القدس المحتلة- أغلق الاحتلال باب المغاربة، اليوم الخميس، بعد اقتحام 460 مستوطنا متطرفا ساحات المسجد الأقصى المبارك احتفالا برأس السنة العبرية التي ينطلق معها موسم الأعياد اليهودية الأطول، وهو أحد أقسى المواسم التي تمر على أولى القبلتين كل عام.
وينطلق الموسم بعيد رأس السنة العبرية، الذي يُعتبر عيدا دينيا يحل في اليومين الأول والثاني من شهر “تشري” من التقويم العبري، وتبدأ به هذا اليوم السنة 5785 العبرية.
وقد يكون أكبر مكسب تمكنت جماعات الهيكل المتطرفة من تحقيقه هو نجاحها في تمرير اقتحامات هادئة؛ بسبب ضعف وجود المصلين في ساحات الأقصى، بعد أن منعت شرطة الاحتلال المتمركزة على الأبواب أعدادا كبيرة من الدخول، أو فرض عقوبة الإبعاد عن الأقصى بأمر من مخابرات الاحتلال الإسرائيلي.
عشرات المستوطنين برفقة أطفالهم يؤدون طقوس السجود الملحمي في المنطقة الشرقية بالمسجد الأقصى بمناسبة رأس السنة العبرية.
يذكر أن جماعات الهيكل كانت قد أعلنت عن توفير حافلات مجانية لنقل المستوطنين لاقتحام الأقصى خلال فترة الأعياد. pic.twitter.com/YuuXPcoIkk
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) October 3, 2024
دلالات خطيرة
وبالإضافة لذلك فإن كل من حاول من المبعدين الوصول إلى محيط المسجد الأقصى أُبعد بالقوة من خلال ملاحقة جنود الاحتلال له في أزقة البلدة القديمة من القدس، ليتسنى للمستوطنين التجول فيها بهدوء بعد الاقتحام، وشوهد البعض منهم يتجول بسلاحه، وسمع مقدسيون أصوات “النفخ في البوق” أثناء تجولهم في القدس العتيقة.
ورغم أن هذا ليس العام الأول الذي يتمكن فيه المتطرفون من أداء طقس النفخ في البوق داخل الساحات، فإنه الأول الذي يُنفّذ فيه هذا الطقس في ظل الحرب التي شهد المسجد الأقصى خلالها أكبر تضييق منذ احتلاله عام 1967.
وعن دلالة أداء طقس النفخ في البوق (“شوفار” بالعبرية) داخل المسجد الأقصى للعام الرابع على التوالي، أوضح الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص -في حديث سابق للجزيرة نت- أن هذا الطقس يرمز للتفوق والسيادة “لذلك نفخ حاخام جيش الاحتلال شلومو غوريون بالبوق على جبال سيناء عند احتلالها عام 1956، وعند تلة المغاربة عند احتلال شرقي القدس عام 1967، ولذلك ينفخ المستوطنون بالبوق في “عيد الاستقلال” (النكبة) سنويا”.
والأخطر من ذلك بنظر الباحث ابحيص، هو أن النفخ في البوق علامة بدء مرحلة جديدة من الزمن، فهو يفصل بين السنوات العبرية، وهو بداية يوم القيامة وبهذا يكون نفخ البوق في الأقصى بنظر جماعات الهيكل يفصل بين زمانين “زمان هويته الإسلامية الذي يتوهمون أنه انتهى وزمان تهويده الذي يظنون أنه بدأ”.
وبالإضافة لهذا الانتهاك فإن عشرات المقتحمين رقصوا وصفّقوا وغنّوا وأدوا طقس السجود الملحمي (الانبطاح أرضا) بشكل جماعي في الساحات الشرقية للمسجد بحماية شرطة الاحتلال، وحرص بعضهم على ارتداء ثياب الكهنة التوراتية البيضاء خلال الاقتحام، وذلك تمهيدا لإحياء طبقة الكهنة ولقيادتهم صلوات اليهود في الأقصى باعتباره “مقدسا يهوديا”.
يعتبره مراقبون أكثر مواسم العدوان على الأقصى شراسة.. تعرف إلى عيد رأس السنة العبري (روش هشناه)، والذي يبدأ اليوم وفقا للتقويم العبري. pic.twitter.com/w46os5NMyB
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) October 3, 2024
احتقان وتوتر
وفي تعقيبه على الانتهاكات التي سُجلت في ساحات المسجد الأقصى ومحيطه منذ صباح اليوم، قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي إن سلطات الاحتلال كعادتها تستغل كل مناسبة من أجل تدنيس المسجد والاعتداء عليه وعلى المصلين.
وأضاف للجزيرة نت، أنه في هذا العام يزداد الوضع سوءا وخطورة لأن انتهاكات سلطات الاحتلال والمتطرفين المقتحمين للأقصى ازدادت جرأة استغلالا للحرب.
وقال “نرى أمورا ما كنا نتوقع أن نراها في السابق؛ تطور شكل الاقتحامات والاعتداءات بشكل لافت بالتزامن مع منع المصلين المسلمين من الوصول لمسجدهم والصلاة فيه وإعماره، وهذا اعتداء صارخ”.
كل ذلك، يؤكد الهدمي، أنه يصب الزيت على النار ويزيد من حالة التوتر والاحتقان في القدس وفي كل فلسطين. وفي الوقت ذاته يشير إلى أن مسار التهويد الإستراتيجي لدى سلطات الاحتلال فيما يخص المسجد الأقصى -الذي يعتبر بؤرة الصراع وعنوان السيادة في القدس وفلسطين- مستمر رغم كل الظروف والتحديات والخطورة التي تؤدي إليها هذه الاقتحامات والاعتداءات.
وختم الهدمي بالقول إن الواقع صعب والاحتلال يدفع بالمنطقة نحو الهاوية والمواجهة الشاملة في كل مكان، ويضيّق بشكل غير مسبوق على الفلسطينيين الذين لا يملكون إلا أجسادهم للدفاع عن مقدساتهم وحقهم الأصيل في حرية العبادة والحضور في مسجدهم وعلى أرضهم “أرض فلسطين”.
وبانتهاء العدوان على الأقصى في رأس السنة العبرية، فإن المسجد على موعد في الأسابيع القادمة مع انتهاكات قادمة ستسجل في كل من يوم الغفران، وعيد العُرش، وما تسمى “ختمة التوراة”. ويتطلع المتطرفون لإدخال قرابين العُرش النباتية وتقديمها في ساحاته، وهو الانتهاك الذي سُجّل 3 مرات في عيد العُرش العام المنصرم.