مراسلو الجزيرة نت
بورتسودان – لم تكن “مريم بابكر” التي نزحت مع أطفالها عقب تعرض منزلها لانهيار جزئي جراء قذيفة طائشة، تعلم بأنها على موعد مع “انهيار كامل” للمنزل المتواضع الذي نزحت إليه في منطقة أبو حمد بولاية نهر النيل السودانية بسبب الأمطار والسيول التي ضربت المنطقة.
وجدت مريم نفسها أمام نزوح مركب بسبب الحرب حينا، والسيول حينا آخر، مع آلاف المُتأثرين والنازحين هناك الذين باغتتهم السيول وجعلتهم في العراء بانتظار المساعدات الإنسانية العاجلة، فكانت قطر وتركيا والكويت في صدارة الدول الداعمة للأسر المتضرّرة من الحرب والسيول في السودان.
باخرة مساعدات تركية
واستقبل وزير النقل السوداني أبو بكر أبو القاسم بميناء بورتسودان، أمس الاثنين، باخرة المساعدات الإنسانية التركية الثانية، وقال -بحسب وكالة الأنباء السودانية- إن ما قدمته تركيا من مساعدات للسودان خلال الأزمة الحالية شيء معتبر، موضحا أن الشحنة تشمل مواد الإيواء الضرورية التي ستكون خير معين للسودانيين.
وتزامن عدد من الكوارث الإنسانية في السودان هذا العام؛ ففي وقت خلّفت فيه الحرب منذ 15 أبريل/نيسان 2023 نحو 18 ألفا و800 قتيل و10 ملايين نازح ولاجئ، بلغ عدد المتضررين من السيول والأمطار منذ يونيو/حزيران الماضي نحو نصف مليون سوداني، وفق الأمم المتحدة.
وأوضح بيان لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) أن التقديرات تشير إلى أن 491 ألفا و100 شخص (88 ألفا و600 أسرة) تضرّرت من السُّيول والأمطار الغزيرة في 15 ولاية بالبلاد، إلى جانب نزوح نحو 143 ألفا، وذلك منذ الخامس من سبتمبر/أيلول الجاري.
وذكر البيان أن 35 ألفا و518 منزلا انهارت كليا، وتضرر نحو 44 ألفا و993 منزلا جزئيا، فيما بلغت حصيلة وفيات السُّيول والأمطار في السودان 173 قتيلا في 29 أغسطس/آب الماضي، حسب إحصائية لوزارة الصحة السُّودانية، وهي إحصائية مرشحة للازدياد نظرا لأن الخريف ما زال مستمرا بالبلاد.
استجابة قطرية
ودخلت قطر على خط إرسال المساعدات للمتضررين في السودان، وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية نهر النيل تهاني ميرغني للجزيرة نت، إن الوضع في المناطق التي ضربتها السيول بالولاية لا يزال كارثيا ويحتاج إلى تدخلات عاجلة في مجالات الغذاء والكساء والإيواء وأدوية الطوارئ، رغم الدعم الذي تم تقديمه من الجمعيات القطرية ومركز الملك سلمان للإغاثة وبعض وكالات الأمم المتحدة.
وأفادت بأن قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري استجابا بصورة سريعة وعاجلة بدعم من صندوق قطر للتنمية لإيواء المتضررين من مختلف محليات الولاية التي تشهد أوضاعا كارثية، حيث وصلت فرقهم الميدانية ودعمت كل المحليات بالخيام وهو ما أحدث أثرا طيبا واستقرارا للأسر المتأثرة.
ويرى مراقبون أن دولة قطر ظلّت تقف مع أشقائها بالسودان في كل الكوارث والمحن التي يمُر بها. فكانت في مقدمة الدول التي تدخّلت بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للأُسر المتضرِّرة من الحرب والمُتأثرين بالسيول والأمطار عبر سلسلة من الجسور الجوية المستمرة التي نقلت مئات الأطنان من المواد الغذائية والمعدات والمستهلكات الطبية والخيام والأدوية المنقذة للحياة.
تزامن الأزمات
ويرى ناشطون في مجال العمل الطوعي والإنساني أن دعم المتأثرين بالسيول والأمطار بالسودان هذا العام تأثر سلبا بتزامن الأزمات جراء الحرب والسيول والأمطار والأمراض كالكوليرا، لأن كثيرا من الجهات المانحة وجهت دعمها للمتضررين من الحرب.
لكن وزير التنمية الاجتماعية السوداني أحمد آدم بخيت قال للجزيرة نت إن دولة قطر عودتنا أن تقف دائما مع الشعب السوداني في كل المحن والكوارث والأزمات التي يواجهها في حالتي السلم والحرب وذلك بالاستجابة الإنسانية العاجلة بتقديم المُساعدات الغذائية والصحيّة والإيوائية للأسر المتضررة من الحرب، ومن السُّيول والفيضانات والأمطار دون منّ أو أذى.
وواصلت الجمعيات القطريّة العاملة بالسودان تقديم مساعداتها الإنسانية الكبيرة للأسر المتضررة من الحرب والمُتأثرة من السيول والأمطار في الوقت نفسه حيث نفذت قطر الخيرية سلسلة من المشاريع في مجالات الصحة والأمن الغذائي والمواد غير الغذائية والمياه والإصحاح.
وشملت المشاريع المُستمرة التي نفذتها قطر الخيرية للنازحين وأكثر الفئات هشاشة بالسودان تقديم السلال الغذائية والوجبات الساخنة والخيام والمواد الإيوائية وتوفير مياه الشرب وأدوات النظافة والإصحاح البيئي بمراكز الإيواء والعيادات المُتنقّلة وسط تجمعات النازحين، وتشغيل مستشفيات وتوفير الأدوية لإنقاذ حياة مرضى الفشل الكلوي والسرطان بالسودان.
حضور إنساني للكويت
وأعربت الأوساط الشعبية والإنسانية عن تقدير لافت للمُساعدات الإنسانية المقدّمة من دولة الكويت، وقال سفير السودان بالكويت عوض الكريم الريح بلة -للجزيرة نت- إن الكويت ظلت حاضرة بقوة خلال العقود الماضية في كل ما ألم بالسودان من كوارث طبيعية كالسيول والفيضانات والكورونا، وفي أعقاب الأزمات والنزاعات المسلحة.
وأشار إلى تسييرها عقب اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي لجسر جوي وصلت رحلاته إلى أكثر من 20 رحلة جوية حملت المساعدات الطبيّة والإيوائية والغذائية وسيارات الإسعاف، كما سيّرت جسرا جويًا آخر خلال هذا العام انطلقت منه حتى الآن 12 رحلةً، إلى جانب إرسالها، بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة، سفينة محملة بأدوية لمرضى السرطان بقيمة تفوق مليون دولار.
وعقب اجتياح السيول والفيضانات العديد من مناطق السودان هذا العام، قرّرت اللجنة الكويتية للإغاثة بالتعاون مع الوكالة التركية للمساعدات الإنسانية شحن باخرة تحمل 2500 طن من المساعدات.