استنكرت الحكومة الفرنسية واليسار اتهام السفير الأميركي تشارلز كوشنر لفرنسا بمعاداة السامية، واعتبراه خلطا بين النقد المشروع لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعاداة السامية، غير أن اليمين المتطرف لم يجد في الأمر ما يثير الكلام.
وقالت صحيفة ليبراسيون إنه ليس من المعتاد أن نرى اليسار يتفق مع الرئيس إيمانويل ماكرون، ولكن الرسالة اللاذعة التي وجهها تشارلز كوشنر إلى الخارجية الفرنسية، منددا بعدم اتخاذ الرئيس “إجراءات كافية” لمواجهة تصاعد معاداة السامية في فرنسا، لقيت استنكارا واسع النطاق من مختلف الأطياف السياسية، مع بعض الاختلافات الطفيفة.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم هوغو رينو- أن الحكومة على لسان الوزير المنتدب للتجارة الخارجية لوران سان مارتن نددت بـ”التصريحات الخطأ وغير المقبولة مطلقا”، وقالت إن “فرنسا ليس لديها ما تتعلمه في مكافحة معاداة السامية”، ثم استدعت السفير الأميركي لتفسير مضمون هذه الرسالة، وتذكيره بالقانون الدولي الذي ينص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة التي يقيم فيها السفير”.
وقالت الوزيرة المنتدبة لمكافحة التمييز أورور بيرجي إنه “لا لبس في نضال الدولة” في هذه القضية، وأضافت “لا يوجد أي تصريح أو موقف أو إجراء غامض من جانبنا، سواء من جانب وزير الداخلية أو وزير العدل أو حتى رئيس الجمهورية، في مكافحة معاداة السامية”.
غير مقبول
وتعرضت تصريحات السفير لانتقادات لاذعة من يسار الطيف السياسي، وتحدث الرئيس السابق فرانسوا هولاند عن “رسالة تستغل معاداة السامية”، وكأن “كل انتقاد موجه لحكومة نتنياهو وسيلة لتشجيع معاداة السامية أو حتى دعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهذا أمر غير مقبول”، على حد قوله.
وترددت النبرة نفسها على لسان كليمنتين أوتان، العضوة السابقة في حزب فرنسا الأبية، وقالت إن “انتقاد ماكرون ممكن لأسباب عديدة، ولكن ليس لغموضه بشأن معاداة السامية”، ورأت أن هدف الرسالة الوحيد هو مساواة أي انتقاد لسياسات إسرائيل بعمل معاد للسامية.
شكليا، ليس من مسؤولية السفير الأميركي إعطاء دروس، وفي الجوهر، يؤسفني القول إنه محق، لأن الدولة الفرنسية وحكومة ماكرون لم تفعل شيئا لمكافحة الكراهية المتفجرة لليهود
كما أعربت ماتيلد بانو، زعيمة حزب فرنسا الأبية في الجمعية الوطنية، عن غضبها الشديد، مؤكدة أن ماكرون “ليس وحده المعرض للهجوم، بل الشعب الفرنسي بأكمله”، وقالت إن “الرسالة تنص على أن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين هو ما يهدد الهوية اليهودية في فرنسا. لا أحد يستطيع قبول هذا”.
وفي أقصى اليمين، كان الغضب أكثر تفصيلا، وقال النائب جوليان أودول من حزب التجمع الوطني “شكليا، ليس من مسؤولية السفير الأميركي إعطاء دروس، وفي الجوهر، يؤسفني القول إنه محق، لأن الدولة الفرنسية وحكومة ماكرون لم تفعل شيئا خلال السنوات التي قضوها في السلطة لمكافحة الكراهية المتفجرة لليهود”.
وذكرت الصحيفة أن نحو 646 حادثة معادية للسامية سجلت في فرنسا بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2025، بانخفاض قدره 27.5% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024. ومع ذلك، لا تزال هذه الأرقام أعلى بكثير من تلك المسجلة في النصف الأول من 2023، قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حسب البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية.