قد يكون الأمر مزعجا عندما يتغير التوقيت ويبدأ العمل بالتوقيت الشتوي، مما يعني أنك الآن بحاجة إلى تعديل الساعات في منزلك وأجهزتك الذكية، إن لم تدعم هذه الأجهزة التغيير التلقائي للوقت، وكذلك تعديل إحساسك بالوقت. فالرابعة عصرا أصبحت الآن بدلًا من الثالثة، ويأتي الليل أسرع من المعتاد بعدما قلّ وقت النهار ساعة كاملة انتقلت لصالح وقت الليل.
تأثير مدمر على الصحة العقلية والجسدية
بدأ العمل بالتوقيت الشتوي أوائل الشهر الحالي ويستمر حتى منتصف مارس/آذار في بعض بلدان العالم، وخلال هذه الفترة تتقدم الساعات إلى الأمام بساعة، مما يجعل الليل يحل مبكرا عن التوقيت الصيفي.
ويشير الدكتور تشارلز سيزلر، أستاذ طب النوم بجامعة هارفارد، إلى تأثير هذا التغيير قائلا “قد لا يبدو تغيير ساعة واحدة أمرا كبيرا، لكنه قد يسبب، في الواقع، دمارا للصحة العقلية والجسدية على المدى القصير”.
وتشير الدراسات إلى أن تغيير التوقيت مرتين في السنة قد يترتب عليه عواقب صحية متعددة، إذ يمكن أن يؤدي إلى اضطراب الإيقاع اليومي للجسم الذي ينظم وظائف أساسية مثل الشهية والمزاج والنوم.
ويعاني الكثيرون من صعوبة في ضبط مواعيد نومهم خلال الأيام القليلة الأولى أو حتى الأسبوع الأول بعد تغيير التوقيت، مما قد يسبب نقصا بالنوم. ويشرح الدكتور سيزلر أن “النوم المتقطع يمكن أن يؤدي إلى شعور بالتعب والخمول ونقص التركيز” مما يؤثر سلبًا على الأداء اليومي، خاصة أن العديدين حول العالم يعانون بالفعل من قلة النوم، حيث ينامون ساعات أقل من السبع الموصى بها ليلا.
آثار نفسية وعاطفية
الآثار النفسية والعاطفية لتغيير التوقيت الشتوي قد تكون ملحوظة للكثيرين، حيث الشعور بالاكتئاب والإحباط نتيجة قصر وقت النهار، مما يقلل من القدرة على إنجاز جميع المهام المطلوبة أو القيام بالأنشطة المعتادة خلال ساعات الضوء. وقد يؤدي هذا التغيير إلى اضطراب بمواعيد الوجبات، لأن الأشخاص غالبًا ما يتناولون طعامهم في أوقات محددة تتغير مع تبدل التوقيت الشتوي، مما يسبب لهم شعورًا بعدم الاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن طول فترات الظلام يزيد من حدة المشاعر السلبية، إذ اعتاد الناس على بقاء ضوء النهار حتى وقت متأخر نسبيا بالتوقيت الصيفي. وهذا التأثير يكون أشد على الذين يعانون من اضطراب العاطفة الموسمي، وهو نوع من الاكتئاب يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء عندما يقصر النهار وتقل فترات التعرض لضوء الشمس.
ويشير أستاذ الصحة العقلية آدم سبيرا إلى أن الدراسات العلمية تدعم وجود زيادات حادة في الآثار الصحية السلبية المرتبطة بتغيير التوقيت. ومن بينها ارتفاع معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، حيث تؤثر هذه التغييرات على توازن الجسم واستجابته للتوتر. كما يزيد خطر الإصابة باضطرابات المزاج وارتفاع إنتاج العلامات الالتهابية التي تعد استجابة طبيعية للتوتر.
كيفية التعامل بفعالية مع تغيير التوقيت
يمكنك اتباع بعض النصائح الفعّالة للتكيف مع تغيير التوقيت:
تناول الفيتامينات والمعادن: اهتم بتضمين الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك للبقاء بصحة جيدة، مثل الخضراوات والفواكه الطازجة للحصول على الكالسيوم والمعادن الأخرى من مصادر طبيعية.
ابدأ يومك مبكرا: إذا كنت تستيقظ عادة في الثامنة صباحا، فجرب الاستيقاظ في السابعة الآن. وقد يبدو الأمر مزعجا في البداية، لكن الاستيقاظ المبكر يساعدك على زيادة وقت النهار المتاح، مما يتيح لك إنجاز مهامك والاستمتاع بالأنشطة النهارية. ويعزز تحقيق الشعور بالإنجاز الصحة العقلية ويقيك من مشاعر الاكتئاب أو الإحباط التي قد تظهر عندما يكون الليل مبكرًا.
حافظ على مواعيد وجباتك: من شأن الاستيقاظ ساعة أبكر أن يساعدك على تنظيم مواعيد وجباتك، مما يجنبك أي اضطراب في نظامك الغذائي. وإن اعتدت تناول الإفطار في التاسعة، فيمكنك الآن تناوله في الثامنة، مما يقيك من فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل بسبب تفويت الوجبات.
العلاج بالضوء: إذا لم تستطع الاستيقاظ مبكرا، فكر في استخدام صندوق ضوئي، وهو علاج شائع لاضطراب العاطفة الموسمي. وقد يعرض التعرض لضوء الصندوق الجسمَ عن قلة التعرض لضوء الشمس ويساعدك في مواجهة زيادة فترات الظلام.
حافظ على التمارين الرياضية: ممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن يكون له تأثير مشابه لمضادات الاكتئاب في تحسين المزاج. ولمواجهة اضطرابات المزاج، حاول ممارسة الرياضة بانتظام. وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض “سي دي سي” (CDC) بـ150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيًا، مثل المشي السريع لمدة 30 دقيقة 5 أيام في الأسبوع.
تجنب الكافيين: لدعم نومك المبكر، تجنب المشروبات المحتوية على الكافيين، خاصة قبل النوم. ويمكنك البدء في تقليل تناول الكافيين قبل أيام قليلة من تغيير التوقيت إذ إنه يؤثر على جودة النوم.