مراسلو الجزيرة نت
غزة- في ظل إغلاق السلطات الإسرائيلية معابر غزة، منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات جديدة ومبتكرة لتعليم فنون الطهي بأقل الإمكانيات المتاحة وأبسطها.
وتعد هذه المبادرات، التي لاقت صدى ومتابعة واسعة من قبل الغزيين، خير دليل على صمود وصلابة سكان القطاع في مواجهة الحرب الإسرائيلية الشرسة عليهم منذ 18 شهرا.
“أحاول أن أقدم لأبناء شعبي ما يساعدهم في التغلب على الظروف الصعبة التي يعيشونها بفعل الحرب الإسرائيلية”، يقول الشيف الغزي محمد عامر وهو يستعد لتجهيز وجبة بسيطة أمام خيمته التي تؤويه بعد هدم طائرات الاحتلال منزله.
خيارات معدومة
ويضيف الشيف للجزيرة نت “في غزة الخيارات أمامنا معدومة؛ لكن نحاول أن نخلق شيئا من لا شيء، لقد اخترت تعليم أبناء شعبي الطعام الصحي وبإمكانيات محدودة مما يساعدهم على الصمود في وجه المجاعة التي يعيشونها منذ بدء الحرب الإسرائيلية عليهم”.
ويعتمد عامر، في تحضير مأكولاته، على المتاح من الخضراوات في الأسواق، والمزروعات التي يقوم بزراعتها بجوار خيمته، فضلا عن الأعشاب البرية التي تشكل إرثا ثقافيا للشعب الفلسطيني كالخبيزة واللوف.
كذلك يعتمد على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية للسكان، وعلى رأسها الأرز والمعلبات والمعكرونة، مشيرا إلى أن إغلاق الاحتلال للمعابر أدى إلى إيقاف هذه المساعدات، مما جعله يستخدم كمية قليلة حصل عليها قبل إغلاق المعابر بأيام.

ولجأ عامر إلى الحطب لإنجاح مبادرته بسبب نفاد الغاز من السوق، لكنه ومع طول فترة الحرب والحصار، هناك شح في هذه المادة “مما جعله يستبدله في أحيان كثيرة بالبلاستيك”. ويقول “الاحتلال رجع لحملة التجويع والحصار وإغلاق كامل للمعابر، وهذه السياسة صعبة بشكل كبير على السكان خصوصا في ظل الحرب الشرسة التي تشن عليهم”.
“مش لازم لحم ودجاج، الجود من الموجود، والحمد لله على كل حال”، هكذا يعلق عامر على انقطاع اللحوم من القطاع نتيجة منع سلطات الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية إلى غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي.

مشاركة
من جانبها، تحرص أم حمدي اليازجي من حي الشجاعية شرق مدينة غزة على مشاركة طريقة إعداد المأكولات البسيطة التي تقوم بطهيها على صفحتها على فيسبوك.
وتقول للجزيرة نت “أملي أن أقدم للغزيات طرقا جديدة لإعداد الطعام بإمكانيات بسيطة ورخيصة الثمن، كي أفيد أبناء شعبنا في ما يعينهم على تحدي الظروف الصعبة وانعدام الخدمات، لا سيما في ظل انقطاع الكثير من الأصناف التي كانت موجودة بغزة قبل الحرب”.
وهو ما جعلها تلجأ في الفترة الأخيرة إلى ما هو موجود في الأسواق من أصناف أوشكت على الانقطاع. وتحرص معظم العائلات الغزية على تناول ما تيسر من المساعدات التي تقدمها المؤسسات الخيرية، ووجبات جاهزة تقدمها التكايا كالأرز والعدس والفاصوليا والبرغل.
ونبهت اليازجي إلى أن الكثير من الأكلات ووجبات الطعام التي كانت تحرص العائلات الغزية على تناولها قبل الحرب اندثرت بفعل غلاء الأسعار، وإلى انقطاع الكثير من الأصناف من الأسواق بفعل ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، فضلا عن إغلاق الاحتلال للمعابر.

تحديات
كذلك يلعب نفاد غاز الطهي من الأسواق دورا في اعتماد الغزيين على التكايا، لأن “السواد الغالب من السكان لا يملك ثمن ما يعده من وجبات، لذلك يأتي الناس يوميا إليها للحصول على وجبة الغداء”.
وتشدد اليازجي على أن المطبخ الفلسطيني تقف أمامه الكثير من التحديات، خاصة في ظل التدمير الإسرائيلي المتعمد لكل ما يمت للتراث الفلسطيني بصلة. وفي ظروف القصف والمجازر، قد تضطر لوقف التصوير، وهناك بعض الحلقات تم وقف نشرها مراعاة لأحوال الناس.
وفي تصريح سابق للجزيرة نت، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أزمة جوع حادة تهدد سكان قطاع غزة، في ظل استمرار القصف والأعمال العسكرية.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، خلفت حتى الآن أزيد من 166 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الأسرى.