أكد تقرير نشرته صحيفة لكسبريس الفرنسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومن خلال رفضه السلام وتركيزه فقط على مستقبله السياسي يقود المنطقة والشرق الأوسط برمته إلى حافة الهاوية، وهذا يوضح المأزق الذي تعيشه إسرائيل.
وأضاف الكاتب كورنتان بينارغيه أن نتنياهو ظهر كنجم صاعد لليمين الإسرائيلي بمناهضته التامة لاتفاق أوسلو ولإقامة دولة فلسطينية، وقد استفاد من تأييد الكثيرين لأطروحاته وفاز لاحقا بالانتخابات بعد مقتل إسحاق رابين، وأصبح أصغر رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، وشكّل البلاد حسب عقيدته وشخصيته.
ونقلت لكسبريس عن عالم السياسة ليران هارسجور -من جامعة حيفا- قوله إن العديد من الإسرائيليين يرون نتنياهو بمثابة قطة ذات 9 أرواح، حيث تبدو مسيرته السياسية دائما على وشك الانهيار، ولكن في كل مرة يجد مخرجا.
وأضاف هارسجور بأن نتنياهو سياسي “قادر على التلاعب بالرأي العام بطريقة لا مثيل لها، لكنه لم يواجه مثل هذا الوضع الكارثي من قبل، مع شعبية سيئة للغاية”.
حافة الهاوية
وتابعت لكسبريس بأن الشرق الأوسط على حافة الهاوية، حيث يرفض نتنياهو أي فكرة لوقف الحرب أو التفاوض مع القادة الفلسطينيين.
ونقلت المجلة عن ميراف زونسزين، المتخصصة في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، قولها إن “هذا المأزق هو نتيجة 20 عاما من الانجراف من جانب اليمين الإسرائيلي وقتل عملية السلام. كما أنه نتيجة لقناعة رجل واحد بأن العمل العسكري وحده هو الذي يمكن أن يحقق النتائج”.
وقالت المجلة إن نتنياهو لم يخف يوما محاربته لقيام دولة فلسطينية، كما سبق وأكد أن تقسيم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية “جزء أساسي من إستراتيجيتنا”.
وبحسب لكسبريس، فإن نتنياهو يؤمن بأن القوة هي كل شيء بأي ثمن، وقد قاد حملته الانتخابية في يوليو/تموز 2019 على أساس ذلك. ونشر حزب الليكود ملصقات عملاقة تظهر نتنياهو وهو يصافح دونالد ترامب وناريندرا مودي وفلاديمير بوتين، “حيث اقترب الزعيم الإسرائيلي من كل القادة غير الليبراليين الذين يحتقرون الديمقراطيات الغربية”.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، وبعد رفض نتنياهو من قبل جميع الأحزاب الأخرى، ومحاكمته في 3 قضايا فساد، قرر التحالف مع أقصى اليمين المتطرف لتشكيل الحكومة.
وتابعت المجلة أن نتنياهو حرص دائما على تقديم نفسه بكونه “حامي إسرائيل”، لكن ما وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول جعل كل شيء ينهار، بحسب زونسزين، وهو يشن حربا تبدو مشروعة لأنصاره.
وزادت المجلة الفرنسية بأن استطلاعا للرأي أجراه “مركز الحوار”، أوضح أن 9 من كل 10 إسرائيليين يعزون المسؤولية عن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى أخطاء حكومة نتنياهو، فيما رأى 4% فقط أنه الرجل المناسب لقيادة البلاد.
لعبة خطيرة
وبحسب لكسبريس، فإن نتنياهو يلعب لعبة خطيرة مع الأميركيين في عهد صديقه القديم الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي لخص في 2014 علاقتهما بقوله خلال اجتماع الاتحاد اليهودي لأميركا الشمالية: “لقد كان صديقا لأكثر من 30 عاما”.
وتضيف بأن الرئيس الأميركي انتقد “الإجراءات الأكثر تطرفا لهذه الحكومة، مثل إصلاح النظام القضائي أو دعم المستوطنين في الضفة الغربية”، لكن من دون مهاجمة نتنياهو على الإطلاق.
لكن الحرب على غزة -تتابع لكسبريس- تستنفد صبر بايدن، حيث كلفه دعمه للهجوم الإسرائيلي عدة نقاط في استطلاعات الرأي، قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية.
وتقول لكسبريس إن نتنياهو يواجه كذلك ثقلا دوليا كبيرا في لاهاي، أمام محكمة العدل الدولية، حيث تجد الدولة المولودة من المحرقة نفسها متهمة بجرائم إبادة جماعية. وإلى جانب مقتل أكثر من 24 ألف فلسطيني، فإن الاتهام يستند إلى تصريحات القادة السياسيين الإسرائيليين، الذين يدعون إلى ارتكاب جرائم حرب في غزة كل يوم.
وفي ظل إصرار نتنياهو على استمرار الحرب، نقلت المجلة الفرنسية عن زونسزين قولها إن الحرب الحالية على غزة “هي حرب بلا نهاية، فلا أحد يعرف كيف سيبدو النصر، ولا أحد يعرف كيف ستبدو نهاية الحرب، خاصة أن نتنياهو لديه كل المصلحة في استمرار ذلك”.
وبحسب زونسزين فمن الواضح أن المجتمع الإسرائيلي قد أصيب بصدمة بحلول السابع من أكتوبر/تشرين الأول ولكن هذه الحرب تخلق أجيالا من الصدمة بين الفلسطينيين، وأضافت “إننا لا نشهد القضاء على حماس، بل نشهد ولادة ما هو أسوأ بكثير”، على حد تعبيرها.