر المحيطات آلاف الكيلومترات، وتعود إلى نفس المكان سنويا. ويصل طول صغار القرش 60 سنتيمترا، أما البالغون فيتراوح طولهم بين 14 إلى 18 مترا، وتضع أكثر من 300 من الصغار في كل ولادة، وهي تصنف كأسماك بويضة ولودة، أي أن البيض يفقس داخل جسم الأنثى ثم يولد الصغار كبالغين صغار.
ميزات فريدة
تتميز أسماك القرش برأس مفلطح عريض، وهو النوع الوحيد من الأسماك الذي يمتاز بأن فمه في المقدمة وليس أسفل الرأس، وله زعنفة ذيلية هلالية الشكل، لها جلد خشن الملمس وناعم من اتجاه الرأس للذيل، ويمتاز بسُمك كبير على الظهر يتعدى 10سنتيمترات، وتقل السماكة حول أسفل البطن.
بدلا من الأسنان الحادة، لدى قرش الحوت ألواح كيراتينية طويلة يستخدمها لتصفية الطعام من الماء الذي يمر عبر فمه الكبير. هذه الألواح تعتبر بديلا مهما للأسنان الحادة والخطيرة، مما يجعله أكثر أمانا في التعامل مع البشر.
أما أبرز سمات أسماك قرش الحوت، فهو نمط جلدها الفريد الذي يتضمن بقعا وخطوطا تسمح بالتعرف على كل سمكة قرش، فلا يوجد قرشان حوتيان لهما النمط نفسه، مما يُمكّن الباحثين من تحديد أسماك القرش وتتبعها على مر الزمن.
وتتواصل قروش الحوت بصوتها الخاص، الذي يتكون من مجموعة متنوعة من الأنماط الرنينية التي تشبه الموسيقى، وتنتشر تحت الماء على مسافات بعيدة. كما تشير الدراسات إلى أنه يتميز بجهاز مناعي قوي يجعله مقاوما للعديد من الأمراض والإصابات، مما يجعله قادرا على تنظيف المحيطات بالقضاء على الكائنات المريضة.
وفق التقديرات، يعيش قرش الحوت لفترات طويلة، حيث يقدر عمره بين 70 إلى 100 عام. ويعد بذلك أطول الفقاريات عمرا على الأرض، وتقدر دراسة أن عمرها الأقصى قد يصل إلى 130 عاما.
وعلى عكس القروش الأخرى، تتغذى أسماك قرش الحوت بالترشيح، ولا تستطيع العض أو المضغ. ويمكنها معالجة أكثر من 6 آلاف لتر من الماء في الساعة عبر خياشيمها.
ورغم من أن فمها يمكن أن يصل عرضه إلى 1.55 متر، فإن أسنان قرش الحوت صغيرة جدا لدرجة أنها لا تستطيع أكل الروبيان الصغير والأسماك والعوالق والحبار كغذاء رئيسي إلا باستخدام خياشيمها كمرشح شفط.

عملاق تحت التهديد
تصنف أسماك قرش الحوت ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، التي تضم الحيوانات المهددة بالانقراض، إذ يؤثر التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة المياه على موائلها، وتوفر غذائها.
كما يتسبب التلوث البلاستيكي في تشابكها أو ابتلاعها، خاصة وهي تتغذى بالترشيح، إضافة إلى الصيد الجائر والعرضي، واصطيادها بالسفن ومحركات القوارب نظرا لطبيعتها المسالمة.
وتُعدّ أسماك قرش الحوت ذات قيمة عالية في الأسواق العالمية وخاصة في آسيا. ويظل الطلب على لحومها وزعانفها وزيتها يُشكّل تهديدا لها أدى إلى تناقص أعدادها حسب الصندوق العالمي للطبيعة.
ويؤثر ذلك على دور قرش الحوت المهم في البيئة البحرية والتوازن البيئي، حيث يستهلك الأسماك والعوالق بكميات كبيرة ما يسهم في السيطرة و التحكم في أعداد الكائنات البحرية الأصغر و يحفظ الأنواع الأخرى والنظام البيئي ككل.
كما يعد أيضا ناقلا للطاقة والمواد العضوية في المحيطات بشكل مستدام ومتوازن، وهذا يسهم بدوره في دورة الحياة البيولوجية للمحيطات واستدامة الأنظمة البيئية. كما تُوفّر أجسامها موطنا للطفيليات والأسماك الصغيرة، مما يجعلها كائنا محوريا للحياة البحرية والطبيعة.