قللت صحيفة معاريف من حجم التوقعات بشأن دعم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لإسرائيل في القضايا الإقليمية الحساسة، ولا سيما فيما يتعلق بالملف الإيراني والحرب على قطاع غزة والجهود الرامية لتوسيع اتفاقيات السلام، المعروفة بـ”اتفاقيات أبراهام”.
تحولات محتملة
في بداية التقرير، الذي كتبته المراسلة السياسية للصحيفة، أشارت آنا براسكي إلى أن الكثيرين في الحكومة الإسرائيلية صلّوا من أجل فوز ترامب، واعتبروا أن رئاسته تصب في مصلحة إسرائيل.
وتقول براسكي إن ترامب دعم إسرائيل خلال ولايته الأولى بقرارات حاسمة، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وتوقيع اتفاقيات أبراهام التي عززت علاقات إسرائيل بعدد من الدول العربية، ولكنها تثير سؤالا مهما، وهو “هل سيكون ترامب في ولايته الثانية متشددًا بالقدر نفسه تجاه قضايا الشرق الأوسط، أم سيتخذ نهجًا أكثر حذرًا؟”.
وتجيب على هذا السؤال بالقول إن من المحتمل حدوث تغيرات في مواقف الرئيس الأميركي الجديد، وتستشهد على ذلك بالتقلبات التي شهدتها سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق المتشدد أرييل شارون، الذي انقلب من داعم للمستوطنين إلى اتخاذ قرار الانسحاب من قطاع غزة وتفكيك مستوطناته في عام 2005 أثناء ولايته الثانية.
وتشير إلى أن أحد أبرز الأسئلة التي تحاول استشراف سياسات ترامب، تتعلق بموقفه من إيران، فرغم تصريحاته خلال حملته الانتخابية بأنه لا يعارض قيام إسرائيل بمهاجمة إيران، وأنه لن يقيّد يديها، فإن هذا الموقف قد لا يترجَم بالضرورة إلى دعم أميركي كامل لهذه الخطوة.
وتؤكد براسكي أن “إسرائيل لا يمكنها شن مثل هذه الهجمات من دون دعم أميركي فعّال، ما يعني أن أي حياد من طرف ترامب لن يكون كافيًا” لتمكين تل أبيب من مهاجمة إيران.
وتتابع “بالنسبة لترامب، رجل الأعمال الذي يفضل الصفقات، قد يكون فتح مفاوضات جديدة مع إيران خيارا أكثر جاذبية له من التورط في حرب جديدة، لذا، قد يميل ترامب إلى التفاوض من جديد على اتفاق نووي معدل بدلًا من خوض مواجهة مباشرة، ما يثير مخاوف لدى المسؤولين الإسرائيليين من إمكانية تقديم تنازلات لإيران”.
ثمن توسيع اتفاقيات أبراهام
كما ترى مراسلة معاريف أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تشهد محاولة لإحياء وتوسيع اتفاقيات أبراهام، خصوصًا مع التركيز على إبرام اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل. لكن السؤال الذي تطرحه الصحيفة هو “ما الثمن الذي قد تطلبه السعودية مقابل التطبيع؟”.
وتوضح أنه قد يكون من الشروط التي يمكن أن تفرضها الرياض، الاعتراف بدولة فلسطينية، وهي مسألة قد تثير جدلًا واسعًا داخل إسرائيل. وتشير إلى أن خطة ترامب للسلام، المعروفة بـ”صفقة القرن”، تضمنت إقامة دولة فلسطينية على نحو 70% من الأراضي كجزء من اتفاق السلام، لكن القدرة على تطبيق فعلي لهذا البند تبقى موضع تساؤل.
كما تلفت الكاتبة الانتباه إلى أن “العلاقة بين ترامب ونتنياهو قد تكون عاملا مؤثرًا في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل”، وترى أنه “على الرغم من التحالف الوثيق بينهما في الماضي، فإن علاقتهما مرت بصعوبات. حيث يبذل بنيامين نتنياهو حاليًا جهودًا لإعادة توطيد علاقته بترامب، وقد خاطر باستفزاز إدارة بايدن في سبيل ذلك”.
وتقول إن “ما سيحدث بعد تنصيب ترامب رسميًا قد يكشف ما إذا كانت العلاقة بينهما ستعود إلى أفضل حالاتها، خاصة وأن ترامب قد يتعامل مع نتنياهو إما كصديق حقيقي أو كحليف سابق”.
ويخلص التقرير إلى أن إسرائيل حذرة في توقعاتها بشأن تعامل ترامب مع قضايا الشرق الأوسط وإسرائيل، خاصة في ظل عدم وضوح خططه المستقبلية.
وتقول “بينما تأمُل إسرائيل دعما أميركيا شاملا، فإنها تدرك أن ترامب قد يتخذ مواقف أكثر اعتدالا وحذرًا مما كان عليه في السابق، وقد يفضل استكشاف صفقات جديدة تسعى إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة من دون تصعيد عسكري”.
وتختم براسكي بالقول إن “عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد لا تكون بالنهج نفسه الذي عهدته إسرائيل في ولايته الأولى، وقد تفرض على الحكومة الإسرائيلية ثمنا باهظا لتحقيق بعض أهدافها الإستراتيجية في المنطقة”.