بعد 100 يوم من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وضمن استعادة أحداثها ومنعطفاتها، تعود إلى الواجهة وقائع لا تزال تثير الكثير من الأسئلة والجدل على الساحة الإسرائيلية، وهي اللحظة الأولى لتلك الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والتي حظيت بإجماع إسرائيلي ودولي بأنها صورة لفشل استخباري وعسكري، لا تزال ملابساته ومآلاته غامضة.
فبعد أشهر من تفاخر ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن الخرسانة المستخدمة لبناء الجدار الحدودي مع القطاع كافية لبناء طريق سريع من غزة إلى بلغاريا، تجاوز 1500 من مقاتلي كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الجدار بطائرات شراعية لا يتجاوز سعر الواحدة منها بضعة مئات الدولارات.
وبدأت العملية العسكرية المفاجئة التي قادتها حماس، وسمتها طوفان الأقصى بقصف آلاف الصواريخ على مدن غلاف غزة وصولا إلى تل أبيب ولتكسر صفارات الإنذار صمت القدس المحتلة، إيذانا ببدء حدث استثنائي في تاريخ إسرائيل الممتد لـ 75 عاما.
وبحسب كتائب القسام، فإن التعليمات لمقاتليها كانت مهاجمة غرفة عمليات غزة و أسر أكبر عدد من جنود الاحتلال، لكن الحركة تقول إنها تفاجأت من سرعة الانهيار الأمني في مدن غلاف غزة لتتسع رقعة الهجوم من البلدات والمستوطنات المتاخمة لحدود القطاع إلى ما هو أبعد.
فشل استخباراتي
ويرصد تقرير للجزيرة -أعد بمناسبة مرور 100 يوم على الحرب على غزة- اتهامات الفشل لقيادة الاحتلال السياسية والعسكرية التي تلت ذلك الهجوم، وأبعاد عملية طوفان الأقصى وما إذا كانت حركة حماس قد تلاعبت بإسرائيل استخباراتيا.
فوفقا لصيحفة نيويورك تايمز، حصلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قبل أكثر من عام على وثيقة سرية من 40 صفحة سميت بوثيقة “جدار أريحا” تتضمن خطة مفصلة لتنفيذ هجوم غير مسبوق ضد إسرائيل شبيه بهجوم 7 أكتوبر، وتتحدث عن وابل صواريخ وطائرات دون طيار، وعبور مقاتلين بمظلات وسيارات وسيرا على الأقدام.
وفي يوليو/تموز الماضي (قبل الهجوم بـ3 أشهر) حذرت مجندة من وحدة استخبارات النخبة 8200 من أن تدريبات عسكرية تجريها حماس على الحدود تحاكي خطة الهجوم التي تحدثت عنها وثيقة “جدار أريحا”، لكن تلك المعلومات قوبلت بأقل قدر من الاهتمام الأمني داخل أجهزة المخابرات والجيش.
ويحدد معهد الحروب الحديثة أسبابا 3 لفشل الاستخبارات الإسرائيلية في التنبؤ بهجوم السابع من أكتوبر، وهي الاستهانة بقدرات حماس وترسخ اعتقاد لديهم بأن تفوقهم العسكري قادر على صد أي هجوم، وإساءة فهم نوايا حماس المبيتة حيث أقنع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه بأن حماس قد ردعت تماما بعد مواجهة 2021.
وتقول نيويورك تايمز إن فكرة قيام حماس بتنفيذ هجوم كانت مستبعدة تماما إلى حد أن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية خفضوا التنصت على حركة الاتصالات اللاسلكية لحماس، وخلصوا إلى أن ذلك كان مضيعة للوقت، مشيرة إلى إن بعض ضباط وجنود فرقة غزة لم يعرفوا أنهم يتعرضون للهجوم إلا عندما دخل مقاتلو حماس إلى غرف نومهم.