مراسلو الجزيرة نت
الدوحةـ يرى عدد من الخبراء والسياسيين أن عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أظهرت انهيار المناعة الإسرائيلية وديمقراطيتها الزائفة وحصانتها الدولية، الأمر الذي يمكنه أن يحقق نتائج سياسية عظيمة للقضية الفلسطينية وقضايا الدول العربية.
وتم تسليط الضوء خلال الجلسة الأولى لمنتدى الجزيرة بنسخته الـ15، الملتئمة اليوم، والتي أقيمت تحت عنوان “طوفان الأقصى في سياق النضال الوطني الفلسطيني”، على التحولات العميقة التي أحدثتها عملية “طوفان الأقصى” وما أعقبها من حرب إسرائيلية على غزة، سواء على المستوى الفلسطيني والإسرائيلي أو على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ما الأسباب وراء تنفيذ عملية 7 أكتوبر؟ الدكتور مصطفى البرغوثي يجيب.. #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/DWkNimrIUD
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 25, 2024
تقدير حجم التضحيات
ويكشف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن عدد الشهداء الحقيقي في غزة وصل لأكثر من 45 ألف شهيد وأكثر من 180 ألف جريح، وهو ما يقدر نسبيا بمقتل وإصابة 18 مليون شخص في دولة مثل الولايات المتحدة.
هذه الإحصائية وإن باتت منطقية إلى حد كبير، فالهدف منها بحسب البرغوثي هو توضيح مدى التضحيات التي يقدمها سكان غزة بعد طوفان الأقصى، والتي يجب أن تدفع في اتجاه تشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة على البرنامج الكفاحي النضالي، داعيا القيادات الفلسطينية للارتقاء لحجم الدماء الفلسطينية، وتضحيات المقاومين على الأرض ليس في غزة فقط، وإنما في جنين ومخيم طولكرم ومخيم نور الشمس وفي القدس وكل أنحاء فلسطين المحتلة.
ويرى البرغوثي أن تضحيات الفلسطينيين اليوم أزالت العزلة التي كانت تعاني منها القضية الفلسطينية المنسية والمهمشة على مدار السنوات الماضية، وأعادت شحن جيل بكامله عربيا وعالميا بمشاعر العدالة، إضافة لحركة التضامن العالمي غير المسبوقة مع القضية الفلسطينية العادلة.
ويوضح أنه على مدار سنوات طويلة كانت إسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموما يحاولون حشر الفلسطينيين في مسار دبلوماسي عقيم وفاشل، ولكن هذا لم يوقف المسار النضالي الفلسطيني المتصاعد.
البرغوثي دعا القادة العرب لتقدير التضحيات الفلسطينية واستغلال 4 انهيارات إسرائيلية مهمة:
- انهيار المناعة الإسرائيلية والإيمان بالتفوق العسكري الذي انطلى على كثير من العرب.
- انهيار الادعاءات الإسرائيلية بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
- رفع الحصانة عن إسرائيل دوليا التي تمتعت بها أمام القانون الدولي على مدار عقود.
- إسقاط قدرة الحركة الصهيونية على توحيد كل اليهود في العالم تحت مظلة واحدة.
وقف التطبيع
يفترض البرغوثي على القيادات العربية توجيه المسارات الآن لقطع العلاقات مع تل أبيب، ووقف التطبيع معها نهائيا، فإسرائيل لن ترتدع ولن تنهار بقرارات المحاكم الدولية، وإنما بفرض العقوبات والمقاطعة والحصار الكامل عليها، وأول من يجب أن يفعل ذلك هي الدول العربية وليست جنوب أفريقيا وكولومبيا وبوليفيا التي أعلنت جميعها القطيعة الكاملة مع دولة الاحتلال.
رئيس منتدى الشرق وضاح خنفر ذهب إلى أبعد من ذلك، مؤكدا أن طوفان الأقصى تسبب بتشقق وتصدع ضخم في الوضع الدولي والعالمي، مما سمح ببروز قوى جديدة تناصر القضية الفلسطينية، فإسرائيل الحالية ليست إسرائيل التي نعرفها.
وضاح خنفر: النظام الدولي يتشقق ومستوى القيادة الإسرائيلية في انحدار#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/OFoGhwbMBx
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 25, 2024
التخبط الداخلي
يشير خنفر إلى أن التخبط الداخلي في إسرائيل كشف تكسر الحصانة التي كانت تتمتع بها منذ عقود، الأمر الذي يؤكد أن لا دولة في العالم قادرة اليوم على الدفاع عن إسرائيل وعن جرائم الإبادة التي تقترفها، منوها إلى أن الدعم الأميركي لتل أبيب أضر بواشنطن نفسها، وأضر بتل أبيب أكثر مما نفعها، لأن هذا الدعم سمح لها بأن تمعن في جرائمها البشعة وكشف حقيقتها النازية أمام العالم.
الوضع الإسرائيلي الداخلي في حالة انهيار تام يقول رئيس منتدى الشرق، وهو الآن أردأ من أي لحظة في تاريخ “الكيان المجرم” اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأخلاقيا، وهذه لحظة تاريخية في مسيرة النضال الفلسطيني، مشبها إياها باللحظة التي مر بها النضال الجزائري والفيتنامي والجنوب أفريقي.
وأكد أن طوفان الأقصى سيكتب في التاريخ على أنه بداية النهاية للاحتلال الإسرائيلي، وطالب القادة العرب بأن يكونوا في مستوى هذه اللحظات التاريخية لتغفر لهم شعوبهم كل الأزمات والأخطاء على مر التاريخ.
من جانبه أوضح مؤسس ورئيس مركز الخليج للأبحاث في المملكة العربية السعودية الدكتور عبد العزيز بن صقر أن تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل لم يقدم أي شيء لهذه الدول ولا حتى للقضية الفلسطينية، فعمليات التطبيع لم يكن لها أي دور فعلي على أرض الواقع، مؤكدا أن طوفان الأقصى دحر أي فكرة للتطبيع في الوقت الحالي.
وعما أشيع من تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل خلال الفترة القادمة، أكد صقر أن هذه “أنباء كاذبة” تروجها وسائل إعلام مدعومة إسرائيليا وأميركيا، فالرياض لن تقوم بأي نوع من أنواع التطبيع مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بقيام دولة فلسطينية قابلة للاستمرار بحسب قرارات القمة العربية 2002، وهذا أمر لا جدال فيه.
#منتدى_الجزيرة الخامس عشر يسلط الضوء على التحولات في المنطقة بعد الحرب على #غزة#قنا #قطر https://t.co/GfWTUKpM9j pic.twitter.com/GoUTcRnjes
— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) May 25, 2024
العالم بعد 7 أكتوبر
التحدي العربي الجوهري في هذا التوقيت بلوره نائب رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي الأردني السابق الدكتور جواد العناني في سياقات واحتمالات تجسدت في طوفان الأقصى، حيث أكد أن المنطقة والعالم قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده، لأن هذا التاريخ أظهر إسرائيل بوجهها المتطرف والبشع بقيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
يرى العناني أن النظام العالمي وما يعانيه من تمزق بعد طوفان الأقصى يعتبر مدخلا يمكن استثماره، فالولايات المتحدة تمر بأزمة كبيرة في المحيط الهادي، وأمامها تحديات صعبة ومثيرة، وهي غير قادرة على حماية مصالحها الكبرى في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط.
وتابع “وكذلك أوروبا وما تعانيه من الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثبتت انتصار الرئيس الروسي بوتين اقتصاديا، وهذا كله يوفر فرصة، يؤكد العناني، يجب اقتناصها بإستراتيجية جديدة تتطلب ذكاء أعلى واستراتيجيات متكاملة، ليس فقط لخدمة القضية الفلسطينية، بل لخدمة مصالح كل الدول والشعوب العربية”.