باريس- شهدت العاصمة الفرنسية باريس، أمس الأحد، 3 تظاهرات سياسية، حيث حشد حزب التجمع الوطني مناصريه في ساحة فوبان احتجاجا على إدانة زعيمته مارين لوبان، ومظاهرة مضادة بمبادرة من حزب “البيئة” و”فرنسا الأبية”، ومسيرة داعمة لفلسطين.
وكرد فعل سريع على تجمع حزب اليمين المتطرف، دعا “اليسار” للتظاهر في ساحة الجمهورية بهدف “الدفاع عن سيادة القانون والعدالة” التي أصبحت “هدفا” لهجمات اليمينيين المتطرفين منذ إدانة لوبان، حسب قولهم.
وفي الوقت الذي انتقد فيه كثيرون تحول المظاهرة التي نظمها حزب جان لوك ميلانشون إلى مسيرة داعمة للقضية الفلسطينية، لم يستطع آخرون إخفاء فشل “التجمع الوطني” في استقطاب أنصاره بما يكفي لتحويل هذا التظاهر لحدث كبير.
“انحراف دكتاتوري”
ويبدو أن غضب أنصار لوبان من الحكم الصادر ضدها وشمس الربيع الدافئة لم يكونا كافيين لملء ساحة فوبان أمام حصن ليزانفاليد، رغم توزيع نشطاء من التجمع الوطني العلم الفرنسي وقبعات بيضاء كتب عليها “أنا أدعم لوبان” مقابل 15 يورو (الدولار=0.91 يورو).
وتأتي هذه المظاهرة بعد ما يقرب من أسبوع على الحكم على مارين لوبان بالسجن 4 سنوات (اثنتان منها تحت المراقبة الإلكترونية)، وغرامة قدرها 100 ألف يورو، و5 سنوات من عدم الأهلية مع التنفيذ المؤقت في قضية المساعدين البرلمانيين الأوروبيين.
وفي حديث للجزيرة نت، أعرب “باتريك”، وهو أستاذ في جامعة باريس، عن تفاؤله من نتائج المظاهرة، قائلا “سعيد برؤية هذا التواصل بين الحزب والناس في الشارع، وسأشارك ثانية بأي مسيرة أخرى في المستقبل”.

من جانبها، وصفت “كلوي” الحكم على زعيمة اليمين المتطرف بـ”الانحراف الدكتاتوري للجمهورية”، وأكدت للجزيرة نت أن “الوقت قد حان لمواجهة الأطراف التي تهاجم لوبان، لأن إسكات المعارضة ومعاقبتها قضائيا أمر غير مقبول”.
ورغم إشادة رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا، بعدد المتظاهرين: “هناك 10 آلاف منكم”، فإن شرطة باريس أشارت لوجود 7 آلاف منهم.
وفي السياق، اعتبر عدد من المراقبين أن الأداء كان ضعيفا نسبيا مقارنة مع الدعم الذي حققه والد مارين، جان ماري لوبان، في فبراير/شباط 1998 عندما وقف أكثر من 10 آلاف من أنصاره في قصر فرساي للطعن في حكم محتمل بعدم الأهلية للترشح، أو حتى في 2017، عندما دعم أكثر من 30 ألف شخص المرشح فرانسوا فيون في ساحة تروكاديرو.
ضد اليمين
وبدأت المظاهرة اليسارية ضد اليمين المتطرف عند الواحدة ظهرا بمبادرة من حزب “البيئة” (الخضر) و”فرنسا الأبية”، وشارك بها 5 آلاف شخص، بينهم 1500 مؤيد لفلسطين، وفق مديرية شرطة باريس.
لكن المنسق الوطني للحزب اليساري مانويل بومبارد، الذي دعا إلى تنظيم مظاهرة أخرى في الأول من مايو/أيار القادم، أكد أن “أكثر من 15 ألف شخص شاركوا في المظاهرة ضد اليمين المتطرف في باريس”.
واعتبر بومبارد أن التجمع الوطني “حزب خطير على الديمقراطية وسيادة القانون” وأنه أظهر “وجهه الحقيقي”، مضيفا لوسائل إعلام محلية أنه “حزب عنيف يهدد حتى القضاة عندما لا يوافقون على القرارات التي تتخذها المحاكم”.
وقد انعقد في سان دوني اجتماع سياسي ثالث، وهو تجمع جماهيري بادر به رئيس حزب النهضة غابرييل أتال، إلى جانب حلفائه فرانسوا بايرو وإدوارد فيليب.

لأجل غزة
ومن ساحة الجمهورية المليئة بالمتظاهرين، تم إنزال اللافتات المناهضة لليمين المتطرف ومارين لوبان واستُبدلت بالأعلام الفلسطينية لتنطلق مسيرة متضامنة مع قطاع غزة عند الساعة الثالثة ظهرا على طول شارع ماغنتا باتجاه ساحة ستالينغراد.
وفيما تفرَّق بعض المتظاهرين، انضم آخرون إلى الموكب وهم يرتدون الكوفية الفلسطينية ولافتات تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة ومناهضة للصهيونية.
وفي مشهد تعبيري حزين، تجولت ناشطات يرتدين الثوب الفلسطيني بصمت وهن يحملن دمى ملطخة بالدماء (في إشارة إلى أطفال غزة)، وارتدى نشطاء آخرون زي الصحافة للتنديد باستهداف الصحفيين داخل القطاع المحاصر.

واعتبر عدد من المشاركين في المسيرة أن الهدف واحد كما جاء في عدد من الهتافات “مارين لوبان، بنيامين نتنياهو، معركة واحدة لإنهاء كل أشكال الفاشية”.
وقالت متظاهرة فرنسية للجزيرة نت “لم أغادر بعد انتهاء التجمع المناهض لليمين المتطرف ولوبان، لأن وقف إبادة الفلسطينيين يجب أن يكون أولوية الحكومة الفرنسية وجميع الأحزاب السياسية”.